توقع تقرير "آفاق الاقتصاد العربي" الصادر عن صندوق النقد العربي، حدوث عجز في الموازنة الجزائرية، في ظل هبوط أسعار البترول والارتفاع الموازي في مستويات الاستهلاك المحلي للطاقة. وأشار إلى أن العجز في الميزان التجاري خلال 2015، سيصل إلى حوالي 21.5 مليار دولار، وهو ما يمثل 10.4 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي. وتوقع تراجع الصادرات بنسبة 28.6 بالمائة لتبلغ 45 مليار دولار خلال 2015. فيما توقع أن ترتفع قيمة الواردات إلى 60 مليار دولار، وهو ما يعني أن الفائض في الميزان التجاري الذي شهدته 2014، سيتحول إلى عجز قدره 15 مليار دولار، مع العلم أن العجز بلغ 6 ملايير دولار حسب إحصائيات الجمارك الجزائرية خلال الخمسة أشهر الأولى من 2015. وأوضح التقرير أن النفقات المتضمنة في موازنة 2015، بلغت 112 مليار دولار بزيادة قدرها 15.7 بالمائة. أما الإيرادات فقدرت بحوالي 60 مليار دولار بزيادة نسبتها 12 بالمائة. وقال إنه استنادا إلى تقديرات الموازنة فإنه من المتوقع أن يبلغ العجز في الموازنة نسبة 22 بالمائة من الناتج الاجمالي المحلي، نتيجة الانخفاض في الإيرادات النفطية والارتفاع الكبير في النفقات، واستمرار المستوى المرتفع للإيرادات الجارية، مشيرا بالخصوص إلى ارتفاع فاتورة الأجور والدعم التي تمثل 26 بالمائة من الناتج المحلي. وقال المصدر ذاته أن تراجع مدفوعات دخل الاستثمار سيؤدي إلى تراجع العجز في ميزان الخدمات والدخل ليبلغ حوالي 8.5 مليار دولار مقارنة ب11.5 مليار دولار المحققة خلال 2014. رغم ذلك فإنه جاء في التقرير عن الوضع في الجزائر، أن فرص النمو تبدو أفضل في 2015، على ضوء اتجاه الحكومة لزيادة الإنتاج النفطي وإقرار إصلاحات اقتصادية تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توقع نموا تدريجيا لناتج قطاع الغاز في الفترة المقبلة، على ضوء اتجاه دول الاتحاد الأوروبي إلى تنويع الإمدادات. وبالتالي تحدث عن نمو حقيقي بنسبة 3 بالمائة خلال السنة الجارية. من جهة أخرى توقع التقرير أن ترتفع نسبة التضخم بالجزائر في 2015، مرجعا ذلك للظروف المناخية غير الملائمة التي أثرت على مستويات الإنتاج الزراعي. كما توقع ارتفاع مستويات الطلب المحلي نتيجة الزيادات المقررة في مستويات الأجور الحكومية. إلا أنه تحدث عن تراجع مكون التضخم المستورد وهو ما سيخفف من حدّة تلك الارتفاعات، باعتبار أن السلع المستوردة تمثل 40 بالمائة من وزن سلّة الرقم القياسي للأسعار. وبالأرقام توقع أن يصل معدل التضخم في الجزائر إلى نحو 3 بالمائة فيما قدر ب2.9 بالمائة في السنة الماضية. وعن السياسة النقدية، فإن تقرير صندوق النقد العربي، تحدث عن الجهود التي يبذلها البنك المركزي من أجل السيطرة على الزيادة في مستويات المعروض النقدي نتيجة ارتفاع السيولة الراجع إلى زيادة إيرادات المحروقات في السنوات الماضية، وأشار إلى أنه بهدف امتصاص فائض السيولة، قام البنك برفع نسبة الاحتياطي القانوني وزيادة حجم عمليات إعادة الشراء، متوقعا أن تستمر تدخلات بنك الجزائر لامتصاص الفائض في السيولة. واستثنى تقرير صندوق النقد العربي في مرات عدة لدى حديثه عن الوضع العربي، الجزائر من مواجهة ظروف صعبة مقارنة بدول أخرى مصدرة للنفط خارج دول الخليج لاسيما العراق وليبيا واليمن. وأشار إلى أنه باستثناء الجزائر فإن الدول العربية (غير الخليجية المصدرة للنفط) تواجه ظروفا سياسية واقتصادية "غير مواتية"، وهو ما يفرض عليها تحديات من أجل رفع وتيرة النمو الاقتصادي ووضع حد للاختلالات الاقتصادية التي تواجهها. وبصفة عامة، فإن الصندوق تحدث عن تطورات جهوية وإقليمية بالمنطقة العربية من شأنها التأثير على النمو الاقتصادي بها خلال 2015، وعلى رأسها انهيار أسعار النفط التي تراجعت خلال أشهر بنسبة 60 بالمائة، حسب التقرير الذي قال إن التأثير سيكون بدرجات متفاوتة بين الدول المصدرة للنفط، فيما تحدث عن استفادة الدول المستوردة له وتحسّن آفاق نموها بسبب هذا التراجع في أسعار المحروقات. ومن خلال هذا وعوامل أخرى مثل اللاستقرار السياسي والأمني ببعض الدول العربية، فإن التقرير توقع أن تحقق الدول العربية كمجموعة نسبة نمو ب3 بالمائة في 2015، بانخفاض نقطة واحدة حسب التوقعات التي سبقت انهيار أسعار النفط. أما على صعيد المجموعات الفرعية فتوقع تسجيل البلدان المصدرة للنفط نسبة نمو ب2.9 بالمائة مقابل 3.7 بالمائة في 2014. وبالنسبة لدول الخليج فإن نسبة النمو يتوقع أن تبلغ 3.2 بالمائة أي أقل من التوقعات قبل هبوط أسعار النفط والتي تجاوزت 4.4 بالمائة، وأقل من ال4 بالمائة المسجلة في 2014. أما بالنسبة للدول غير المصدرة للنفط، فإن وتيرة النمو حسب التقرير لن تتجاوز 1.7 بالمائة بعيدا عن التوقعات السابقة والتي بلغت 5.3 بالمائة، وذلك ليس فقط بسبب انهيار أسعار النفط وإنما كذلك بسبب الأوضاع الداخلية ببعض هذه البلدان. أما في الدول المستوردة للنفط، فإن التقرير يشير إلى تحسن وتيرة نموها الذي يتوقع أن يبلغ 3.7 بالمائة خلال 2015، مقارنة ب2.8 بالمائة في 2014.