الشاب زينو من نجوم أغنية الراي في الساحة الفنية بوهران، في عقده الثالث تأثر بمن سبقوه من نجوم هذا الطابع الغنائي، غير أنه اختار على غرار بعض أقرانه، أن ينهل من التراث الوهراني الأصيل ويغني لفطاحلة شعراء الملحون، حيث فرض منطقه على المنتجين بأن يضم ألبومه أغنيتين من التراث الوهراني القديم في محاولة منه كما يقول الحفاظ على هذا الموروث الثقافي. ❊ كيف كانت بداية زينو مع عالم الراي؟ — في ال15 سنة من عمري كانت بدايتي، حيث كنت أقطن في حي الكمين العتيق الذي ولدت وترعرعت فيه، إذ أنجب هذا الحي العديد من شباب الراي من طينة الكبار على غرار ملك الراي الشاب خالد والهندي وغيرهم، لذلك تربينا على أغنية الراي، وكنت وقتها أحمل ميولا كبيرا للغناء من خلال مشاركتي في الحفلات المدرسية، فقررت أن أدخل عالم غناء الراي، غير أن البداية لم تكن سهلة، لكنني كنت مؤمنا بموهبتي وسرت خطوة بخطوة، والحمد لله أعتبر نفسي أنني حققت حلمي. ❊ المتتبع للأغنية الرايوية قد لا يجد مطربا في أغنية الراي لم يغن عن وهران، فما سر هذه العلاقة؟ — نعم هناك حالة عشق أزلية بين مدينة وهران وسكانها وحتى زوارها، هذه المدينة منّ عليها الله بحب الناس، والدليل أنها تشبه بمدينة باريس، وألهمت الكثير من شعراء الملحون، أشهرهم الشيخ مكي نونة الذي كتب أغنية "مرسم وهران" وغناها المطرب هواري بن شنات وأعادها أغلب مغنو الراي، وأنا شخصيا لا أستطيع أن أبتعد عنها حتى عندما أسافر خارجها من أجل العمل، فسرعان ما أعود إليها حاملا أشواقا وحنينا. ❊ أنت كذلك كتبت أغنية عن وهران؟ — نعم شاركت مع الموسيقي الحبيب هيمون ابن الممثل الكوميدي مصطفى "غير هاك" في كتابة أغنية حملت عنوان "وهران همة ياولد أما" وصورت على شكل فيديو كليب، هي هدية مني لكل محبي وهران ولأولاها الذين يعيشون في الغربة. ❊ أنت من بين مطربي الراي الذين اختاروا الكلمات النظيفة واستعنت بالتراث الوهراني؟ — نعم الحمد لله، أنا أحترم العائلة الجزائرية، والفن رسالة اجتماعية قبل كل شيء، ونقل صادق للمشاعر الإنسانية، من المفروض أن تكون بطريقة محترمة، وهذا هو دورنا كفانين، لكن مع الأسف، حاليا حوّل المنتجون أغنية الراي إلى فن هابط، موسيقي يدخل عليها أي شيء من الكلام القبيح وتنال شهرة واسعة، يرددها الكبير والصغير وتسمع داخل العائلات الجزائرية وفي أفراحها، حتى موسيقي الرسوم المتحركة الشهيرة لم تسلم من يد أشباه الفنانين، كيف ذلك؟ لا أستطيع أن أشرح هذه الظاهرة حقيقة. ❊ وما هو الحل في رأيك للقضاء على هذه الظاهرة؟ — للأسف، لقد أصبحت واقعا لا يمكن الهروب منه، إنها تشبه تماما مرض السرطان الذي يصيب جسم الإنسان، ويعمل الأطباء على الحد من انتشاره، نحن بحاجة إلى تضافر جهود جميع فناني الأغنية الوهرانية والرايوية وكتاب الكلمات الغيورون على فنهم من أجل تقديم أغاني ذات كلمات نظيفة، تتماشي مع ذوق الجمهور، لاسيما شريحة الشباب المستهدفة، كما نحتاج إلى الدعم من الوزارة الوصية لتفعيل الدور الرقابي لديوان حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لمنع المنتجين من إنتاج الأغاني الهابطة، خاصة أن منها ما تسجل مباشرة من سهرات الملاهي وتباع في الأسواق. ❊ فقدت الساحة الفنية في وهران مؤخرا إيقونة فن الراي في زمنه الذهبي المرحوم بالقاسم بوثلجة، الذي رحل بعد معاناة لسنوات مع المرض والفاقة في صمت ودون التفاتة منكم كفنانين لا قبل موته ولا بعده؟ — نعم رحمة الله عليه، بالرغم من أن الفنان بالقاسم بوثلجة كان في عصره نجما لأغنية الراي وأعطى الكثير لهذا الفن، غير أنه لم يلق ما يستحقه من الاهتمام والرعاية في آخر أيامه بعد أن أقعده المرض، وأنا أعترف أننا كفنانين قصرنا في حق هذا الرجل وهذا دور النقابة والجهة المسؤولة عن الثقافة بوهران التي لم تقدم بأية مبادرة، لمساعدته وحفظ كرامته، فلا أعتقد أن هناك فنان سيرفض أن يحيي حفلة مجانية لفائدة المرحوم بوثلجة وأنا أولهم. ❊ أنت ممن يشجعون الاستعانة بقصائد التراث الوهراني في غنائهم؟ — نعم لأن مكتبة التراث الوهراني غنية، لماذا لا نستعين بها في ظل نقص كتاب الكلمات عندنا، أنا شخصيا مستعد للغناء من التراث الوهراني لو وجدت الدعم من المنتجين، ومع ذلك أحاول في كل ألبوم أنتجه أن أشترط على المنتج أغنيتين من التراث، مثلي مثل العديد من المغنيين من أصدقائي، على غرار بلال الصغير، الشاب رضا، محمد العاليا، سيد احمد الهندي وغيرهم. ❊ هل من مشروع ألبوم جديد في الأفق؟ — أنا بصدد التحضير لأغنية عن وهران، لكن هذه المرة سأتطرق إلى مناطق أخرى من المدينة لم يذكرها الشعراء وكتاب الكلمات، بالرغم من أنها مشهورة بمعالمها وأوليائها الصالحين وستكون مفاجأة لجمهوري.