تتفنن النساء بمنطقة نقاوس وما جاورها بولاية باتنة في تحويل فاكهة المشمش إلى منتجات تزين موائدهن على مدار السنة على الرغم من أن حملة جني هذه الفاكهة لا تدوم سوى أسابيع قليلة. فمن مياه ثمرية إلى عصائر مختلفة ومربى وفاكهة مجففة وحتى عجائن حلوة "تحرص الواحدة منا - تقول فطيمة بخوش (63 سنة معلمة متقاعدة) ورئيسة جمعية النور للإرشاد التربوي والثقافي بسفيان على تحضيرها بعناية ولا نرمي من الثمرة شيئا لأنها تحول بالكامل". وللمشمش مع المرأة النقاوسية قصة طويلة تقول نفس المتحدثة وهي ما زالت تحتفظ إلى حد الآن بأسرار الأمهات والجدات للإبقاء عليه لأطول فترة ممكنة. العصير التقليدي زينة مائدة رمضان في كل عام على الرغم من أن مدينة نقاوس تحولت في السنوات الأخيرة إلى عاصمة للعصائر بعد فتح أكثر من 6 وحدات لإنتاج أنواع مختلفة منها إلى جانب عصير نقاوس الشهير فإن المرأة بالجهة تقول من جهتها ابتسام راقدي (ماكثة بالبيت) تحرص على تحضير العصير التقليدي الذي يمتاز بنكهة خاصة ويلقى إقبالا لدى أفراد كل العائلات تقريبا هنا خاصة في شهر الصيام. وتعمد النساء تضيف المتحدثة إلى جلب كمية كبيرة من المشمش وطبخها في قليل من الماء والسكر بعد غسلها ونزع النواة ثم تطحن فتحصلن على عصير طبيعي مركز تتم تعبئته في قنينات بلاستيكية توضع في المجمد وعند الحاجة تخفف كمية منه بالماء مع إضافة السكر حسب الذوق. فلا يخلو بيت بالمنطقة من هذا العصير اللذيذ الذي تسعى كل امرأة حسب ابتسام إلى إضفاء لمسة خاصة عليه حتى يجده المتذوق لاسيما في سهرات رمضان يختلف عن البقية ويجعل المرأة التي أعدته تتميز. المربى والفرماس (مشمش مجفف) للعولة ووقت الحاجة وتستغل ربات البيوت فترة جني المحصول القصيرة للاستفادة إلى أقصى درجة من ثمرة المشمش لجعلها إحدى عناصر العولة (مخزون المواد الغذائية لوقت الحاجة) كما جرت عليه العادة عند الأمهات والجدات تقول بدورها الحاجة خيرة معامير من نقاوس. «فقد اعتدنا تردف المتحدثة على تحويل كمية كبيرة من المشمش إلى مربى يحفظ في أوعية زجاجية ويحكم الإغلاق ثم يقلب لمدة ساعتين أو ثلاث حتى يمتد محلول السكر والماء المركز إلى كل الثغرات التي قد ينفذ منها الهواء فتسد ثم يرجع إلى حالته الطبيعية ويمكن الاحتفاظ به لمدة تفوق السنة تضيف المتحدثة". أما كميات المشمش غير الجيدة وأحيانا الفائض الذي يبقى في البساتين فتعمد ربات البيوت إلى تنظيفه ثم تجفيفه جيدا وتحوله إلى مادة "الفرماس" التي تعرف طلبا كبيرا عليها من طرف سكان الصحراء وتستعمل في الأطباق التقليدية خاصة الحارة مثل طبقي العيش (بركوكس) أو (الشخشوخة البسكرية)، حيث يضفي عليها مذاقا مميزا ويعطيها لونا يميل إلى الأحمر. وحتى نواة المشمش خاصة نوعيتي الروزي واللوزي ذات المذاق الحلو تؤكد ل(وأج) حنان ميهوبي مهندسة فلاحية ببلدية بومقر بمقر التعاونية الفلاحية لخدمات التموين لمنطقة تقاوس تجفف وتستخدم في الحلويات في المناسبات والأفراح. منتجات عائلية حققت الاكتفاء الذاتي بالمنطقة وتبحث عن الترويج وأكدت رئيسة جمعية النور للإرشاد التربوي والثقافي بسفيان بأن أغلب الأمهات بمنطقة نقاوس وما جاورها المعروفة بإنتاج المشمش حققن اكتفاء ذاتيا في منتجات عديدة تشتق من هذه الثمرة وساعدتهن التجهيزات المنزلية الحديثة في مضاعفة الكمية و في فترات قصيرة. وأضافت بأن فكرة تسويق الفائض جيدة إلا أنها محليا غير ممكنة لأن كل عائلة تنتج كفايتها وأكثر في كل موسم لكن ربما يكون ذلك مجديا خارج المنطقة على غرار المدن أو الولايات المجاورة فقط منتجاتنا بحاجة إلى ترويج. فربما إذا لاقت هذه المنتجات العناية ستكتسح موائد الجزائريين "ولم لا و نحن نسعى إلى ترسيخ ثقافة "لنستهلك جزائري" تؤكد المتحدثة وهي تشير بافتخار إلى عينات من إنتاج الأمهات والمنخرطات في الجمعية.