مايزال حب رسول الله صلى الله عليه وسلم يملأ حياتنا ويمنحنا الأمل الحقيقي في الحياتين الأولى والآخرة، فمن أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الجنة، ومن بغض رسول الله دخل النار، وكلمة السواء التي يدعو إليها القرآن هي الإيمان والمحبة، والسواء قد تعني الاكتمال والتمام، أي بلوغ العدل ونهاية المحبة، ويتجلى ذلك فيما بيننا وبينهم أي الإنصاف الذي يمكن أن يربطنا ويجعلنا سواسية والذي لا يتمثل في شيء إلا في محبة الله وعبادته هذا هو المصباح الدري الذي يحمله رسول الإسلام لينير به البصائر ويعمر به القلوب المهجورة ويجعلها أوطانا للأمن والاستقرار والثبات والسلام، ولا يكون هناك سلام القلوب إذا لم تكن هناك محبة وطمأنينة وصفاء، ولا يمكن أن يأتي هذا الصفاء والسلام إلا عن طريق العيش مع الآخرين وإعادة تأهيل إنسانيتهم لما فيه خير الإنسان عموما، فالرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا معنى المحبة التي لا ترجى من ورائها منفعة تزول بزوالها، حيث يقول "رجلان تحابا في الله إجتمعا عليه وتفرقا عليه"يوم لاظل إلا ظله. فنجد الحب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمو هذا السمو العظيم والذي لا يمكن أن يوجد إلا في القلوب السليمة التي راقبت الله في سلوكاتها وجعلت زمامها في قبضة طاعته يقودها إلى الفرح والسعادة، ويغمرها بالرضى، ويعمها بالرحمة، وينشرها بالحب، فلا ترى في أعمالها إلا المحبة التامة الخالصة له وحده، وبهذا تبلغ كلمة السواء التي هي يقين الوحدانية وعمودها الذي يثبت القلوب ويمنع عنها الاختلال والميل ولايلهم النفوس إلا التقوى، وبحبنا لرسول الله بها نبدأ وبها أيضا نختتم، وهكذا تعلمنا نحن في الجزائر فضل النبي محمد صلى الله عليه وسلم في إرشادنا وهذا ما جعلنا لا نراه إلا بقلوبنا لأنه هو النور الذي يجلي ظلمات النفس، والماء الذي يطهر أردان القلوب فلا غرو إن سال هذا الصفاء زلالا على ألسنتنا فأصبحنا نتغنى به وننشده، وهذا شيخ الأغنية الشعبية الجزائرية الحاج محمد العنقى رحمه الله يقول متغنيا بهذا الفرح وهذا الحب: "بسم الله نبدا نظامي هي ساس الفلاح الغنى مفتاح كل صعبة باسمه زيان الكلام صلوا ياعاشقين جملة عمّن جاء بالسماح أحمد الهاشمي العربي شفيعنا يوم الزحام" أما الشيخ قدور العالمي يقول في قصيدة طويلة سماها بالشافي وهي في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم نقتطف منها هذه الأبيات: "من كثر محبتك على الحق حبيب شرف أمتك بيك عاتق لرقاب أنقطع المسخ وبطل علم الترهيب وصنام الجاحدين انكسروا من فضل الوهاب وفتك سيف المنون بأهل التكذيب" إلى أن يقول: أعرفت وتحققت يالمحبوب بأن أنت كنز المطلوب والمواهب الخير فيك في أمتك يا طيب القلوب الحديث هذا يدريه بالحق كل راغب كل من قصدك ونزل المقام موهوب فاز بالود ونال الخير والمراغب" ففي هذه الكلمات نجد الحب والرحمة والخير ومنبعهما محمد صلى الله عليه وسلم رسول الرحمة والنعمة، ومن يكون الحب هدفه وغايته لا يكون أبدا عنيفا مخيفا مرهبا مرعبا، بل يكون محبوبا مرغوبا فهو صلى الله عليه وسلم القائل: »بشروا ولا تنفروا« وفي بعض الآثار: رغبوا ولا ترهبوا« وهذا هو الحب عكس ما ذهب إليه الرسام الكاذب الصهيوني، والأفاك الهولندي.