أكد وزير الموارد المائية حسين نسيب، أمس، بأدرار، أن قطاعه حريص على العناية بالفقارة والمحافظة عليها باعتبارها "موردا مائيا وتراثا وطنيا وبشريا ثمينا"، مشيرا إلى إنشاء لجنة من الخبراء والتقنيين تقوم بزيارات ميدانية للمنطقة، قصد الوصول إلى المعرفة الدقيقة بكل احتياجات الفقارة، بالتنسيق مع أصحابها لإعداد بطاقات تقنية لكل فقارة، بهدف رصد الأموال الكافية للمحافظة عليها. وذكرالسيد نسيب، خلال إشرافه على افتتاح يوم إعلامي حول الفقارة في إطار اليوم الثاني والأخير من زيارته للولاية، أن "الدولة إتخذت عدة إجراءات للعناية بالفقارة"، من خلال إدراجها ضمن قانون المياه لسنة 2005، وإنشاء مرصد للفقارة بناء على توصيات الملتقى الدولي حول الفقارة الذي نظم سنة 2011، إلى جانب رصد أغلفة مالية معتبرة في مختلف البرامج التنموية تجاوزت 9ر1 مليار دج بين سنتي 2007 و2014 بهدف رفع منسوب مياهها وتوسيع المساحات الزراعية التقليدية. وتطرق المشاركون في هذا اللقاء إلى محاور شملت المحافظة على مناطق التغذية للمياه الجوفية، ومعرفة النظام الهيدروليكي للفقارة وكيفية المحافظة عليها، وإبراز آثار وفوائد الفقارة المتعلقة بالإنتاج الفلاحي في المناطق الصحراوية، إلى جانب عرض فيلم وثائقي حول واقع الفقارة ونظامها العرفي المتّبع في التوزيع والترميم والصيانة. وعلى هامش هذا اللقاء أشرف السيد نسيب، على تسليم مفاتيح شاحنات صهاريج لصيانة مختلف شبكات المياه المستعملة، وزار معرض بالمجسمات والصور والملصقات تم من خلاله عرض الطريقة الفيزيائية لحشد المياه وتوزيعها ضمن نظام الفقارة التقليدي. وتعد الفقارة نظاما تقليديا عريقا في حشد المياه وتوزيعها قصد استغلالها في الشرب والسقي الفلاحي، في سلسلة آبار متصلة ببعضها عن طريق مسارات باطنية تمتد لمئات الكيلومترات مستفيدة في ذلك من المياه الجوفية بالصحراء. وأوضح رئيس مرصد الفقارة الدكتور بوتدارة يوسف، أن الأخير ومنذ إنشائه سنة 2011، يعمل جاهدا تحت إشراف الوكالة الوطنية للتسيير المدمج للموارد المائية، من خلال مباشرته لعملية جرد شامل عبر أقاليم توات وقورارة وتيديكلت التي تعرف انتشارا واسعا لهذا النظام التقليدي في السقي الفلاحي للواحات والبساتين، من خلال جمع المعلومات الاجتماعية والفيزيائية والتاريخية المتعلقة بها. هذا إلى جانب تنظيم لقاءات تحسيسية موسعة تشمل كلا من جمعيات وملاك الفقارة، كما تستهدف حتى التلاميذ بالمؤسسات التربوية بغية نشر وتكريس الوعي حول أهمية الحفاظ على هذا الإرث الحضاري والاقتصادي العريق. كما يجري التحضير لإعداد "أول أطلس" حول الفقارة يضم كل المعلومات ذات الصلة بهذا التراث الأزلي بالمنطقة. وحسب مصالح الفلاحة بأدرار، فإن آخر عملية جرد أجريت سنة 2011 أسفرت عن إحصاء 828 فقارة منها 736 فقارة نشطة. وأشارت المصالح ذاتها إلى عدة عوامل تهدد الفقارة لاسيما في التوسع العمراني والطرق المعبّدة المارة فوقها. وقد ساهمت المبالغ المالية المرصودة لإعادة الاعتبار للفقارة في مختلف البرامج وصناديق الدعم إلى حد كبير في المحافظة على هذا المورد المائي الهام والفريد من نوعه، والذي ضمن بدوره استمرارية وبقاء واحات النخيل كمصدر اقتصادي وإرث ثقافي وتاريخي. وقال المدير الجهوي للوكالة الوطنية للموارد المائية، الأنصاري طه، أن آخر تحيين للمعطيات أجري خلال السنة الماضية، يشير إلى وجود 679 فقارة حيّة نشطة و28 فقارة حيّة لكن مياهها لا تصل إلى الواحات، و369 فقارة ميتة و758 فقارة نضبت مياهها كليا. وأضاف المسؤول ذاته أنه تم تعيين الإحداثيات عن طريق الأقمار الصناعية ل154.360 بئرا من الآبار المشكلة لمسارات الفقارة المتواجدة بين منطقتي تسابيت شمال الولاية وزاوية كنته بجنوبها، فيما العملية متواصلة لتشمل عددا آخرا من الفقارات عبر تراب الولاية. من ناحيته أكد رئيس الجمعية الولائية للترميم والمحافظة على الفقارة مولاي عبد الله سماعيلي، على ضرورة إحداث تزاوج بين المعرفة المحلية والمعرفة الأكاديمية الحديثة في إنجاز ‘'كشوف العمل داخل الفقارة"، من خلال إشراك أصحابها في أشغال الصيانة والترميم. كما أعرب المتحدث عن استيائه من أن ‘'أكبر ما تعانيه الفقارة في وقتنا الحالي هو عزوف الشباب عن الاهتمام بها''.