دعا عميد كلية الإعلام والاتصال الأستاذ أحمد حمدي، إلى تحديد المفاهيم المتعلقة بمفهوم عبارة "حرية التعبير" مشيرا في تصريح ل"المساء" إلى أن الجزائر لها تاريخ طويل مع حرية التعبير يعود إلى القرن ال19 أي خلال الفترة الاستعمارية والتي استمرت في ظل تسيير الحزب الواحد إبان الاستقلال، لتتطور أكثر فأكثر خلال العقود الأخيرة، حيث دخل قطاع الإعلام ومنه مفهوم حرية التعبير مرحلة جديدة تتحكم فيها الجرائد والقنوات التي يجب أن تعبّر عن "سن الرشد". وقال عميد كلية الإعلام والاتصال، إنه ينبغي أولا أن نحدد ما هي حرية التعبير، مشيرا إلى أن الكثير من الناس يتكلمون عن حرية التعبير التي أصبحت كلمة تردد فقط، في حين أن حرية التعبير لها قواعد وضوابط ونضالات.. وبالنسبة للجزائر عاد بنا الدكتور أحمد حمدي، إلى القرن ال19، حيث أن مفهوم حرية التعبير ومسألة حرية الصحافة بدأت منذ العهد الاستعماري وتحديدا في 1881، عندما صدر في فرنسا قانون ما يعرف بحرية الصحافة والذي طبّق في الجزائر على الأقدام السوداء دون الجزائريين. ورغم ذلك، فقد استفادت الطبقة المثقفة من مسألة حرية الصحافة وقانونها الفرنسي، وبالتالي تم في القرن العشرين تأسيس بعض الصحف ككوكب إفريقيا وذو الفقار.. ثم جاءت صحف بن باديس وغيرها من العناوين، ومن مبدأ قانون حرية التعبير والصحافة، تم إنشاء صحافة جزائرية إبان الاستعمار، وهو ما يدفعنا إلى القول إن للجزائر تاريخا طويلا مع حرية الصحافة وحرية التعبير يعود إلى فترة الاستعمار. وبعد الاستقلال والسير في ظل نظام الحزب الواحد فإننا نجد أن الأحادية الإعلامية لم تكن قانونية بل عرفية، لأننا عندما ندرس القوانين الضابطة للإعلام آنذاك، لا نجد أبدا أي قانون يمنع إصدار صحف من الخواص أو غيرها، إلا أننا لا نجد إلا الصحف الخاضعة للقطاع العام على غرار جريدة "الشعب" ومجلة "المجاهد" الناطقتين باسم الحزب والثورة والعمل الناطقة باسم العمال.. وعندما قمنا بدراسة تحليل مضمون هذه الصحف في فترة الأحادية وجدنا أن هناك تعددا للأصوات وأحيانا الأصوات المتعددة كانت في معركة حقيقية، وهو ما لمسناه في إصدارات مجلة "الثورة والعمل" وجريدة الشعب اللتين تنقلان رأيا ورأيا معاكسا وبالتالي نفهم أن تلك المرحلة حملت مفاهيم حقيقية عن حرية التعبير في إطار الحزب الواحد. وبعد 1988 وهي مرحلة حاسمة وأساسية في تاريخ التعددية والإعلام، عرفنا فيها حرية تأسيس وسائل الإعلام يقول الأستاذ حمدي الذي أشار إلى أن المرحلة عرفت تفريقا بين حرية الصحافة وحرية التعبير وهي لكل مواطن حرية التعبير عن رأيه وليس الصحفيين الذين يعبّرون عن رأيهم مع تمكينهم من الوصول إلى مصادر المعلومة.. وخلال تلك الفترة، وبعد انتشار تجربة الصحافة الورقية المكتوبة، أخذت حرية التعبير شكلا آخر كتعدد الأصوات والآراء المختلفة- مضيفا- أن حرية التعبير هي مسؤولية يتحلى بها الصحفي والمواطن لأن حرية التعبير هي أن تصدر رأيا أو أحكاما حول قضية تتطلب المعلومة والرزانة. اليوم دخلنا تجربة جدية في قطاع الإعلام وخاصة السمعي البصري الذي لا يزال خاضعا لقوانين أجنبية لكن مع تنصيب هيئة سلطة ضبط السمعي البصري، فإننا ننتظر ونتوقع تنظيما للبيت الداخلي لهذا القطاع وهي من المهام الأساسية لهذه الهيئة، المطالبة بإخضاع القنوات الموجودة إلى قوانين جزائرية وهذه خطوة جبارة ينبغي تثمينها وعلى القنوات الجزائرية أن تعبّر في جميع الأحوال عن "سن الرشد"، وتعبّر عن رأي الشعب وخصوصياته واللحمة الوطنية لأن قطاع الإعلام هو في الأساس قطاع خطير ويمكن أن يكون مصدر فتنة ما لم نتحكّم به.