بأنامل لا تمل من الإبداع وبنفس طويل ومهارة مميزة، تمكنت الحرفية وصانعة اللباس التقليدي، زهية محرز، من فرض نشاطها بعنابة، من خلال فتح فضاء مع الحرفيات لتبادل الأفكار والبحث عن سبل تطوير صناعة الزي التقليدي الجزائري، ومنه الجبة القبائلية، عنوان أصالة المرأة في القبائل والزي الذي لا يندثر بفضل جودة قماشه وألوانه التي تعكس العادات المتوارثة جيلا بعد جيل. السيدة زهية اختارت مدينة عنابة للترويج لسلعتها وتعريف الجمهور بما جادت به أنامل المرأة القبائلية الحرة في الصناعات اليدوية، وكانت 13 سنة من الإبداع والرسم على القماش كافية لتجسيد أحلامها على أرض الواقع، وهي التي قدِمت من بيئة فقيرة علمتها الكفاح والخروج من دائرة العزلة إلى الإبداع والبحث عن مواطن الصناعات التقليدية بمختلف أنواعها، وتكوين حرفيات يحافظن على هذه الحرفة القديمة. وفي لقاء خاص مع "المساء"، كشفت الحرفية زهية محرز (50 سنة) عن عشقها لمهنتها وتعلقها بالطبيعة لدرجة استنباط أفكارها من المحيط الذي تعيش فيه هذه المرأة، إلا أن ذلك لم يقلل من عزيمتها، بل زاد من طموحها لتفتح محلا خاصا بصناعة "قندورة" القبائل ولواحقها من "محرمة الفتول" والحزام العربي. وحسب الحرفية، فإن الظروف الصعبة حتمت عليها البحث عن مهنة من أجل الاسترزاق، خاصة أنها تنحدر من قرية عين الحمام في تيزي وزو، لتضيف بقولها: "الظروف الصعبة هي التي صقلت موهبتي وصنعت مني حرفية ناجحة، خاصة أن هذه الثروة الإبداعية أخذتها عن عائلتي"، وهنا بدأت قصتها رغم العادات والتقاليد الضاربة في "الدشرة"، إلى جانب نقص المواد الأولية وغلائها، كما أن الدوار الذي كانت تعيش فيه لا يتوفر على ملحق لتكوين الحرفيات في فن الطرز والخياطة، إلا أنها اعتمدت على ما تملكه من موهبة واقتحمت عالم الخياطة بواسطة اليد واستعمال خيوط الحرير على قطعة من قماش، تسمى محليا "الفولارة" توحي بالحياء والحشمة ورمز للعفة والأنوثة. وعن "القندورة" القبائلية، تقول الحرفية بأن هناك نوعين؛ واحدة تلبس بالملحفة تخص الشارع، وأخرى يتم ارتداؤها دونها وهي خاصة بالبيت. أما الأكسسوارات المستعملة فهي مصنوعة من القرنفل والجوز وتشبه إلى حد ما "السخاب" القبائلي، وهو يتناسب مع الزي التقليدي أكثر. ولم تغفل المتحدثة الإشارة إلى أن المرأة عندما تضع مولودها ترتدي الجبة القبائلية المرفوقة بالملحفة والسخاب. أما الحزام العربي فيشد القندورة والملحفة في نفس الوقت، علما أن الحزام ينسج من الصوف وبعدها يلون ويصل سعره في السوق إلى 3 آلاف دينار، وهو يصنع حسب الفئة العمرية. أما "الفولارة" فتختلف من منطقة إلى أخرى، منها المصنوعة باليد ب 1800 دينار، أما المصنوعة بالماكينة فسعرها لا يتعدى 800 دينار، وهناك "الفولارة" المصنوعة من الفتول الخاصة بالرقص يصل سعرها إلى 1900 دينار، أما أسعار جبة القبائل فتفوق 12 ألف دينار، منها الخاصة بالأعراس والأفراح، علما أنها بلغت الشهرة والعالمية نظرا لجودة القماش ونوعية الأشكال المختلفة والألوان الزاهية. وحسب الحرفية زهية محرز، فإن الإبداع الداخلي للمرأة الجزائرية، ساهم في تطوير النشاط الحرفي والتقليدي بمختلف أنوعه، علما أن الجبة القبائلية اقتحمت أعراس الشرق الجزائري، خاصة خلال حفلات سكان عنابة الذين يعرضون جمال العروس من خلال ارتدائها لقندورة القبائل والملحفة والأكسسوارات الأخرى. في الأخير، تطالب الحرفية زهية محرز دعمها بمحل لترويج سلعتها في مدينة ولاية تيزي وزو، لأنها ملت من تحويل منتوجاتها عبر فضاءات بعيدة من أجل تسويقها في الجزائر.