يعتبر نظام السقي التقليدي عن طريق الفقارة من أبرز مميزات ولاية أدرار حيث يسعى سكان هذه المنطقة إلى المحافظة على هذا التراث الأصيل وحمايته من الإندثار . هذا النظام التقليدي العريق المستعمل في السقي والذي أبدع فيه الأسلاف قد تم التوصل إليه بغرض توفير المياه وتغطية الحاجيات من هذه المادة الحيوية عبر المناطق القاحلة . وتتجلى خصوصية الفقارة في وظيفتها التي تعد اقتصادية بامتياز حيث لا تتطلب طاقة أو معدات متخصصة في استخراج المياه من الأعماق و نقلها إلى مسافات بعيدة تزيد عن عشرات الكيلومترات إضافة إلى إمكانية التزود بالمياه على مدى أربع و عشرين ساعة دون انقطاع إلا في حالة حدوث خلل أو عطب في إحدى نقاط مسارها حيث يتم إصلاحه مباشرة من طرف جمعية الفقارة . هذه الخصوصيات جعلت الفلاحين بالمنطقة أكثر تشبثا بهذا الموروث الاقتصادي و الحضاري خاصة و أنه كان المرافق الأساسي لحياتهم على مر السنين كما كان لها الفضل في انتشار واحات النخيل عبر مختلف الأقاليم. ويتكون نظام الفقارة من مجموعة من الأروقة الأرضية التي تحفظ المياه لتفادي ظاهرة التبخر في الهواء جراء درجات الحرارة المرتفعة التي تتميز بها المنطقة حيث يضمن هذا المسار سيولة سريعة للمياه التي تعيد الحياة لواحات النخيل. ويتم توزيع المياه المجندة بفضل نظام تقليدي موجه لسقي المساحات الفلاحية وواحات النخيل كما أوضح مسؤولو الجمعية المحلية للفقارة بأدرار . ويوفر نظام الفقارة الذي تفصل مسار تدفق مياهه آبار صغيرة على مسافة 100 متر بين نقطة وأخرى والتي تعد بمثابة متنفس هوائي ومداخل تستعمل لتنقية الأورقة ( يوفر) ديكورا مميزا للعديد من القرى الصحراوية المتناثرة بمنطقة توات والساورة. و تكتسي هذه الفقارات أهمية اجتماعية واقتصادية كبيرة لما لها من دور في مجال التنمية الزراعية وفي تثبيت السكان البدو بمواطنهم الأصلية المتمثلة في شبكة القصور العريقة المنتشرة بمحيط واحات النخيل. هذا وقد أحصت مصالح مديرية الموارد المائية بأدرار أزيد من 1.400 فقارة على مستوى الولاية منها 855 فقارة نشطة فيما استفادت 136 فقارة من مشاريع خصصتها الدولة لعمليات الصيانة و الترميم قصد المحافظة على سيرورتها و مساهمتها في إنعاش القطاع الفلاحي التقليدي. وفي سياق متصل يبدي العديد من فلاحي المنطقة "قلقهم" لما يحيط بهذا النظام التقليدي للسقي من أخطار قد تؤدي به إلى الإندثار ومن بينها اعتماد الطرق التقنية الحديثة في تجميع المياه. كما تشير من جهتها الجمعية المحلية للفقارة إلى تقلص عدد الفقارات بولاية أدرار وذلك لأسباب ذات صلة بعدم صيانة الأروقة الأرضية للفقارات وإنجاز أروقة للصرف. وقد تعرضت العديد من الفقارات للتدهور لعدم الاهتمام بجانب الصيانة وانحسار درجات تدفق المياه بسبب اعتماد الطرق التقنية العصرية في مجال تجنيد الموارد المائية ( آبار) وانعدام اليد العاملة المؤهلة لصيانة الأروقة الأرضية حيث يسجل في هذا الصدد عزوف الشباب عن القيام بمثل هذه الأشغال. ويعلق مسؤولو وأعيان ولاية أدرار في هذا الصدد آمالا عريضة بخصوص انعقاد الملتقى الدولي حول الفقارة الذي تحتضنه هذه الولاية منذ أول يوم السبت والذي يعكف فيه المشاركون من داخل و خارج الوطن على تشريح واقع الفقارة بأدرار و بحث سبل حماية وتثمين هذا التراث الذي يحمل أبعادا حضارية و اجتماعية واقتصادية و الأخطار التي تهدده وينتظر من هذا اللقاء الدولي الوصول إلى جملة من التوصيات التي قد تجيب على الإنشغالات المطروحة من طرف المزارعين التقليديين و وترسم سبل المحافظة وترقية هذا التراث العريق. هذا اللقاء الدولي الذي بادرت به وزارة الموارد المائية و بالتنسيق مع وكالة الحوض الهيدروغرافي لمنطقة الصحراء ينظم تحت شعار " إعادة الإعتبار وتثمين الفقارة بمنطقتي توات و قورارة ". وينشط أشغال هذه التظاهرة الدولية عدد هام من المختصين والخبراء في مجال نظم السقي التقليدية وباحثين جامعيين وبحضور ممثل عن المنظمة الأممية للتربية والعلوم الثقافة (اليونسكو).