صادق أعضاء مجلس الأمة بالإجماع أمس، على مشروع القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما، في جلسة علنية ترأسها رئيس المجلس السيد عبد القادر بن صالح، وحضرها وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب لوح، الذي أكد أن هذا القانون يأتي لتعزيز المنظومة القانونية ومسايرة المعايير الدولية في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، واصفا هذا النص باللبنة الهامة التي تضاف إلى الصرح التشريعي الجزائري في هذا المجال. وأكد وزير العدل حافظ الأختام، بالمناسبة في كلمة عقب تدخلات أعضاء المجلس أن المرحلة التي يمر بها العالم حاليا مرتبطة بالتوازنات الدولية، موضحا أن المطلوب حاليا بالنسبة للجزائر هو جمع الصفوف ورصها بين الحكومة والبرلمان وهو ما فعلته بعض الدول المتقدمة مؤخرا، عندما رأت أن مصالحها العليا قد مست. وأوضح لوح، أن موقف الجزائر معروف وثابت في مجال محاربة الإرهاب وتجفيف كل منابع تمويله، وهي الظاهرة التي قال إنها أخذت أبعادا خطيرة بحكم ارتباطها بمختلف الجرائم، وبفعل ظروف جيوسياسية ساعدت على تجذرها في عدة مناطق من العالم. وقد عبّرت الجزائر عن هذا الموقف من طرف واحد، حيث كانت لوحدها تحارب الإرهاب. كما عبّرت عنه في المحافل الدولية بوضوح وصرامة وهي لا تزال على موقفها إلى غاية اليوم، إذ أدركت المجموعة الدولية وتأكدت من أن الإرهاب لا دين له ولا وطن. وقد أدت هذه الالتزامات الدولية يضيف الوزير إلى مصادقة الجزائر على الاتفاقيات التي صدرت عن المجموعة الدولية المتعلقة بمحاربة الإرهاب، وبصفة عامة مكافحة الجريمة المنظمة. ويضيف وزير العدل، أن هذا الموقف لا تزال الجزائر تكرسه في تشريعاتها الوطنية وفقا للاتفاقيات الدولية، وهي لا تتنافى إطلاقا مع مواقفها السياسية الثابتة المتعلقة بالحركات التحررية، مشيرا إلى أن موقف الجزائر واضح ويعود إلى مبادئ ثورة التحرير الوطنية. وعن قضايا الفساد لا سيما المتعلقة بتبييض الأموال، أكد وزير العدل، أن أغلبية القضايا المطروحة أمام القضاء تم الفصل فيها وفقا للقانون، ومنها ما هو مبرمج للفصل فيها، موضحا أنه من غير الممكن الإعلان في كل مرة عن القضايا المفصول فيها، وأنه بإمكان وسائل الإعلام متابعة المحاكمات التي هي أصلا تجري في جلسات علنية. وأبرز وزير العدل، أن الجزائر ما فتئت تبرز في كل المنابر الدولية لما تشكله آفة الإرهاب من خطر على أمن الدول داخليا وخارجيا، مشيرا في نفس الوقت إلى أن الجزائر كانت السبّاقة إلى الانضمام إلى المواثيق الدولية الجهوية والإقليمية المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب، ولم تتوانى في التعبير عن التزاماتها تجاه المجتمع الدولي لدعم أي مجهود دولي يهدف إلى ردع هذه الظاهرة والحد من أثارها الوخيمة. نص القانون يعبّر عن التزامات ووفاء الجزائر المعبّر عنه في المحافل الدولية كما أكد السيد لوح، أن التصويت على هذا المشروع يدعم موقف الجزائر في هذا المجال، ويجسد التزاماتها ووفائها لمواقفها التي عبّرت عنها مرارا في المحافل الدولية بخصوص مكافحة الإرهاب وتجفيف ومنابع تمويله. وأوضح أن هذا المشروع جاء لتكييف المنظومة التشريعية الوطنية، للوفاء بالإلتزامات الدولية حيث تضمن تعريفا دقيقا وشاملا لجريمة تمويل الإرهاب، وهو التعريف الذي جعل من تمويل الإرهاب جريمة قائمة وغير مرتبطة بفعل معين للإرهاب، واصفا ذلك بالأمر الأساسي والدقيق. كما جاء نص القانون المصادق عليه - يضيف الوزير- لسد الفراغ القانوني المتعلق بتحديد الهيئات الوطنية التي تختص بإصدار القرارات المتعلقة بتجميد وحجز أموال الإرهابيين، مستطردا أن الجزائر من خلال تحديد هذه الهيئات الوطنية تكون قد طبّقت مضمون البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة وهو الشأن الذي يعكس أهمية هذا المشروع في حماية المصلحة العليا للجزائر. وثمّن أعضاء المجلس في تدخلاتهم ما جاء في نص المشروع من أحكام ستمكن من ملء الفراع الحاصل في مجال مكافحة مختلف الجرائم لا سيما الجريمة المنظمة، وتمويل الإرهاب والفساد، مؤكدين أن مواد النص الجديد مطابقة لسياسة الجزائر الرامية إلى القضاء على ظاهرة الإرهاب. ويتضمن النص الجديد للقانون –الذي كان قد صادق عليه الخميس المنصرم، نواب المجلس الشعبي الوطني بالأغلبية، مفهوما جديدا لجريمة الإرهاب، حيث تم توضيح في المادة 3 مكرر عناصر الجريمة التي تعتبر قائمة بقطع النظر عن ارتباط التمويل بفعل إرهابي معين إلى جانب الإجراءات القانونية للتعرّف على أرصدة الإرهابيين والجماعات الإرهابية وتحديد موضعها وتجميدها. كما يتضمن مشروع القانون مواد متعلقة بتوسيع اختصاص المحاكم الجزائرية إلى خارج الإقليم عندما يستهدف الإرهاب مصالح الجزائر مع تحديد الجهات المعنية القضائية منها والإدارية المعنية بحجز أموال المنظمات الإرهابية، بالإضافة إلى نصه على استكمال القواعد الخاصة باليقظة تجاه المعاملات المالية وذلك باستحداث سند قانوني يرتكز عليه بنك الجزائر وخلية الاستعلام المالي. كما كشف السيد لوح، عن استحداث إجراءات خاصة في قانون الإجراءات الجزائية لحماية المبلّغين عن جرائم تبييض الأموال والإرهاب، موضحا أنه سيتم إدراج "تدابير خاصة حسب ما هو معمول به دوليا لحماية الشهود والمبلّغين عن جرائم الإرهاب والفساد وتبييض الأموال" في قانون الإجراءات الجزائية الذي سيتم تعديله. وأشار الوزير بهذا الخصوص أن الهدف من هذا الإجراء هو "محاربة الرسائل المجهولة التي هي في بعض الأحيان صادقة، وفي بعض الأحيان كيدية"، مضيفا أنه "ينبغي على العدالة إنصاف الجميع". وبالمناسبة ثمّن وزير العدل، "تفهم أعضاء مجلس الأمة قرار الحكومة الاستعجال في تقديم ومناقشة مشروع القانون وإدراجه في مجلس أعمال الدورة الخريفية للبرلمان".