أعادت الحكومة تنظيم إجراءات منح الإعانات للشباب الراغب في إنشاء المقاولات بشكل يضمن مرونة أكبر في منح المساعدات، وتسهيلات أكثر لهذه الفئة الراغبة في اقتحام عالم الأعمال والإسهام في جهود تنمية الاقتصاد الوطني عبر إنشاء مشاريعها الخاصة، وقد شملت أبرز التدابير الجديدة، رفع السن القانونية للاستفادة من إعانة الصندوق الوطني لدعم تشغيل الشباب من 35 إلى 40 عاما، مع توسيع صيغ تمويل الدولة للمشاريع المراد تجسيدها من قبل الشباب المعني، وكذا تمكين هؤلاء من تكوين في مجال تسيير المؤسسات مع تكفّل الصندوق الوطني لدعم تشغيل الشباب بمصاريف هذا التكوين. وقد أدرج المرسوم التنفيذي 15 / 156 الذي وقّعه الوزير الأول عبد المالك سلال، في 16 جوان الجاري، تعديلات على المرسوم 03 / 290 الصادر في 6 سبتمبر 2003 والذي يحدد شروط الإعانة المقدمة للشباب ذوي المشاريع، نصّت أبرزها على رفع سن الشباب الراغب في الاستفادة من الإعانة التي يمنحها الصندوق الوطني لدعم تشغيل الشباب، إلى 40 سنة بدلا من 35 سنة التي كانت محددة كأقصى حد في المرسوم السابق، مع اشتراط ضرورة أن يكون الشباب الراغب في الاستفادة من هذه الإعانة من حاملي شهادات التأهيل المهني أو لهم ملكات معرفية معترف بها، وأن يكونوا مسجلين لدى مصالح الوكالة الوطنية للتشغيل كبطالين طالبي عمل، ولا يكونون مسجلين على مستوى مركز تكوين أو معهد أو جامعة عند تقديم طلب الإعانة، إلا إذا تعلّق الأمر بتحسين مستوى النشاط. كما يشترط النص الجديد أن لا يكون الشاب الراغب في الحصول على إعانة قد استفاد في السابق من تدبير إعانة بعنوان "إحداث النشاطات"، فيما تحدد المادة 3 من النص القانوني الجديد، كيفيات تمويل المشاريع الاستثمارية التي يرغب الشباب في إحداثها، حيث "يتوقف الحد الأدنى للأموال الخاصة على مبلغ الاستثمار المراد إحداثه أو توسيعه، وعلى صيغة تمويل مشروع الاستثمار"، مع الإشارة إلى أن هناك صيغيتين ومستويين في التمويل. فبالنسبة للصيغة الأولى المتعلقة بالتمويل الثلاثي المتضمن تمويلا بنكيا، فهي تحدد المستوى الأول من الأموال الخاصة بالشاب المستثمر بنسبة 1 بالمائة من المبلغ الإجمالي للاستثمار، وذلك عندما يقل هذا الاستثمار عن 5 ملايين دينار أو يساويها، فيما يحدد المستوى الثاني من التمويل الذاتي ب2 بالمائة من المبلغ الإجمالي للاستثمار، عندما يفوق هذا الأخير 5 ملايين دينار ويقل عن 10 ملايين دينار أو يساويها. أما الصيغة الثانية للتمويل والتي تشمل التمويل الثنائي، الذي لا يلجأ فيه الشاب المعني إلى التمويل البنكي، فإن المستوى الأول من الأموال الخاصة يصل إلى 71 بالمائة من المبلغ الإجمالي للاستثمار، عندما يقل هذا الاستثمار عن 5 ملايين دينار أو يساويها، فيما تصل نسبة الأموال الخاصة إلى 72 بالمائة في المستوى الثاني الذي يكون فيه المبلغ الإجمالي للاستثمار يفوق 5 ملايين دينار ويقل عن 10 ملايين دينار أو يساويها. وفضلا عن المساعدة المالية المذكورة يستفيد الشاب صاحب المشروع المتحصل على تبليغ الموافقة البنكية من تكوين في مجال تسيير المؤسسة، يتكفّل الصندوق الوطني لدعم تشغيل الشباب بمصاريفه، وذلك طبقا للمادة الرابعة من المرسوم التنفيذي الجديد، الذي يشير في سياق متصل إلى استفادة الشباب المؤهلين للحصول على إعانة من قرض إضافي غير مكافأ لا تتعدى قيمته 500 ألف دينار للتكفل بإيجار المحل أو مكان الرسو على مستوى الميناء المخصص لإحداث أنشطة إنتاج السلع والخدمات المرخص لها قانونا، وذلك في حال لجأ الشاب أو الشباب أصحاب المشاريع إلى تمويل بنكي في مرحلة إحداث النشاط، غير أنه لا يحق للشباب ذوي المشاريع الاستفادة من القروض غير المكافأة، عندما يكون صاحب المحل من الأصول أو زوج صاحب المشروع. وتجدر الإشارة إلى أن الدولة كان قد أقرت بموجب توصيات مجلس الوزراء المنعقد في 22 فيفري 2011، سلسلة من التدابير لزيادة تعزيز أجهزة دعم تشغيل الشباب وتحفيز الاستثمارات الصغيرة، وتثمين المزايا والتسهيلات التي كانت مطبّقة من قبل، حيث تضمنت هذه التدابير إزالة الحواجز التي كانت عائقا أمام العديد من الشباب أصحاب المشاريع، تخفيض المساهمة الشخصية في تمويل الاستثمار (من 5 بالمائة إلى 1 بالمائة بالنسبة للاستثمارات التي لا تتجاوز 5 ملايين دينار ومن 10 بالمائة إلى 2 بالمائة بالنسبة للاستثمارات التي تصل إلى 10 ملايين دينار)، فضلا عن توسيع الحد الأقصى لنسب الفوائد الميسرة على القروض البنكية (80 بالمائة في الشمال و5 بالمائة في الجنوب والهضاب العليا) ليشمل نشاطات البناء والأشغال العمومية والمياه والصناعات التحويلية، مع تمديد فترة مؤجل دفع الفوائد بسنة واحدة ومؤجل تسديد أصل القرض البنكي بثلاث سنوات، ومنح قرض إضافي بلا فوائد بقيمة 500 ألف دينار عند الاقتضاء، لتأجير محل يستغل في النشاط أو لحيازة مركبة تتم تهيئتها في شكل ورشة في حالة النشاط المهني الممارس من قبل خريجي التكوين المهني. وقد ساهمت كل هذه الإجراءات التحفيزية في تنامي عدد المؤسسات والمشاريع المستحدثة من قبل الشباب سنويا لتصل إلى 90 ألف مؤسسة مصغرة، من بينها 60 ألفا في إطار جهاز الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب و30 ألفا في إطار الجهاز المسير من طرف الصندوق الوطني للتأمين على البطالة، وذلك طبقا للأرقام الأخيرة التي قدمها وزير التشغيل والعمل والضمان الاجتماعي، أمام اللجنة المختصة بالمجلس الشعبي الوطني، والتي كشف من خلالها بأن عدد المؤسسات المصغرة والمشاريع الممولة بولايات الجنوب الجزائري بلغ 13544 مشروعا إلى غاية نهاية ديسمبر 2014.