يتبجح الغرب أنه هو راعي الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان في العالم، ويسعى من خلال تدخلاته في الشؤون الداخلية للدول لإعطاء دروس في الديمقراطية وكيفية حماية حقوق الإنسان. لكن الواقع أثبت أن الديمقراطية التي يتذرع بها الغرب للتدخل وبسط نفوذه لم تحصد منها شعوب العالم شيئا وبالأخص الشعوب العربية التي يبدو أنها مهيأة ولها قابلية أكثر من غيرها لتلقي الدروس حتى وإن كان على حساب وحدتها وسيادتها واستقلالها. الكثير من العرب لا يعرفون أننا سبقنا الغرب في إرساء هذه الحقوق، فيوم كانت حقوق المرأة والطفل والحيوان مهضومة، كان المسلمون أول من صان هذه الحقوق التي جاء بها الإسلام، أما في العصر الحديث، فقبل 27 عاما من توقيع اتفاقية جنيف لأسرى الحرب، قام الأمير عبد القادر الجزائري بتحديد حقوق الأسرى وأصدر مرسوما عسكريا يحظر تعذيب الأسرى أو تصفيتهم جسديا. فكيف تحولنا من أساتذة في تعليم الناس حقوق الإنسان إلى تلاميذ أغبياء يتلقون الدروس دون أن يتفطنوا للخديعة التي دمر بها الغرب بلداننا؟ وها نحن نجني ثمار حقوق الإنسان والديمقراطية التي أراد الغرب أن يعلمنا ممارستها، بعد أن استغبى الشعوب العربية وضحك عليها، فماذا جنى العرب الذين انخدعوا بالحرية التي رسمها لهم برنار ليفي الذي يطبق حرفيا تعليمات نتانياهو الذي أدرك أن أحسن حماية للكيان الصهيوني هو إضعاف وتجزئة الدول العربية المجاورة؟. كل ما جناه عرب اليوم هو الدمار والخراب، فلا حرية ولا ديمقراطية ولا هم يحزنون، لأنهم لم يحفظوا الدرس من مستعمر الأمس الذي عاد اليوم في ثوب الحرية والديمقراطية التي أعمت أشعتها عيون العرب، فصدقوا قبل أن يتأكدوا وخاضوا مع الخائضين لتتحول المنطقة العربية إلى مرتع للحرب الطائفية والتنظيمات الإرهابية. للأسف، لم يتوقف الأمر عند الفشل في عدم تحقيق الديمقراطية والحريات المنشودة، بل إن الحلم المفقود كان ثمنه ضياع الأمن والاستقرار وفقدان كل مقومات الدولة.