أكد الوزير الأول عبد المالك سلال، أول أمس، بفرنسا، أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، يوجد في صحة جيّدة"، و"هو يشرف على تسيير أمور البلد"، مبرزا من جانب آخر تطابق وجهات النظر بين الجزائروفرنسا حول المسائل الأمنية. وقال السيد سلال، خلال الندوة الصحفية التي نشطها مناصفة مع نظيره الفرنسي مانويل فالس، عقب اختتام أشغال الدورة الثانية للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية-الفرنسية رفيعة المستوى، أن "الرئيس بوتفليقة أجرى مؤخرا فحصا طبيا بفرنسا وهو في صحة جيّدة ويشرف على تسيير أمور البلد وبإمكاني تأكيد ذلك"، كاشفا عن عرض تقدم به للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، من أجل زيارة الجزائر والاطلاع على الوضع الصحي للرئيس "الذي هو في تحسّن مستمر". وفي حين أعرب عن اعتقاده بأن الرئيس الفرنسي "لا يمانع الفكرة"، أكد سلال في سياق متصل بأن "الجزائر قوية بمؤسساتها وهي تسير بشكل عادي". من جانب آخر أكد الوزير الأول، على تطابق وجهات النظر بين الجزائروفرنسا حول تصور وطريقة معالجة المشاكل المتعلقة بالأمن، مشيرا إلى أن المباحثات التي أجراها بباريس مع المسؤولين الفرنسيين، تناولت المسائل المتعلقة بالأمن والمشاكل التي تعترض المنطقة، وكذا الإشكاليات التي يواجهها الشرق الأوسط. وأوضح في هذا الصدد أن الجزائر التي تبحث عن السلم، وتعمل مع الشريك الفرنسي لاسيما فيما يتعلق بالمنطقة، على قناعة بأن الطرفين سيتوصلان إلى نتائج بفضل هذا التعاون. تعاون ممتاز بين البلدين في المجال القضائي وفي رده على سؤال حول اغتيال رهبان تيبحيرين، ذكر الوزير الأول، بأن هذا الفعل حدث في وقت كانت تعيش فيه الجزائر موجة إرهاب واجهتها لوحدها، مذكّرا بأن الجزائريين دفعوا الثمن باهظا خلال تلك الفترة بمقتل 200 ألف شخص، وخسارة عشرات الملايير من الدولارات. وإذ اعتبر مقتل الرهبان السبعة في 1996، مأساة مؤلمة مسّت أشخاصا محبوبين لدى الجميع، أكد السيد سلال، تعاون السلطات الجزائرية مع القاضي الفرنسي المكلف بالقضية، وكذا مع القاضي الجزائري، مبرزا وجود تعاون ممتاز في المجال القضائي بين الجزائروفرنسا، حيث ذكر في هذا الشأن بالإنابات القضائية التي أطلقها القضاة الفرنسيون والجزائريون المكلفون بهذه القضية، وكذا بحضور القاضي وخبراء فرنسيين خلال أخذ عيّنات من جماجم الضحايا بالجزائر، ليخلص إلى أنه "لا يوجد أي مشكل فيما يخص تطور الملف، وأؤكد لكم ذلك مجددا فنحن نعالج هذه القضية بتحكّم تام". وفي سياق متصل تطرق الوزير الأول، إلى قضية اغتيال الرعية الفرنسي هرفي غوردال، ليؤكد مجددا أن الحكومة الجزائرية والقوات الأمنية عازمة على متابعة هذه القضية حتى النهاية. وبعد أن ذكر بأن قضاة جزائريين باشروا إجراءاتهم في هذه القضية، وأن القوات الأمنية لا زالت تواصل البحث عن جثة الضحية والإرهابيين ال21 المتورطين في هذا الاغتيال، بعد أن تم القضاء على إرهابي من ضمن المجموعة في نهاية أكتوبر الماضي، ألح السيد سلال، على أن السلطات الجزائرية التي ستتابع القضية حتى النهاية، "لا تقدم تنازلات عندما يتعلق الأمر بالإرهاب الذي أضحى تحديا حضاريا"، معتبرا في نفس الإطار أن العالم بأسره ينبغي أن يكون على وعي بهذا الوضع، "ويجب علينا أن نتابع هذه القضايا حتى النهاية لأن الأمر يتعلق بالقيم الإنسانية". وإذ جدد بالمناسبة موقف الحكومة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب، اغتنم سلال الفرصة ليذكّر برد فعل الجزائر الصارم عقب الهجوم الإرهابي الذي استهدف الموقع الغازي لتيڤنتورين بمنطقة إن أمناس. فالس: الجزائر كافحت وانتصرت على الإرهاب بمفردها من جهته وصف رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، التعاون الجزائري الفرنسي في المجال القضائي بالإيجابي ولا سيما ما تعلق منه بالقضايا المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وأكد بالمناسبة بأن الجزائر كافحت الإرهاب وانتصرت عليه بمفردها.. وأوضح فالس، بأن فرنسا تعي جيدا مدى معاناة الجزائريين من ويلات الإرهاب، وكفاحها ضد هذه الآفة وانتصارها عليها بمفردها، قائلا في هذا الخصوص "لا يجب أن ننسى ما تكبّدته الجزائر وشعبها جراء الحرب ضد الإرهاب". وتطرق رئيس الوزراء الفرنسي، إلى التعاون القضائي بين البلدين في مجال القضايا المتعلقة بالإرهاب ولا سيما قضية رهبان تيبحيرين وقضية اغتيال هرفي غوردال، حيث أوضح في هذا الخصوص بأن السلطات القضائية الجزائرية والفرنسية تتعاون بشكل إيجابي حول هذه القضايا، مجددا شكره للسلطات الجزائرية لما خص به الوفد الفرنسي الذي ضم قضاة وخبراء من استقبال وثقة، إضافة إلى الإمكانيات التي وضعت تحت تصرفه. كما أكد على وجود تبادل وتعاون نوعي بين سلطات البلدين حتى بعد اغتيال هرفي غوردال، "لأن البلدين كانا متحدين في هذه المحنة"، مشيرا إلى أنه إضافة إلى العمل حول مسألة التعاون الثنائي فإن التعاون بين الجزائروفرنسا في مجال مكافحة الإرهاب ثمين، والتنسيق حول المسائل الاقليمية ممتاز كذلك". من جانب آخر ثمّن فالس دور الجزائر في إيجاد تسوية للمشاكل التي تعاني منها بعض دول المنطقة، وإذ أكد بأنها تقوم بوساطة جد هامة في مالي، اعتبر جهودها فيما يخص ليبيا جد مفيدة "وذلك من منطلق إدراك البلدين بأن ليبيا تمثل اليوم أهم التحديات الأمنية التي يجب عليهما وعلى كل دول المنطقة مواجهتها خلال الأشهر المقبلة". وفي تقييمه للعلاقات بين البلدين بشكل عام، أبرز رئيس الوزراء الفرنسي، أن الكثير من الأمور المرتبطة بدعم هذه العلاقات تحققت على أرض الواقع، وأن الحوار متواصل على مستوى وثيق بين البلدين، وفيما أعلن عن زيارته المقررة قبل نهاية العام المقبل إلى الجزائر، من أجل عقد الدورة الثالثة للجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى، خلص السيد فالس، إلى القول بأن "الجزائروفرنسا تنظران إلى نفس الاتجاه نحو المستقبل". وكان الوزير الأول عبد المالك سلال، الذي استقبل بمناسبة تواجده بفرنسا من قبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، بقصر الإيليزي، قد اجتمع مع نظيره مانويل فالس، في محادثات بقصر ماتينيون توسعت إلى أعضاء الوفدين، حيث حضرها عن الجانب الجزائري كل من وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، ووزير السكن والعمران والمدينة عبد المجيد تبون، ووزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، ووزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي محمد مباركي، ووزيرة الثقافة نادية لعبيدي، فيما ضم الوفد الفرنسي وزراء الشؤون الخارجية لوران فابيوس، الداخلية برنار كازنوف، الاقتصاد ايمانويل ماكرون، التربية والتعليم العالي والبحث العلمي نجاة فالو بلقاسم، الثقافة فلور بيلران، وكذا وزير المدينة والشباب باتريك كانر. كما جمعت وزيري خارجيتي البلدين رمطان لعمامرة، ولوران فابيوس، على هامش أشغال اللجنة المشتركة الرفيعة المستوى، محادثات تناولت ملفات التعاون الثنائي والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وأكد السيد لعمامرة، الذي وصف المحادثات التي جمعت السيد سلال، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، بالمثمرة جدا، بأن العلاقات بين الجزائروفرنسا تشهد كثافة وحجما لم يتم بلوغهما في الماضي، وأشار إلى أن مسؤولي البلدين أمامهما وعود كثيرة عليهم العمل على تجسيدها من خلال رفع كافة العراقيل التي تعترض تقدم ملفات تعاونهما، مبرزا قناعة الطرفين بأنه لا يوجد بديل لعلاقة متينة وقوية بين البلدين اللذين يضطلعان معا بدور جد هام على الساحة الدولية". بدوره أكد لوران فابيوس، بأن مساعي الجزائر على الصعيد الدولي جد مفيدة وايجابية، معربا عن ارتياحه للمستوى الذي بلغته العلاقات الجزائرية الفرنسية. وأشار رئيس الدبلوماسية الفرنسية في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، إلى أن العلاقات بين البلدين بلغت أعلى مستوياتها، مؤكدا بأن زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال، إلى باريس والتي كانت حسبه منتظرة من الجانب الفرنسي، وكذا من الجانب الجزائري "ستسمح بتحقيق تقدم في العلاقات التي تربط البلدين والتي تعد ممتازة على كافة الأصعدة".