باتت المنتجات الغذائية المحلية تحظى بثقة المستهلك الجزائري بفضل نوعيتها الخالية من المنتجات الكيماوية والتركيبات التي تهدد صحة الإنسان، هذا الاهتمام والإقبال الواضح عكسه لنا معرض «لنستهلك جزائري» بساحة البريد المركزي، والذي أطلقته وزارة التجارة مؤخرا؛ بهدف الترويج للمنتوجات الوطنية، ودعوة المواطن إلى وضع ثقته فيها. تسعى الحكومة جاهدة إلى رفع مستوى المنتوجات الغذائية المحلية والنهوض بها، حتى تكون قادرة على منافسة المستورد وكسب ثقة المستهلك، وذلك بتشجيع المؤسسات الاقتصادية الإنتاجية على الرفع من جودة منتوجاتها؛ حتى تنجح هذه الأخيرة في تسويق نفسها بدون وهم الترويج الكاذب. ومن خلال جولة «المساء» بين أجنحة معرض «لنستهلك جزائري» التقينا بالسيد الأمين زياني مسيّر إحدى أشهر العلامات التجارية الجزائرية الخاصة بإنتاج الخل ومشتقاته، الذي أوضح لنا أن اقتناء المنتج المحلي هو الخيار الرشيد؛ باعتباره منتوجا طبيعيا يُصنع على الطريقة التقليدية، عكس المنتوجات المستوردة من مختلف دول العالم، والتي لاتزال تركيبة بعضها غامضة، خصوصا في ظل غياب الرقابة الصارمة، مما قد يشكل خطرا على الصحة بسبب موادها الكيماوية، أو تلك المحرمة، مثل جيلاتين الخنزير، أو كميات من الكحوليات في الحلويات والشوكولاطة.. وفي يومها الأول، كانت أجنحة المعرض تشهد إقبالا شديدا من طرف المواطنين، الذين استحسنوا المبادرة وأجمعوا على أن إقبالهم على المنتجات الغذائية المحلية لسبب واحد، وهو محافظتها على الطابع التقليدي الذي كانت عليه، خصوصا العجائن، مثل الكسكسي، السباغيتي والديول، فضلا عن المشروبات الطبيعية الخالية من المواد الحافظة المضرة بالصحة. من جهة أخرى، أوضح لنا سعيد نوري، عون تسويق بإحدى الشركات الرائدة في مجال الكهرباء بالوطن، أن المستهلك الجزائري تبنّى أكثر من ذي قبل ثقافة استهلاك «جزائري»، خصوصا بعد الغزو الذي شهدته السوق المحلية من المنتوجات الصينية التي ينعدم فيها الضمان، وإتلافها منوط ببعض الاستعمالات فقط، عكس المؤسسات الإنتاجية الجزائرية، التي باتت تولي أهمية للجودة حتى تتوافق منتوجاتها والمعايير الدولية. وحاليا، يمكن القول أنه بالنسبة لمستوى ثقة المستهلك المحلي بجودة المنتجات في مختلف المجالات الأخرى ما عدا الغذائية منها، لاتزال ضعيفة، وهذا مرتبط، حسب من مسّهم استطلاعنا، بالطابع القديم الذي لم يتم تحيينه، مثل مجال النسيج، البناء، الإلكترونيات وغيرها. وفي هذا الخصوص، دعا السيد مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك لولاية الجزائر، إلى ضرورة العمل المشترك بين القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني؛ من أجل رفع حصة منتجنا الوطني في السوق؛ من خلال بناء علاقات الثقة المتينة مع مستهلكينا، ومنح الفرصة العادلة لمنتجنا في المنافسة. وأوضح لنا المتحدث حرص الوزارة الوصية على إعادة تنظيم السوق الداخلية؛ بهدف زيادة حصة المنتج الوطني في سلة المستهلك الجزائري بتشجيع المنتج وحثه على تطوير سلعه، لتكون بذلك الجودة والنوعية شرطا محتوما وليس خيارا.. لافتا إلى أن المستهلك يستحق البحث عن ضالته وسط السوق المحلية، وأن يكون له كل الخيارات المختلفة فيها، مشيرا إلى أنه على ثقة تامة بأن لدينا سوقا واعدة، قادرة على توفير كل ما يحتاجه المواطن حتى يكون في غنى عن بديل الاستيراد، وعبّر المتحدث عن اعتزازه بالمنتج الوطني وتوافقه والمعايير الصحية، وما وصلت إليه الصناعة الجزائرية من تقدم في مجالات عديدة، مثل الإلكترونيات والكهرومنزلي، مشيرا إلى أنه من الضروري تفعيل استراتيجية للمواصفات والمقاييس المطلوبة، واستصدار القرارات اللازمة التي تضمن جودة البضائع المحلية وفرضها على المنتوج. وثمّن السيد زبدي الخطوة التي خطتها الحكومة في استراتيجيتها للنهوض بالمنتوج المحلي عبر حملاتها الوطنية، الهادفة إلى تعزيز الاقتصاد الجزائري، وكسر الصورة السلبية عن منتوجاتنا.