انتخب البرلمان الباكستاني بأغلبية الأصوات أمس عاصف زرداري زوج الزعيمة الراحلة بنظير بوتو رئيسا للبلاد خلفا للرئيس السابق برويز مشرف المستقيل من منصبه شهر أوت الماضي تحت ضغط الائتلاف الحكومي. وكما كان متوقعا فقد صوت أعضاء البرلمان والمجالس الإقليمية الأربعة أمس بالأغلبية على زرداري الذي يضمن رئاسة حزب الشعب بالنيابة لشغل منصب رئيس للبلاد في عملية اقتراع كانت محسومة سلفا لصالحه. ولم يتمكن منافساه سعيد الزمان صديقي رئيس السلطة القضائية الاسبق ومشاهد حسين المقرب من الرئيس المقال برويز مشرف من الحصول سوى على عدد محدود من اصوات النواب. وأثار ترشح زرداري لرئاسة البلاد منذ الوهلة الأولى أزمة سياسية حادة على مستوى الائتلاف الحكومي بعد انسحاب الرابطة الإسلامية بزعامة نواز شريف ثاني أهم حزب في البلاد الذي طالب بإعادة القضاة المعزولين من طرف الرئيس مشرف إلى مناصبهم. وهو الأمر الذي رفضه حزب الشعب بقيادة عاصف زرداري من منطلق تخوفه من إمكانية إثارتهم لقضايا الفساد التي تورط فيها واحتمالات متابعته قضائيا. وكسب عاصف زرداري صفته كونه كان رمزا للفساد إلى حد أنه لقب ب"السيد عشرة في المائة" وهو لقب مازال يلاحقه حتى الآن في إشارة إلى قضايا الفساد والرشوة التي تورط فيها خلال فترتي حكم زوجته الراحلة بنظير بوتو في تسعينيات القرن الماضي. وسبق للقضاء الباكستاني أن أسقط جزءا من التهم الموجهة ضد زرداري الذي أمضى11 عاماً في السجن بتهمة الفساد والقتل في وقت كانت زوجته في السلطة (1996-1993-1990-1988). وقد أصدر الرئيس مشرف قبل عام في وقت كان يجري مفاوضات مع بوتو بهدف التوصل إلى اتفاق على تقاسم السلطة. غير أنه وبالرغم من الجدل الذي تثيره شخصية زرداري فإنه لم يكن ممكنا طعن عهدته الرئاسية لخمس سنوات بعد فوز حزب الشعب الباكستاني الذي يتزعمه منذ اغتيال زعيمته السابقة بنظير بوتو في 26 ديسمبر الماضي في الانتخابات التشريعية في 18 فيفري الماضي. وهو الأمر الذي دفع بعديد الصحف الباكستانية إلى إبداء تخوفات في افتتاحياتها مما وصفتها بالتأثيرات السلبية لتنصيب شخصية مثيرة للجدل إلى هذا الحد في بلد مهدد بالفوضى السياسية والانهيار الاقتصادي ومخاطر العنف المرتبط بتعاظم قوة حركة طالبان وتنظيم القاعدة في المناطق القبلية المتاخمة لأفغانستان. ثم ان باكستان التي تشهد منذ أزيد من عام موجة من العمليات الانتحارية أوقعت حوالي 1200 قتيل لم تتمكن بعد من احتواء الوضع الأمني المتوتر في ظل استمرار الهجمات الانتحارية. ودليل ذلك العملية الانتحارية التي شهدتها أمس مدينة بيشاور عاصمة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي في باكستان والتي خلف مصرع ما لا يقل عن 16 شخصا وإصابة 80 آخرين. واستهدف التفجير الانتحاري الذي وقع ساعات قليلة قبل انتخاب زرداري نقطة تفتيش للشرطة والجيش في منطقة زانغلاي وأدى إلى تدمير نقطة التفتيش والمباني المجاورة لها.