وقّعت الجزائروالبرتغال تسع اتفاقيات تعاون بمناسبة زيارة العمل التي يؤديها رئيس الوزراء البرتغالي بيدرو باسوس كويلهو، تلبية لدعوة من الوزير الأول عبد المالك سلال، والتي تدخل في إطار انعقاد الدورة الرابعة للاجتماع رفيع المستوى بين البلدين. وأكد المسؤولان على أهمية العلاقات الثنائية وعلى تطورها في السنوات الأخيرة على المستوى الاقتصادي، فيما سجلا غياب أي إشكال على المستوى السياسي، وتوافقا في وجهات النظر حول المسائل الاقليمية، خاصة الوضع في ليبيا، حيث أكد الوزير الأول البرتغالي، دعم بلاده لجلسة الحوار بين الليبيين المنظمة بالجزائر. وتخص الاتفاقيات الموقعة قطاعات الطاقة والنقل والاتصال والبيئة وتهيئة الاقليم والمراقبة الاقتصادية وحماية المستهلك، إضافة إلى التكوين والثقافة والسياحة والأرشيف. وهي ثمرة العمل الذي جمع فريقا من المسؤولين البرتغاليين الذين زاروا الجزائر في الأيام الماضية رفقة نظرائهم الجزائريين. وفي ندوة صحفية أعقبت اجتماع اللجنة المشتركة رفيعة المستوى تحت رئاسة الوزيرين الأولين، أكد السيد عبد المالك سلال، على أهمية الاتفاقيات المبرمة، والتي تعكس تعزيز وتعميق العلاقات الثنائية مع البرتغال، والتي "عرفت قفزة نوعية السنة الماضية"، خاصة في المجال الصناعي حيث تم إنشاء عدد كبير من الشركات المختلطة بين شركات وطنية عمومية وشركات برتغالية. وحسب الوزير الأول، فإن الجانب البرتغالي مهتم بالخصوص بتدعيم علاقات التعاون في المجال الطاقوي ضمانا لتأمين احتياجاته من المحروقات. وهو ما أكده رئيس الوزراء البرتغالي الذي أشار إلى أن بلده وأوروبا عموما تبحث عن التخلص من اعتمادها الكبير على الغاز الروسي من جهة ومعالجة الهشاشة الهيكلية في التزود بالغاز من جهة أخرى، وتعتبر الجزائر "ممونا هاما لأوروبا بالمحروقات، لذا ترغب في تكثيف تعاونها معها في هذا المجال". كما تأمل البرتغال في إقامة مشاريع في مجال الطاقات المتجددة لاسيما الطاقة الشمسية. في السياق ذاته وردا عن سؤال حول قدرة الجزائر على تزويد أوروبا بالطاقة في ظل الحديث عن انخفاض الإنتاج الجزائري من المحروقات، ذكر الوزير الأول بأن الجزائر لم يحدث وأن أخلت بالتزاماتها تجاه شركائها، وقال "إن الجزائر عندما توقع اتفاقيات تتعهد وتنفذ، فلم يحصل وأن سيسنا علاقاتنا التجارية لاسيما في الجانب الطاقوي". وفي إطار رغبة الاتحاد الأوروبي تأمين تزويده بالطاقة، فإن السيد سلال، ذكر بوجود ثلاثة أنابيب تمتد من الجزائر نحو إيطاليا وإسبانيا، وكشف عن محادثات مع البرتغاليين حول إعادة إطلاق مشروع "غالسي" -وهو الأنبوب الرابط بين الجزائر وسردينيا الذي توقفت الأشغال به -كما تم الحديث عن كيفية استغلال مشروع الأنبوب الناقل للمحروقات من نيجيريا إلى أوروبا في إطار النيباد، مشيرا إلى ضرورة "إدماج هذه المشاريع". وبالنسبة للإنتاج الجزائري من المحروقات، فإن رد السيد سلال، جاء مطمئنا وتحدث عن اكتشافات جديدة "منها اكتشاف تم هذا الأسبوع"، دعمت احتياطات الجزائر لأكثر من 10 سنوات، لتنتقل من توقعات في حدود 2022-2025 إلى حدود 2033 رغم الارتفاع الكبير في الاستهلاك الداخلي. وقال في هذا الصدد "إننا لا نعرف جيدا احتياطاتنا.. وعندما قمنا بتجارب لاستكشاف الغاز الصخري قابلتنا موجة من الانتقادات والرفض، رغم أن استغلاله لن يتم قبل 15 أو 20 سنة". وأضاف بأن الجزائر عن طريق شركة سوناطراك دعمت في الأشهر الأخيرة استكشافاتها في مجال المحروقات التقليدية من أجل معرفة أدق لاحتياطاتها وكذا لاحتياجاتها، تحضيرا لتجديد الاتفاقيات الطويلة الأمد مع شركائها السنة المقبلة. كما ذكر بأن الحكومة تعمل على توجيه سياستها الطاقوية نحو التنويع والمزج بين مختلف الطاقات، لاسيما الطاقة الشمسية، وكشف عن مشروع لتوليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية في الجزائر لتموين أوروبا يتم العمل على تجسيده على المستوى الافريقي، وتم التطرق إليه مع البرتغاليين، مشيرا إلى أنه يشبه مشروع "ديزيرتاك" الذي كان مقررا إنجازه مع ألمانيا. وذكر من جانب آخر – في إطار سعي الجزائر لتنويع اقتصادها- بتحضير لقاء اقتصادي إفريقي بالجزائر وصفه ب«الهام جدا"، كاشفا عن طلب قطري للمشاركة فيه وهو ماتم الترحيب به، فاتحا المجال أمام بلدان أخرى للمشاركة في اللقاء. كما يجمع البلدان تعاون في مجال السكن لإنجاز 50 ألف وحدة من طرف شركات مختلطة، "لكنها لم تنطلق بعد" حسب السيد سلال، الذي كشف عن "مفاوضات إضافية " من أجل إطلاق هذا البرنامج. وحول هذا الاشكال، أوضح رئيس الوزراء البرتغالي، أن هناك بروتوكل اتفاق مع الجزائر يمكن مجموعة من الشركات البرتغالية للعمل في مجال البناء، وأنه لأسباب "ذات طبيعة تجارية" من الصعب تجسيد بعض المشاريع ومشاركة بعض الشركات في المناقصات. وأضاف بأن الأمر يتعلق بشركات خاصة لا يمكن للحكومة البرتغالية أن تفرض عليها أي شيء، مشيرا إلى أنه سيتم بذل كل الجهود من أجل "تجاوز هذا الوضع". من جانب آخر كشف الوزير الأول عبد المالك سلال، عن تدعيم الرحلات الجوية بين البلدين وعن لقاء لرجال الأعمال، وقال إن الطرف الجزائري كان واضحا في طرحه، ومفاده أن الجزائر تتجه لتنويع اقتصادها وتطوير القطاعات خارج المحروقات لاسيما الفلاحة والصناعة والسياحة والطاقة وتكنولوجيات الاعلام والاتصال. الجزائروالبرتغال ترفضان المساس بالوحدة الترابية لليبيا وكان اللقاء بين المسؤولين فرصة للتطرق للقضايا الجهوية لاسيما الوضع في الساحل وليبيا، والتطورات الأخيرة و«الخطيرة" في الشرق الأوسط بسبب ما تقوم به "داعش". وأكد السيد سلال، تطابق وجهات نظر البلدين بخصوص هذه المسائل، مذكرا بمواقف الجزائر وخبرتها المعترف بها عالميا في حل الأزمات. وأوضح قائلا "نحن دعاة سلم، وكل الأزمات مهما كان نوعها لابد أن يتم حلّها في إطارها السياسي بعيدا عن الحل العسكري الذي يؤدي إلى تأزم الوضع". في السياق ذكر باحتضان الجزائر لاجتماع ضم 20 ممثلا لأحزاب ليبية وشخصيات لدعم الحوار الشامل بينهم، وأكد على أن الجزائر تحترم مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، وتدافع عن وحدتها، قائلا "مرحبا بتقسيم نظام الحكم لكن نرفض تقسيم الأراضي". وعبّر عن أمله في أنه بعد النتيجة المرضية التي تم التوصل إليها بفضل جلسات الحوار في مالي، أن تنتصر النظرة الجزائرية في ليبيا، رغم إقراره بصعوبة الأوضاع بهذا البلد. من جانبه أكد رئيس الوزراء البرتغالي باسوس كويلهو، أن الحوار الشامل هو السبيل الوحيد للوصول إلى الحفاظ على وحدة ليبيا وإضفاء روح الوحدة لإنشاء حكومة توافق وطني، مشددا على الدور الكبير الذي تلعبه الجزائر في هذا الإطار بالنظر إلى تجربتها ومعرفتها بالميدان. للاشارة حل أمس، رئيس الوزراء البرتغاليبالجزائر في زيارة عمل تحادث خلالها مع الوزير الأول، كما توجه إلى مقام الشهيد بالجزائر العاصمة، حيث ترحم على أرواح شهداء الثورة التحريرية.