لم تمر سنة 2014 بسلام على قطاع الفلاحة والتنمية الريفية، الذي سجل العديد من الأحداث التي انعكست سلبا على مردودية الإنتاج وتموين السوق الذي سجل هو الآخر أعلى مستويات الأسعار، وهو ما دفع بالوزارة الوصية إلى إعادة النظر في نظام ضبط المنتجات الفلاحية ”سيربلاك”.ومن بين أبرز ما طبع السنة الفلاحية هو انخفاض إنتاج القمح ب15 مليون قنطار، بالإضافة إلى ارتفاع الطلب على منتوج البطاطا مما جعل أسعارها تتجاوز العتبة التي ضبطتها الوزارة. من جهتها أقدمت المصالح البيطرية على ذبح أكثر من مليون رأس بقر بين جويليةوأكتوبر بسبب انتشار فيروس الحمى القلاعية، مع إطلاق ثلاث حملات وطنية للتلقيح لحماية ما تبقي من الثروة الحيوانية، من جهة أخرى تقرر تدعيم عمل المصالح البيطرية من خلال التوقيع على اتفاقية توأمة مع الاتحاد الأوروبي لإطلاق أكبر حملة لجرد رؤوس الماشية. ومقارنة بالسنوات الفارطة، فقد بلغ انخفاض قيمة الإنتاج الفلاحي أكثر من 30 بالمائة، وهو ما أرجعه وزير الفلاحة والتنمية الريفية، السيد عبد الوهاب نوري، في آخر لقاء تقييمي للقطاع إلى حالة الجفاف التي ضربت الجزائر هذه السنة، ناهيك عن احتكار المضاربة لعدة منتجات فلاحية واسعة الاستهلاك لم يتمكن نظام ”سيربلاك” من ضبطها. ومن بين المنتجات الفلاحية التي عرفت طلبا كبيرا عليها ”البطاطا” التي بلغ إنتاجها 44 مليون قنطار غير أن أسعارها كانت مضبوطة من طرف المضاربين الذين لجأوا إلى تخزين المنتوج في غرف التبريد حتى يتم رفع سعره خاصة في المناسبات والأعياد، وهو نفس حال باقي المنتجات الفلاحية على غرار الكوسة، الطماطم، الخس التي ارتفعت أسعارها إلى 100دج.وأمام هذا الوضع تقرر فتح ورشة يؤطرها خبراء وإطارات من الوزارة لتحديد نقائص نظام ”سيربلاك” بهدف تدعيمها، مع السهر على تحسين ظروف العمل بالنسبة للمهنيين وتوفير كل أنواع العتاد اللازم بالنسبة لموسم الحرث والبذر وحتى الجني لحل إشكالية نقص اليد العاملة. أما فيما يخص إنتاج اللحوم البيضاء فقد عرفت هي الأخرى انخفاضا محسوسا بسبب عدة مشاكل تخص ارتفاع سعر تغذية الدواجن في الأسواق العالمية، مما جعل مربي الدواجن يعزفون عن نشاطهم، في الوقت الذي اتسعت فيه دائرة احتكار المنتجين الكبار للسوق وهم الذين لا يزيد عددهم عن 10 منتجين فقط، بالمقابل عرفت أسعار اللحوم البيضاء ارتفاعا قياسيا من شهر إلى آخر لتصل إلى 370 دج للكيلوغرام الواحد نهاية السنة.أما فيما يخص إنتاج اللحوم الحمراء فقد بقيت بورصة الأسعار عند عتبة 1200 دج، ويتوقع أن تعيد وزارة الفلاحة، حساباتها بالنسبة للثروة الحيوانية السنة المقبلة، بعد إطلاق أكبر حملة لجرد عدد رؤوس الماشية، علما أن الأرقام التي تترد على لسان مسؤولين من الوزارة تتطرق إلى وجود 22 مليون رأس غنم. الحمى القلاعية تتسبب في ذبح أكثر من مليون رأس بقر في حين عرف إنتاج اللحوم الحمراء هذه السنة تذبذبا كبيرا بسبب انتشار فيروس الحمى القلاعية الذي وصل إلى ولاية سطيف بتاريخ 27 جويلية، قادما من تونس بسبب تهريب رؤوس بقر مريضة إلى الأسواق الجزائرية، وهو الفيروس الذي كلّف خزينة الدولة أموالا طائلة بسبب إصدار المصالح البيطرية قرارات تخص ذبح أكثر من مليون رأس ثبت إصابتها بالمرض، مع دفن أكثر من 5 آلاف رأس نفقت بسبب المرض. بالمقابل سارعت وزارة الفلاحة إلى استيراد أكثر من 3 ملايين جرعة لقاح من أكبر المخابر العالمية لتلقيح كل رؤوس البقر على مرحلتين لضمان عدم إصابتها، كما شرع في تعويض المربين المتضررين من خلال تقديم دعم مالي يساوي 80 بالمائة من قيمة البقرة في السوق، على أن يستفيد المربي من أسعار اللحوم التي تم بيعها بالمذابح تحت مراقبة بيطرية مشددة. ورغم ارتفاع عدد الأبقار التي وجهت للمذابح في الفترة الممتدة من جويلية إلى أكتوبر، بعد التأكد من إصابتها بالفيروس، إلا أن ذلك لم يكن له انعكاس على الأسعار التي لم تراوح عتبة 800 دج للكيلوغرام الواحد بالنسبة للحم البقر. كما أن قرار الوزارة القاضي بغلق أسواق بيع الماشية طوال فترة انتشار الفيروس كان له انعكاسات سلبية، حيث وجد المربون أنفسهم أمام إشكالية تموين قطعانهم بأغذية الأنعام التي ارتفعت أسعارها بسبب الطلب الكبير عليها، وهو ما تزامن مع عيد الأضحى الأمر الذي جعل أسعار الأضاحي تعرف ارتفاعا جنونيا تواصل إلى غاية عشية العيد.غير أن الأمر الايجابي بالنسبة لقرار غلق الأسواق هو تحكّم البياطرة في انتشار الفيروس والقضاء عليه نهائيا مع نهاية شهر أكتوبر، مع تدعيم كل المخابر بكميات إضافية من اللقاح. أما فيما يخص إنتاج الحليب فقد استقر الإنتاج عند عتبة 3,5 ملايير لتر من الحليب الطازج، في الوقت الذي يبلغ فيه الطلب الوطني على هذه المادة 5 ملايير لتر سنويا، وهو ما يجعل الديوان الوطني للحليب، مطالب باستيراد 2 مليار لتر من بودرة الحليب سنويا.غير أن إشكالية إنتاج الحليب لا تتوقف عند هذا الحد، بل عرفت هذه السنة عدة حركات احتجاجية وسط الموزعين، مما جعل أكياس الحليب نادرة في العديد من الأحياء، وغالبا ما لجأ الباعة إلى رفع سعر الكيس من 25 دج إلى 50 دج في غياب المراقبة، علما أن الحليب مصنّف ضمن قائمة المنتجات المدعمة من طرف الدولة. الولايات الصحراوية على رأس قائمة ترتيب الولايات الأكثر إنتاجا لا تزال ولايات كل من الوادي، بسكرة ووادي سوف تتصدر قائمة الولايات الأكثر إنتاجا لمختلف المنتجات الزراعية على غرار، البطاطا، الطماطم، الفلفل الأخضر، الخس، الكوسة والبصل، فهي تدعم الإنتاج المحلي ب18 بالمائة. وقصد الرفع من مردودية الإنتاج الفلاحي بالولايات الجنوبية تقرر الرفع من قيمة الدعم الموجه للفلاحين، مع ضمان توفير مياه السقي عبر التقنيات الحديثة ومرافقة المهنيين من طرف المرشدين الفلاحين لتوجيه النشاط حسب طبيعة المنطقة.من جهة أخرى تتوقع مصالح الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، الانتهاء من ملف عقود الامتياز في الأيام القليلة القادمة بعد أن تمت معالجة منذ بداية سنة 2012 أكثر من 90 بالمائة من الملفات، والبقية تخص الملفات التي حولت إلى العدالة للبت فيها بسبب بيع بعض الفلاحين لأراض هي ملك للدولة دون الرجوع إلى الوصاية. ومع نهاية السنة أعلن رسميا عن إطلاق عمل المرصد الوطني للفروع الفلاحيةوالصناعات الغذائية، وهو هيئة رقابية تعهد لها مهمة جمع كل المعطيات المتعلقة بالإنتاج والتسويق بغرض تحليلها من طرف الخبراء والباحثين، وهو ما يسمح بتحديد النقائص واقتراح الحلول الكفيلة بالرفع من مردودية الإنتاج حسب خصوصية كل منطقة.
وزارة الموارد المائية تحصي ضياع ملياري متر مكعب بسبب أنظمة السقي التقليدية الحديث عن قطاع الفلاحة يجعلنا نتطرق إلى إنجازات قطاع الموارد المائية بالنظر إلى الارتباط القوي ما بين القطاعين، خاصة وأن التفكير حاليا يدور حول دراسة جديدة تعدها الجزائر بالتنسيق مع مكتب دراسات إسباني لتحديد إمكانية إنجاز محطات لتحلية مياه البحر تخصص للقطاع الفلاحي فقط.وتخصص الوزارة سنويا 60 بالمائة من احتياطي المياه بالسدود لدعم أنظمة السقي العصرية المبنية على السقي التكميلي والرش المحوري، وتتوقع رفع المساحات المسقية عبر هذه الأنظمة الاقتصادية إلى مليوني هكتار نهاية 2019، علما أن 52 بالمائة من الأراضي الفلاحية اليوم مسقية بأنظمة السقي التقليدي.تتوقع وزارة الموارد المائية، المساهمة في اقتصاد المياه الموجهة للفلاحة بنسبة 30 بالمائة بعد إطلاق جملة من المشاريع لتجهيز الديوان الوطني للسقي الفلاحي، بعتاد عصري لضمان سقي محيطات فلاحية كبيرة.كما تميزت هذه السنة بتخصيص المياه المطهرة عبر 156 محطة للتطهير لسقي العديد من المستثمرات الفلاحية خاصة مزارع الأشجار المثمرة، مع توزيع الطمي مجانا على المزارعين حتى يستغل كأسمدة طبيعية مخصبة للتربة، ولهذا الغرض تم إطلاق دراسة مع شريك كوري لإعداد مخطط وطني توجهي لإعادة استعمال الطمي في عدة قطاعات أخرى. وعلى صعيد آخر فقد بلغ عدد السدود عبر التراب الوطني 72 سدا وهو ما سمح بتخزين 7 ملايير و400 مليون متر مكعب كإحتياطي، في حين تعرف 50 بالمائة من السدود نسبة امتلاء 100 بالمائة.وفي إطار تنويع مصادر إنتاج المياه يتم حاليا استغلال 11 محطة لتحلية مياه البحر من أصل 13 محطة، وذلك بطاقة إجمالية تصل إلى 2 مليون و260 ألف متر مكعب يوميا، وهو ما ساهم بشكل كبير في الرفع من عدد الزبائن الذين يتم تموينهم يوميا بدون انقطاع إلى 45 بالمائة. ومن بين أهم إنجازات القطاع لهذه السنة هو الشروع في تموين العديد من البلديات النائية بمياه الشرب بصفة منتظمة، مع الرفع من عدد الخزانات عبر كل التجمعات الحضرية والحد من نسبة اضطرابات التزويد بمياه الشرب. وبهدف القضاء على الفواتير الجزافية تقرر توظيف الشباب البطال لإعطاء دفع لعملية وضع العدادات، مع تكوينهم في مجال صيانة وترميم شبكات توزيع وصرف المياه. كما تميزت سنة 2014 بإطلاق أشغال إنجاز ثلاثة بواخر لرفع الأوحال بقيمة مالية تصل إلى 140 مليار سنتيم، وهي أول تجربة ستقوم بها المؤسسة الجزائرية للتجهيزات الصناعية ”أليكو” بالتنسيق مع شركة إسبانية متخصصة في التجهيزات، وهي البواخر التي ستسمح برفع ما قيمته 54 مليون متر مكعب من الوحل، وهو ما يمثل 10 بالمائة من طاقة تخزين السدود.