تفتتح غدا الجمعة القمة السادسة للتعاون الإفريقي -الصيني بعاصمة جنوب إفريقيا، جوهانسبورغ. وسيكون هذا الموعد الاقتصادي الهام بالنسبة للطرفين فرصة لتقييم التعاون بينهما، وكذا النظر إلى مستقبل العلاقات الثنائية، في ظل المعطيات الجديدة. والجزائر التي تشارك في هذه القمة، تملك علاقات خاصة مع العملاق الصيني، بعد إرساء قواعد شراكة إستراتيجية بين البلدين منذ سنوات. فالصين استطاعت في الأعوام الأخيرة أن تحتل ريادة قائمة مموني الجزائر بعد أن زحزحت الشريك الفرنسي عن تصدرها. وهو ما تشير إليه أرقام التجارة الخارجية والتي تكشف عن بلوغ الواردات من الصين قرابة 7 ملايير دولار خلال العشرة أشهر الأولى من 2015. كما أن الشراكة بين البلدين تتعدى مجال التجارة إلى الاستثمارات، حيث يعد الصين من أهم البلدان التي استحوذت على صفقات اقتصادية ببلادنا، لاسيما في مجال البناء، إضافة إلى الطاقة والبنى التحتية. فمن حيث الاستثمارات، تحتل الجزائر المرتبة الثانية عربيا كأكبر متلق للاستثمارات الصينية خلال العقد الماضي، بحجم بلغ 15.4 مليار دولار، وبزيادة قدرها 900 مليون دولار في عام 2014، حسب مصادر تجارية صينية. وسمح لقاء احتضنته الجزائر العاصمة في منتصف شهر أكتوبر الماضي بتأكيد الاهتمام المتبادل بين البلدين لتعزيز تعاونهما، خاصة في المجال الصناعي. كما أشار المسؤولون الصينيون إلى إمكانية تمويل مشاريع بالجزائر، وهو ما استجابت له السلطات العمومية. ولأن المجال الصناعي يعد محورا هاما في الشراكة الثنائية، فإن الجانب الجزائري دعا المؤسسات الصينية للعمل على تجسيد "مستقبل مشترك بين الجزائروالصين"، من خلال عدد من المشاريع، لاسيما الميناء التجاري الجديد للوسط ومشروع استغلال الحديد بغار جبيلات وكذا استغلال الفوسفات بواد كبريت، إضافة إلى مشاريع تركيب السيارات، مع العمل على توسيعها إلى مجالات أخرى مثل الفلاحة والخدمات والتكنولوجيات والسياحة. ومن الجانب الصيني، تم التعبير عن الرغبة في نقل التكنولوجيا والخبرة إلى الجزائر وحتى القيام بالتمويل، والاستعداد لاستخدام احتياطات الصين المالية البالغة 4 تريليون دولار في تمويل مشاريع بالدول النامية ومنها الجزائر. وأصبحت الصين الشريك التجاري الأكبر لإفريقيا لمدة ست سنوات متتالية. وزاد استثمارها في إفريقيا بنسبة 37 في المائة في المتوسط في الأعوام ال15 السابقة، حسبما ذكرته وكالة أنباء الصين، التي نقلت عن مسؤول صيني تأكيده توسيع مجالات التعاون إلى قطاعات جديدة من بينها التمويل والسياحة والاتصالات، مشيرا إلى أن الاستثمار في إفريقيا يساعد القارة على تقليل الفقر وزيادة التوظيف وزيادة إيرادات الضرائب للحكومات المحلية، رافضا القول بأن تواجدها في القارة السمراء نوع من "الاستعمار الجديد" الذي يهددها، وأكد على علاقات "الصداقة والثقة" التي تجمع الطرفين. إلا أن الملاحظ هو تسجيل تراجع هام في الاستثمارات الصينية بإفريقيا والذي قدرت نسبته بحوالي 40 بالمائة سنة 2015، وهو ما أثار بعض التخوفات على المستوى الافريقي الذي مازالت أغلب بلدانه تعتمد على تصدير المواد الأولية في تنميتها الاقتصادية. أمر سيتطرق إليه الشركاء بالتأكيد أمام الرئيس الصيني الذي سيترأس القمة التي تنعقد يومي 4 و5 ديسمبر الجاري. وعشية الاجتماع، طمأن نائب وزير التجارة الصيني شركاءه الأفارقة، حين صرح أن "الصين ستزيد استثماراتها في إفريقيا وستشتري المزيد من المنتجات الأخرى غير الموارد الطبيعة من القارة". وقال في هذا الصدد إن "الصين ستصدر قدرات الانتاج الصناعي المتقدمة إلى الدول الإفريقية"، وأن حزمة من الاقتراحات المتعلقة بالتعاون سيعلن عنها خلال هذا الاجتماع، أهمها تحديث هيكلها الصناعي وحماية الأمن الغذائي وإقامة البني التحتية. وحسب تصريحات المسؤول المنقولة بوكالة أنباء الصين "شينخوا"، فإن الشركات الصينية ستعرض كفاءتها في مجالات السكك الحديدية والطيران والكهرباء والاتصالات والمعدات والصناعة الذكية وتمويل التعاون الثنائي، موضحا أن الصين "ستقدم مزيدا من التمويل وستمنح الدول الافريقية المزيد من القروض المصرفية بفوائد قليلة". وحسب المصدر ذاته، فإن الصين قدمت للدول الإفريقية قروضا بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار منذ عام 2012 لدعم البنى التحتية والاستثمار والشركات الصغيرة والمتوسطة والزراعة والصناعة. كما طرحت الحكومة الصينية قرابة 900 برنامج مساعدة في إفريقيا تغطي مجالات الزراعة والصحة والتعليم.