يناقش نواب المجلس الشعبي الوطني بعد أسابيع قليلة مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية الذي أدرج ضمن جدول أعمال الدورة الخريفية التي افتتحت في الثاني سبتمبر الجاري وذلك إلى جانب مشروع قانون المالية والميزانية لسنة 2009 الذي يعد أهم قانون يعرض على النواب. وقد أدرجت الحكومة مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية بين مشاريع القوانين التي ستعرض على النواب خلال هذه الدورة لتلبي بذلك مطلبا ظل يتكرر بإلحاح من قبل نواب المجلس ورئيسه في العهدة الحالية والسابقة خلال عرض ومناقشة مشاريع قوانين المالية والميزانية، وأكد هؤلاء في العديد من المرات على تمكينهم من مراقبة صرف المال العام والاعتمادات المالية الضخمة التي تخصص سنويا لمختلف القطاعات في إطار قانون المالية والميزانية الذي يكون من بين مشاريع القوانين الأولى التي تناقش ويصادق عليها من قبل البرلمان بغرفتيه. ويأتي إيداع الحكومة للقانون العضوي المتعلق بقوانين المالية لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني استجابة إلى حاجة الهيئة التشريعية والهيئة التنفيذية إلى مراجعة هذا القانون وجعله يواكب التطورات وكذا توفير الإطار القانوني الملائم للتنظيم المالي الذي تطبعه الشفافية والوضوح حيث سيسمح القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية الذي أودع لدى المجلس بعرض قانون ضبط الميزانية الذي سيكون أداة فعالة للرقابة البرلمانية بتقييم السياسة المنتهجة والتأكّد من صرف المال العام وتحقيق البرامج المسطرة في إطار قانون المالية وما يرصده من إعتمادات مالية لكافة القطاعات. ومن المتعارف عليه في تقاليد البرلمانات أن دورة الخريف من كل سنة هي دورة قانون المالية والميزانية لما لهذا النص القانوني من تأثير ووزن كبيرين حيث ينص الدستور صراحة في مادته 160 أنه تطبيقا لمبدأ الرقابة التي تمارسها المجالس المنتخبة تقدم الحكومة لكل غرفة من البرلمان عرضا عن استعمال الإعتمادات المالية التي أقرتها لكل سنة مالية وأن السنة المالية فيما يخص البرلمان تختم بالتصويت على قانون يتضمن تسوية ميزانية السنة المالية المعنية. وقد استندت الهيئة التشريعية على النص الدستوري المذكور وأكدوا أنه من غير المنطقي وغير المعقول وغير اللائق أن يطلب من البرلمان في نهاية كل سنة التصويت والمصادقة على إعتمادات مالية دون أن ينظر في مصيرها وكيف تم استغلالها وما تم تحقيقه بموجبها وما لم يتم تحقيقه. من جهة أخرى نصت المادة 123 من الدستور أن البرلمان يشرع بقوانين عضوية ومنها القانون المتعلق بقوانين المالية إلا أن القانون الحالي يعود إلى سنة 1984 ولم يعد يواكب التطورات كما أن مشروع القانون العضوي لقوانين المالية حسب وزير المالية السابق يعد دعامة أساسية بالنسبة للجانب المالي وما يتعلق به من إصلاحات جوهرية لكل القوانين ذات الصلة وذلك في إطار عصرنة الميزانية وحسن تسييرها بما يحقق النجاعة في طرق الإنفاق بالمتابعة الجادة والوضوح اللازم. ومن دون شك أن مشروع القانون العضوي لقوانين المالية سيحقق قفزة نوعية في مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية كما يحقق مطلب الهيئة التشريعية التي ما فتئت تؤكد تقديمه أمام النواب لمناقشته والمصادقة عليه ليكون سندا قانونيا ملائماً لمتابعة المهمة الرقابية في إطار قانون ضبط الميزانية. من جهة أخرى سيضمن هذا المشروع الشفافية في استغلال الميزانية وتعزيز الثقة من خلال معرفة كيف وأين صرف المال العام الذي يخصص سنويا لمختلف القطاعات. وكان رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري قد دعا الحكومة خلال افتتاحه الدورة الخريفية إلى إيداع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية "ليكون مرجعا أساسيا يوفر الإطار المناسب لمعايير الشفافية في طرائق صرف المال العام وترشيد الإنفاق وتجسيد آلية الرقابة البرلمانية".