ماذا ينتظر من الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية بشأن التطورات الأخيرة للأزمة السورية؟ وهل مازال للجامعة العربية موقف من شأنه أن يؤثر على الأحداث عكس ما تريد فرضه الدول الغربية؟ كل المؤشرات تؤكد أن الموقف النهائي لن يخرج عن دعم الخيار العسكري الذي تبنته العواصم الغربية كخيار وحيد في انتظار تحديد توقيت الضربات لاستكمال تدمير مالم تطله الحرب في سوريا. إن تبني الخيار العسكري لحل الأزمة بين السوريين هو خيار عكس المنطق، لأن الإخوة السوريين مهما اختلفوا وتباينت موافقهم، بإمكانهم الجلوس إلى طاولة الحوار والتوصل إلى صيغة ترضي الطرفين وتجنب البلاد الدمار الشامل. أما التطبيل للتدخل العسكري الأجنبي فإنه يناقض تماما مواثيق ومبادئ الجامعة العربية، ويتنافى والأخلاق السياسية، لأن الذي لم يفهمه البعض أو تغاضوا عن فهمه، هو أن ضرب وتدمير أية دولة عربية هو إضعاف للشعوب العربية وتدمير لقدراتها في مواجهة التحديات الحقيقية. ومن حق الغرب أن يفرح ويهلل لمثل هذه الضربات، كما فعل من قبل، لأنها تصب في الاستراتيجية التي تخدم مصالحه وتحقق مخططاته، لكن أن يفرح عربي ويتحمس لضربات عسكرية أجنبية ضد شعب عربي، فهذا مالا يتقبله لاعقل ولا منطق. هل مازلنا ننخدع بالشعارات المزيفة التي يرفعها الغرب لإقناعنا بأن الأحداث التي ساندها ودعمها عسكريا في البلدان العربية، هي من أجل الحريات والديمقراطية؟ إن الأمر لا يحتاج إلى إجابة لأن الواقع الذي تعيشه اليوم بعض البلدان العربية يكذب ذلك. ثم أن الغرب لا يرتاح له بال إلا إذا كانت بلداننا ممزقة مشتتة، يتقاتل فيها الأشقاء دون معرفة الأهداف ولا المخرج من دوامة هذا الاقتتال، الذي أثبتت التجارب أن الحوار والحل السياسي السلمي هو المخرج الوحيد الذي يصون الأوطان ويقي العباد من شرور الحرب. فلماذا هذا الإصرار على التدخل العسكري الأجنبي؟ وهل لازلنا لم نفهم الدرس بعد؟