كرم المخرج الجزائري والمجاهد عمار العسكري أمس بالجزائر العاصمة بحضور وجوه وشخصيات ثقافية وفنية وإعلامية تقديرا لمساهمته الكبيرة في خدمة الفن والسينما ونضاله إبان الثورة التحريرية. وعرف تكريم عمار العسكري - الذي نظم في إطار ندوة لجمعية "مشعل الشهيد" حول مساهمة المثقفين والفنانين إبان الثورة التحريرية - حضور العسكري رغم معاناته الشديدة من المرض والعديد من الفنانين والمثقفين على غرار بهية راشدي وحسان بن زيراري وغوثي بن ددوش وعبد النور شلوش وأمين الزاوي وغيرهم. وبعد عرض شريط وثائقي لخص المسيرة الفنية لعمار العسكري، قدم الحاضرون شهادات مختلفة حوله أشادوا فيها بمساره الفني "الكبير" و"تخصصه الناجح في السينما الثورية" وأيضا نضاله إبان الثورة التحريرية، كما ثمنوا هذه "الالتفاتة الطيبة" نحوه وخصوصا وهو في هذه الحالة الصحية المتدهورة. واعتبرت الفنانة بهية راشدي أن العسكري هو "الأب الروحي للسينما الجزائرية ومن كتاب تاريخها"، حيث "قدم لها أعمالا كبيرة من عمق المجتمع الجزائري" متأسفة في نفس الوقت لعدم عرض أفلامه على الجمهور الجزائري رغم قلتها، ضاربة المثل بأعمال ك"اليوم الأول" و"شهود البارحة" و"البلاغ" و"تعليمة". وعاد من جهته حسان بن زيراري إلى فيلم "دورية نحو الشرق" (1972) الذي أخرجه العسكري وأدى فيه إحدى الأدوار البطولية، مشيرا إلى أن "انطلاقته الفنية كانت مع هذا المبدع والوطني" الذي اعتبره بمثابة "مدرسة سينمائية" ومشيدا أيضا ب"طاقاته الإبداعية الهائلة" و"التزامه الفني". وأعرب الممثل والمخرج ياسين بن جملين - الذي شارك العسكري في فيلمه "أبواب الصمت" (1986) - عن "سعادته الكبيرة" بحضور هذه الوقفة التكريمية لهذا المخرج "الكبير الذي تشهد عليه أعماله النبيلة وخصوصا الثورية منها والتي تقدم رسالة للأجيال الصاعدة عن تاريخ الجزائر". وذكر بدوره المخرج غوثي بن ددوش بالمسار السينمائي "المميز" للعسكري غير أنه تأسف للأعمال القليلة التي أنتجها والكثير من نظرائه بعد الاستقلال مرجعا السبب إلى "عدم اهتمام السلطات بعد الاستقلال بالثقافة واعتبارهم لها قطاعا غير ذي أولوية" على حد قوله. وأكد الروائي أمين الزاوي أن العسكري "ساهم بقوة في ربط السينما الجزائرية بالسينما العالمية وقضاياها"، مضيفا أن فيلمه "زهرة اللوتس" (1998) خير دليل على عالميته وكذا "التزامه" وهو الذي اعتبر دائما أن "السينما نضال". يعتبر عمار العسكري وهو من مواليد "عين الباردة" بعنابة في 1942- أحد أهم المخرجين ومن أبرز وجوه السينما الجزائرية، حيث أخرج العديد من الأفلام الطويلة والقصيرة التي ترك بعضها آثارا لا تمحى في الفن السابع الجزائري خصوصا الثورية. وبدأ العسكري - الذي تابع دراسات عليا في السينما والمسرح والتلفزيون ببلغراد (يوغسلافيا سابقا) في الفترة 1962-1966- إخراج الأفلام القصيرة في 1967 قبل أن ينتقل إلى الأفلام الطويلة، كما شغل منصب مدير المركز الجزائري للفن والصناعة السينمائية (كاييك) من 1996 وإلى غاية حله في 1998 ليترأس بعدها جمعية "أضواء" السينمائية التي تهدف لإعادة بعث السينما الجزائرية من جديد. ويعاني عمار العسكري منذ مدة من مرض عضال حيث أنه "من المحتمل أن ينقل بعد غد الخميس إلى إحدى مستشفيات باريس" لمواصلة العلاج حسبما صرح به أحد أعضاء جمعية "أضواء".