أصبح تنظيم "بوكو حرام" يمثل معضلة أمنية حقيقية للدول المطلّة على بحيرة التشاد وكل القارة الإفريقية بعد أن وسعت رقعة عملياتها الإرهابية الى خارج نيجيريا، وزادت من درجة عنفها في استهداف المدنيين في دول الجوار الأخرى. وشكل إعلان الحركة التي كانت مجرد طائفة دينية قبل ست سنوات عن انضمامها الى لواء تنظيم الدولة الإسلامية معضلة أكثر تعقيدا بالنظر الى الامتدادات الأخطبوطية لهذا التنظيم وعلاقته بالتنظيمات المسلحة الأخرى الناشطة سواء في الدول العربية أو الإفريقية. وأعلن أبو بكر شيخو، قائد هذا التنظيم أمس، انه أعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية في نفس اليوم الذي نفذ فيه ثلاث تفجيرات انتحارية خلفت مقتل 58 شخصا في مدن شمال شرق نيجيريا. وجاءت مصادقة الاتحاد الإفريقي أمس، على إنشاء قوة إقليمية لمحاربة بوكو حرام قوامها عشرة آلاف عسكري مقرها بالعاصمة التشادية نجامينا ضمن محاولة افريقية لمنع توسع أنشطة هذا التنظيم وباقي الجماعات الإرهابية" و«القضاء عليها. وتعهدت دول تشادونيجيريا والكاميرون والنيجر والبنين توفير ضمن هذا الجهد العسكري تخصيص 8700 جندي من قوات جيوشها في وقت اكد فيه الاتحاد الإفريقي، انه سيرفع تعداد هذه القوة الى عشرة آلاف عسكري بالنظرة الى إدراكه لقوة بوكو حرام وصعوبة القضاء عليه. ويبدو أن هذه القوة مازالت في مرحلتها الجنينية بدليل أن الاتحاد الإفريقي مازال يطالب الأممالمتحدة، ومجلس الأمن الدولي بتبني قرار " عاجل جدا" يسمح بنشر هذه القوة وفي وقت طالبت فيه نكوسوزانا دلاميني زوما، رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي إنشاء صندوق أممي خاص لتمويل هذه القوة. ويبدو أن دولتي التشاد والنيجر استشعرتا الخطر الداهم لهذا التنظيم ولم تنتظرا تشكيل هذه القوة الإفريقية حيث شرعت قواتهما في أوسع هجوم عسكري "بري وجوي" داخل الأراضي النيجيرية. وأكدت مصادر نيجيرية أن الهجوم ضد معاقل بوكو حرام نفذ على جبهتين في بلديتي بوسو وديرام" بعد شهر قضاها آلاف الجنود النيجريين والتشاديين في مواقع دفاعية على الحدود مع نيجيريا تحضيرا لهذا الهجوم الذي يهدف الى القضاء على عناصر هذا التنظيم الإرهابي. وأكد شهود عيان أنهم سمعوا ساعات بعد انطلاق الهجوم دوي مدفعية الميدان ضمن خطة لتمهيد الأرضية لهجوم وحدات المشاة من قوات البلدين، في نفس الوقت الذي كانت فيه طائرات حربية تقوم بعمليات قصف جوي لما يعتقد انه مواقع لتنظيم بوكو حرام. ووجدت سلطات نجامينا ونيامي نفسيهما مرغمتين على خوض هذه الحرب المفتوحة بعد نداء " الاستغاثة" الذي وجهته السلطات الكاميرونية لمساعدتها في صد هجمات بوكو حرام ولكنهما ازدادتا قناعة بضرورة التدخل العسكري بعد أن نفذ عناصر التنظيم هجمات مسلحة وعمليات تفجير انتحارية داخل أراضيهما. وأكدت مصادر محلية بمدينة ديفا الحدودية عبور أكثر من مائتي سيارة عسكرية مجهزة بمدافع رشاشة وارتال دبابات وسيارات إسعاف وشاحنات مزودة بصهاريج الى داخل العمق النيجيري، بما يؤكد أن هذه القوات أخذت هذه المرة محمل الجد تهديدات بوكو حرام باستهداف الدول التي تساعد ابوجا في حربها ضد هذا التنظيم المتطرف. وقررت السلطات التشادية والنيجرية التحرك على أمل تقويض قدرات بوكو حرام وإفشال عملياته العسكرية التي زرعت الرعب في أوساط سكان المناطق الحدودية لما يعرف ببحيرة التشاد التي تطل عليها هذه الدول.