”قندورة الفتلة” أهم الألبسة التقليدية في تصديرة العروس العنابية ماتزال العائلات العنابية العريقة تحتفظ بالموروث التقليدي للمنطقة، خاصة فيما يخص “جبة المجبود” التي تعتبر زينة العرس العنابي، وهو اللباس التقليدي المطرز ب«الفتلة” الذي يعتبر من أهم الألبسة التي تتزين بها العروس في ليلة “التصديرة”، إذ لا تخلو واجهات محلات بونة من مختلف ألوانها وطرزها المبدع. فرغم غلاء “قندورة الفتلة” التي يفوق سعرها في أغلب الأحيان 21 مليون سنتيم، خاصة تلك المرصعة بالحجارة، وبعض الألوان والخيوط المذهبة، إلا أن الإقبال عليها كبير، لأنها مستوحاة من تراث الجدات. وفي هذا الشأن، أكدت لنا السيدة فوزية سلطاني حرفية في اللباس التقليدي العنابي، أن اهتماماتها الحالية تتركز حول خياطة “قندورة الفتلة” المعروفة “بقندورة التصديرة” التي تحمل عدة ألوان أهمها؛ الأزرق الفاتح، البنفسجي واللون العنابي، إلى جانب بعض الألوان التي تزيدها جمالا وعصرنة، لكن ذلك لا يغير من شكلها الخارجي ويتناسب مع متطلبات العروس العنابية، وعن الإكسسوارات المرفقة للجبة تقول محدثتنا: “يضاف ل “قندورة الفتلة”؛ (شاشية السلطاني، الرعاشة والسوار). كما تكون مصحوبة ببعض اللواحق الأخرى منها “القاط”، “دلالة الويز السلطاني”، التاج، “اللقيطة”، الشوشنة وتزين ب (السخاب”، الشعير، الحجر، الخلخال “الرديف”)، إضافة إلى “اللفة” (طرحة، وشاح).. أضافت الحرفية سلطاني أن “قندورة الفتلة” تتشكل من “القطيفة” بنوعية رفيعة أو قطعة قماش من نوع “لاموار”، ويفضل أن تكون لأم العروسة فكرة عن كيفية اختيار القماش الخاص بصناعة القندورة، لأن جمال هذه القطعة وميزتها يكون في نوعية القماش، ثم تأتي طريقة التطريز واختيار الخيوط الفضية أو الصفراء، ومن العائلات العنابية من يطلق عليها اسم الخيط المذهب الذي يعطي رونقا لقطعة “القطيفة” التي يتم تشكيل رسومات مختلفة عليها، بعد تثبيتها على اللوح أو قطعة كرتون من أجل إعطاء الإطار الخارجي للقندورة، وتجتهد الحرفية المبدعة في رسم أشكال تتلاءم وطلبات العرائس، وقد تدوم فترة خياطة “قندورة الفتلة”، نظرا لخاصيتها الاجتماعية ودقتها في التطريز، أكثر من سنة، في حين تحضرها بعض الحرفيات في ظرف 8 أشهر. والمميز في الأمر أن من العائلات العريقة من تسترزق من خياطة “قندورة الفتلة” التي تتوارثها عن أجدادها، علما أن عملية صنعها تتطلب الدقة والصبر. أما فيما يخص عدد المحلات الخاصة بعرض هذا النوع من الألبسة قد فاق حسب الحرفية سلطاني 12 ألف محل موزعة بين قديمة وعصرية، أغلبها يتمركز في الأحياء العتيقة منها؛ الغزلة، بلاصدارم وبني محافر. ترتدي “قندورة الفتلة” كل نساء عنابة حتى المسنات منهن، إلى جانب العروس، وعليها تتنافس النسوة في إبراز جمالهن خلال الأعراس الذي يتمازج مع فسيفساء الجبة العنابية المرصعة بالفتلة. وحسب السيدة سلطاني، فإن جداتنا كانت تطلق عليها اسم “قندورة الفرقاني”، لكن بعد تطور الأوضاع وتغير المجتمع، حافظت القندورة العنابية على معالمها وتواجدها عبر الأجيال، وأصبح اسم كل قندورة يستوحى من نوعية الخيط الذي تصنع منه، على غرار”النقلة” وقندورة “الكوكتال”، لكن تتصدر قندورة الفتلة اللباس التقليدي العنابي، إذ مازال الطلب عليها كثيرا، خاصة في مدينة عنابة وأحيائها العريقة، فلا نتصور أبدا عرسا عنابيا بدون قندورة الفتلة التي لقيت مكانها في كل مناطق الشرق الجزائري، خاصة منها عنابة وقسنطينة، فحسب الجدة الطاوس، فإن “قندورة الفتلة” تعد رمز الحشمة، الحياء والعراقة، لأنها تغطي العروس بالوشاح الذي يرفق القندورة، ومن ثم “تتصدر” أمام أهل زوجها حتى بعد أن تزف إلى البيت الزوجية، حيث ترتدي في اليوم الموالي “قندورة الفتلة” تضع عليها الحزام أو ما يسمى بالمحزمة التي تتوسط الجسم، حيث ترقص بها العروس العنابية على أغاني المالوف أو الفقيرات وأمام المحفل، أي المدعوون الذين يفضلون حضور الأعراس العنابية لاكتشاف جديد القندورة التي دخلت أروقة المعارض الوطنية والدولية، أين تجد السياح والمغتربين يتهافتون لشرائها، خاصة “قندورة الفتلة” المصنوعة من قماش “القطيفة”، أو قماش من نوع آخر يشبه الحرير الخشن اسمه “لاموار”.