ووري جثمان المجاهدة جاكلين قروج، أمس، الثرى بمربع الشهداء بمقبرة العالية بالعاصمة، في جو مهيب حضره وزير المجاهدين الطيب زيتوني، ومجاهدون ومؤرخون وجامعيون وكذا أصدقاء وأعضاء من عائلة المجاهدة الراحلة. وفي كلمة تأبينية قرأها ممثل عن وزارة المجاهدين، تم إبراز مشوار المناضلة الراحلة ومدى حبها للجزائر والتزامها بالقضية الجزائرية ونضالها ضد الظلم واللامساواة. وتعتبر جاكلين قروج، من أولئك الذين كانوا مقتنعين باستقلال الجزائر واسترجاع شعبها لحريته، وهو الذي تبنّته وخاضت من أجله كفاحا باسلا ضد الاستعمار الفرنسي. وكانت جاكلين قروج، المولودة بمدينة رووان بفرنسا في سنة 1919، جاءت إلى الجزائر سنة 1948، حيث عملت كمدرسة لغة فرنسية بشتوان بتلمسان خلال الفترة الممتدة بين 1948 و1955. وانضمت المجاهدة التي كانت زوجة المجاهد عبد القادر قروج، المدعو جيلالي إلى شبكة لجنة الدفاع عن الحريات وانخرطت في الحزب الشيوعي الجزائري في منتصف الخمسينيات، لتعين فيما بعد كعنصر اتصال ضمن قوات الكوموندوس التابعة لجيش التحرير الوطني. وتم اعتقال الفقيدة قروج سنة 1957، وحكم عليها بالإعدام ضمن مجموعة من المناضلين قبل أن يتم العفو عنها بعد حملة دولية من أجل إطلاق سراح الزوجين قروج. أما ابنتها دانيال مين، التي كانت هي الأخرى مجاهدة في جبال الولاية الثالثة فقد حكم عليها ب7 سنوات سجنا. وللراحلة جاكلين قروج مؤلف بعنوان ”دواوير وسجون” صدر سنة 1993، ويعتبر سيرة عن حياتها كمعلمة وكمعتقلة سياسية بسجن سركاجي بالجزائر العاصمة. ومن جهة أخرى، أوضحت المجاهدة ايغيل أحريز أن جاكلين قروج قد ساهمت بشكل كبير في تكوينها النضالي وإصرارها على المضي قدما نحو الكفاح التحرري. وأكدت لويزة إغيل أحريز بتأثر أنها ”كانت أمنا الصغيرة في السجن، صحيح لا أحد خالد إلا أن فقدان شخص عزيز يبقى دائما صعبا”. مضيفة أن جاكلين لم تستسلم يوما بل كانت على وعي ويقين بأن الجزائر ستسترد حريتها ولم تشك يوما في استقلال الجزائر. وأضافت أن جاكلين من أصل أوروبي إلا أنها اختارت الجزائر البلد الذي جعلته وطنها ولم تغادره أبدا. أما الجامعي وأستاذ التاريخ، محمد القورصو، فقد أبرز أن الجزائر تفقد برحيل جاكلين قروج إحدى المناضلات الأكثر رمزية في حرب التحرير الوطني من أصول أوروبية والتي يجب أن تحظى بالاحترام والتقدير. كما أضاف أن جاكلين تخلت عن انتمائها لفرنسا لتحتضن قضية الشعب الجزائري ووجدت نفسها في تبني القضية الجزائرية واحتضنت الشعب الجزائري ودليل ذلك أنها لم تغادر الجزائر حتى خلال سنوات الإرهاب. من جانبه، أكد رئيس جمعية قدماء المحكوم عليهم بالإعدام مصطفى بودينة أن الراحلة رفيقة سلاح أعطت كل البراهين على وطنيتها وحبها للجزائر وواصلت بعد الاستقلال نضالها بقوة والتزام من أجل بناء الدولة الجمهورية. كما حيا التزام وتضحيات المجاهدة الراحلة الذي قامت بها مع زوجها عبد القادر من أجل استقلال الجزائر.