احتفلت كل مناطق الوطن، أمس، بذكرى اندلاع ثورة الفاتح نوفمبر المجيدة. وتميّز إحياء الذكرى ال 61 بتنظيم تظاهرات متنوعة عبر ولايات الوطن، استحضرت الماضي ومجّدت أبطاله، ووقفت عند ضرورة الحفاظ على رسالتهم ونقلها للأجيال الصاعدة. وقد تخللت هذه الاحتفالات وقفات للترحم على أرواح الشهداء، وتنظيم لقاءات فكرية وإقامة معارض ومنافسات رياضية وثقافية، بالإضافة إلى تدشين مرافق وتسميتها بأسماء الشهداء الذين استرجعوا سيادة الوطن. أقيم أمس بقصر الشعب بالجزائر العاصمة، حفل استقبال بمناسبة إحياء الذكرى ال 61 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954، حضره كبار المسؤولين في الدولة، يتقدمهم رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة والوزير الأول عبد المالك سلال. وبهذه المناسبة، تلقّى السيدان ولد خليفة وسلال التهاني من أعضاء الحكومة وضباط سامين في الجيش الوطني الشعبي، ومن شخصيات تاريخية ووطنية ومجاهدين ومجاهدات، فضلا عن ممثلي الأحزاب السياسية وتنظيمات المجتمع المدني وكذا أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر. وعرف المتحف المركزي للجيش الوطني الشعبي برياض الفتح أمس، تدشين معرض للصور، سجل إقبالا كبيرا للزوار الذين جاءوا من مختلف ولايات الوطن لمشاهدة صور كبار القادة والمجاهدين والشهداء الذين صنعوا ثورة نوفمبر المجيدة، وهي الصور التي تجسّد المعارك الكبرى التي خاضها أبطال الجزائر ضد الاستعمار الغاشم في الفترة الممتدة ما بين 1954 و1962 في الولايات الست التاريخية. وسيظل المعرض مفتوحا للجمهور بالمتحف المركزي للجيش لمدة أسبوعين، فيما سيستمر معرض الكتاب التاريخي مدة يومين، ويضم مجموعة من الكتب التاريخية القديمة والجديدة حول تاريخ الاستعمار بالجزائر، لمختلف المؤلفين الجزائريين والأجانب، وكذا مذكرات لعدة شخصيات عاصرت الثورة المجيدة؛ من جزائريين وأجانب. ودائما في إطار الاحتفالات التي عاشتها ولايات الوطن، تم بولاية الجلفة تدشين جدارية تاريخية تبرز أحداث مظاهرات سكان مدينة الجلفة ضد الاحتلال الفرنسي في 1 و2 من شهر نوفمبر 1961. كما عاشت ولاية الشلف مشهدا يعبّر عن مدى تلاحم الأسرة الثورية؛ حيث كانت المناسبة فرصة لالتقاء السلف بالخلف من أجل مواصلة معركة البناء والتشييد، ولتكريم المجاهدين وأرامل وأبناء الشهداء؛ في أجواء مميزة حضرتها العديد من الوجوه الثورية ومواطنو الولاية، زادتها الأناشيد الوطنية بهجة واحتفالية كبيرة بغرة نوفمبر الخالدة مع رفع الراية الوطنية في ليلة عزيزة بساحة الشهداء. وتم إطلاق العديد من أسماء الشهداء على المؤسسات العمومية؛ تخليدا لبطولاتهم إلى جانب تنظيم العديد من المعارض، تم من خلالها عرض صور تمثل الحقبة الاستعمارية ومظاهر العذاب وأبشع الجرائم التي تعرّض لها الشعب الجزائري، إلى جانب عرض الأفلام الثورية والمعارك التي خاضها الأبطال فداءً للوطن. وعلى غرار باقي ولايات الوطن، أحيت ولايات سطيف، برج بوعريريج وميلة هذه الذكرى بوضع حجر الأساس لبعض المشاريع، ومعاينة وتدشين البعض الآخر، منها تدشين الفرع الإداري بحي يحياوي ومدرسة ابتدائية بحي عين موسى بسطيف. أما بولاية برج بوعريريج فتم إعطاء إشارة انطلاق السباق الجهوي، ووضع حجر الأساس لكل من مشروع إنجاز قاعة رياضية متخصصة، وكذا مشروع إنجاز مقر لديوان الترقية والتسيير العقاري، بالإضافة إلى وضع حجر الأساس لمشروع إنجاز سوق مغطاة بحي المجاهدين، وتدشين وتسمية مجمع مدرسي، مع وضع حيز الخدمة مشروع تزويد قرى رأس العين، الخربة وبسباسة بالغاز الطبيعي. كما كانت ولاية ميلة هي الأخرى على موعد مع الاحتفالات؛ حيث تم تدشين ملعب جواري، ووضع حجر الأساس لمشروع إنجاز مقر بلدية جديد، ليُسدل الستار على جدارية تاريخية، مع تسمية أحد الأحياء باسم الشهيد داعر علي. كما تم بذات المناسبة تنظيم معرض تاريخي ومعرض للصناعات والحرف التقليدية ببهو ثانوية عين ملوك. وبسوق أهراس، شارك 300 عدّاء وعدّاءة من 15 ولاية من البلاد في السباق الوطني على الطريق، وذلك ضمن سلسلة التظاهرات الرياضية والثقافية المنظمة بمناسبة إحياء الذكرى ال 61 لاندلاع ثورة أول نوفمبر 1954، والمنظم من طرف الرابطة الولائية للرياضة والعمل بالتنسيق مع مديرية الشباب والرياضة، إلى جانب تنظيم دورات في كرة القدم بين الأحياء وبين وحدات الأمن الوطني، فضلا عن تنظيم تظاهرات رياضية أخرى. كما قام والي الولاية بإعطاء إشارة انطلاق أشغال الشطر الأول لازدواجية طريق اجتنابي، وتدشين مركّب الأمومة والطفولة بمدينة سوق أهراس، الذي أُطلق عليه اسم الشهيدة خديجة بن بنوار التي استشهدت في أحداث ساقية سيدي يوسف. وبولاية البيّض تم الشروع في تصوير الفيلم التاريخي الذي يحمل عنوان "البيّض- المقاومة" للمخرج السينمائي العربي لكحل، وهو فيلم يروي وقائع تاريخية عايشتها ولاية البيّض إبان حرب التحرير المظفرة. كما تم بولاية تيزي وزو عرض 5 أفلام ثورية بمتحف السينما ومؤسسات إعادة التربية بعاصمة الولاية وعزازقة وذراع الميزان. كما برمجت فعاليات الإنشاد الثوري مع وقفة تكريمية للمجاهد الراحل علي زعموم بحضور حرمه "نا ويزة". وبقرية إيغيل إيمولا ببلدية تيزي نتلاثا تنقّل جمع غفير من المجاهدين القدامى وأقربائهم وتلاميذ المدارس وممثلي الحركة الجمعوية، لاكتشاف أو إعادة اكتشاف هذا المعلم التاريخي الكبير، الذي أضحى يروي بطولات أبناء نوفمبر 1954، وهي القرية التي يتواجد بها بيت الشهيد رابح إيدير، الذي احتضنت إحدى غرفه التي كانت تعلو محلا لنفس الشهيد، عملية كتابة ونسخ النداء الموجّه للشعب الجزائري والرأي العام الدولي، معلنا عن اندلاع الكفاح المسلح الوطني وميلاد جبهة التحرير الوطني.