يتواصل برواق ”عائشة حداد” إلى غاية التاسع جويلية الداخل، معرض المصوّر المحترف أوقوتي مولاي أحمد المعنون ب«الفانتازيا، الأصالة والتراث”، يضمّ خمس عشرة لوحة تعّبر عن هذا التقليد الفني الجميل. ولا يستثني المصوّر المحترف أوقوتي مولاي أحمد تصوير كلّ ما يثير عينيه ويلهم حسه وينمي مخيلته، وهو بهذا يخلّد لقطات من الحياة بعضها عادية وأخرى فنية في ذاكرة العامة، من خلال تجسيدها عبر صور، وفي هذا السياق، يقدّم صورا عن الفنتازيا (عروض الفروسية) بكلّ تفاصيلها وخصوصياتها، وأضفى على العديد منها لمسات فنية جعلتها تبدو كأنّها لوحات زيتية، والفنتازيا وتسمى أيضا الخيالة والبارودية والتّبُوريدَة وصحاب البارود، اسم يطلق على عروض فروسية، تحاكي هجمات عسكرية، تمارس في بلدان المغرب العربي، في مختلف مناطقها. وتبرز صور مولاي أحمد، مدى جمال الأحصنة البيضاء والبنية وقوتها، إضافة إلى شجاعة الفرسان، حيث يتم في مشاهد الفنتازيا، تقديم تمثيليات لهجمات يشنها الفرسان وهم يمتطون أخيلتهم المزينة بسروج مزركشة ولُجم ملوّنة، ويقومون بإطلاق البارود وسط صيحاتهم التي لا تنتهي. وتعدّ الفنتازيا، تقليدا شعبيا بامتياز وتنظّم في العادة في مواسم محدّدة وبالأخص فيما يسمى ب«الوعدة”، وتعرف نجاحا كبيرا يجذب إليها الجمهور الذي يعود بمخيّلته إلى زمن لم يعشه، كانت فيه الخيول وسيلة نقل فعّالة، ترمز أيضا إلى عالم الأساطير والقصص الشعبية الهادفة. والتقط أحمد صورة لجمع من الفرسان يوجهون بنادقهم إلى ”العدو”، وعلى جانب الصورة، نرى جمعا من الناس يتابع بشغف هذا المشهد الدرامي، وفي صورة أخرى نفس المشهد لكن ما يميّزه هو أنّ الفرسان يمتطون جميعهم أحصنة بيضاء اللون، كما يظهر الدخان المنبعث من بنادقهم. التقط الفنان المزيد من الصور عن الفنتازيا، منها صورة لفارس يمتطي حصانا ويرتدي لباسا تقليديا، كما يضع على ظهره العلم الجزائري، وأخرى لفارس يقوم بمناورة ومحاولة التحكّم بحصانه، ويظهر الغبار وهو يتطاير، رمزا لقوّة المشهد. وأظهر الفنان في بعض صوره، ملامح الفرسان بعضهم في غاية المرح والفرح، وهم يدركون أنّهم يقومون بمشاهد استعراضية ليس إلاّ، أي أنّهم يعيدون مشاهد قُدمت في السابق مع فرق أنّها كانت واقعية آنذاك. كما وضع الفنان بصمته الفنية على صورة حوّلها إلى شبه لوحة زيتية، ويظهر فيها أربعة فرسان يمتطون الأحصنة البيضاء ويهبون للهجوم، وفي هذه الصورة، لعب الفنان بالضوء فجاء عمله يحمل خطوطا ملوّنة زادت من بهائها. للإشارة، اختار الفنان أن تكون صوره ملوّنة ولم يستعمل تقنية الأسود والأبيض، كما ظهرت معظمها بوضوح تام وهو ما زادها نقاء وجمالا، في حين أضفى على القليل منها ضبابية فنية جعلتها تبدو كأنّها لوحات زيتية.