الرسول صلى اللّه عليه وسلم كان محبوبا من أصحابه إلى درجة بالغة في المحبة حتى أنه كان أحب إليهم من أنفسهم وهذه الدرجة من الحب لا يمكن أن يصلها إنسان من قبل إنسان إلا نادرا، وكيف يمكن الوصول لمثل هذا الحب وقد أصبحت القوانين الوضعية لا تأبه إذا ما فرط الإبن في أبويه والقى بهما في ديار العجزة التي سميت زورا وبهتانا "بديار الرحمة" وهذه التسمية تخالف قوله تعالى: "واخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة وقل ربي إرحمهما كما ربياني صغيرا". إن القسوة التي بلغت بالإنسانية درجة التفريط في الوالدين لهي أكبر جريمة ترتكب في حق الإنسان الذي يتشدق الفكر الغربي بالدفاع عن حقوقه. فالرسول محمد مرّ بقبر أمه آمنة بنت وهب فجلس عنده باكيا، وجاءه رجل طلب منه النصيحة والوصية فأوصاه بأمه ثم أمه ثم أمه ثم أبيه، وجاءه رجل يشتكي له من أبيه فقال له صلى اللّه عليه وسلم "أنت ومالك لأبيك" فإذا نظرنا الى مكانة المرأة التي كرمها القرآن وأوصى خيرا بمن حملته كرها ووضعته كرها، وبالوالدين احسانا ولم يخصص في وصاياه الأب ويقول الرجل بل كانت المساواة بين الأبوين وفي بعض الآيات ألح على الأم أكثر من الأب، هذه هي الإنسانية وهذا هو حق المرأة الذي اكتسبته بالإسلام وتم اختراقه بالقوانين الوضعية ولم يعد ينظر لهذا الحق إلا نظرة مادية باردة من حرارة الروح والعاطفة. ويتجرأ الصهاينة ومن يعملون على سلخ الإنسان من هذه القيم في محاولة تشويه المرأة المسلمة وحشرها في زاوية الحجاب والإنجاب وهذه النظرة نظرة مادية لم يؤسس عليها الإسلام مبادئه العظيمة ولم تكن المرأة المسلمة بنظرية الدجاجة التي تبيض، بل بالعكس فقد أكد القرآن الكريم أن الله" يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ويجعل من يشاء عقيما" فقد فصّل في هذا ولم يخرج القرآن عن السنة التي فطر عليها البشر ولم تنحصر كظاهرة مخلة بقوانين الخليقة هي سنة الله سبحانه وتعالى، والعقم يكون في الرجل مثلما يكون في المرأة، ومحمد بن عبد الله النبي العربي قال وهو أصدق قائل "خيركم من بشر بأنثى" وقد هاجم القرآن أعراف الجاهلة وما سنته وأبطلها حينما صور ذلك الإنسان الجاهلي الذي يريد الاخلال بالنواميس التي فطر الله عليها الناس ذلك الذي يحزن ويغضب ويشعر بالذل والخزي عندما يبشر بمولود أنثى، فيدسه في التراب، هل هناك من حرر المرأة وانقذها من الظلم الذي تتعرض له مثل الإسلام، وهل ينظر الصهاينة الى المرأة نظرة التبجيل والتقدير أم أنهم ينظرون إليها مجرد سلعة وماركة للدعاية والاشهار والاستعراضات التي تحط من كرامتها وتجعلها مجرد بضاعة معروضة للبيع والاغراء كأي سلعة في واجهة من الواجهات الهولندية أو الدانماركية، عبر المحطات الفضائية أو اللوحات الإشهارية، أو أغلفة المجلات والجرائد المنحطة، إن معاملة المرأة بمثل هذه الأفكار هي في حد ذاتها إرهاب ومس بحقوقها كإنسان محترم، والرسول عليه الصلاة والسلام وكل صحابته ومن اتبعهم بصدق ووعي لم يشك أحد منهم ولو للحظة أن المرأة هي إنسان كامل الحقوق يجري عليها ما يجري على الرجل من حقوق وواجبات تملك المال، تختار الرجل الذي تريد أن يكون شريكا لحياتها، لها عليه حقوق كما له عليها، لم يكن حق المرأة مهضوما ولم يكن الحجاب عائقا أو ملغيا لهذه الحقوق لأن المرأة جزء من المجتمع والقيم الإسلامية تحمي المجتمع وتصونه وتنظمه وتسيره وتعطي لكل ذي حق حقه. فالحرية ليست بالسفور والتعري او ارتداء الحجاب بل الحرية في إلتزام بالأخلاق الكريمة والسلوكات الحسنة والتعايش بين الناس بمحبة واحترام وسلام.