تمت المصادقة أمس بالأغلبية على النصين المتضمنين قانون المالية التكميلي 2015 وقانون الإجراءات الجزائية، في جلسة علنية بمجلس الأمة ترأّسها رئيس المجلس السيد عبد القادر بن صالح.وبالمناسبة، عاد وزيرا القطاع إلى التذكير بمضمون القانونين اللذين صدرا على شكل أمر رئاسي، من خلال التأكيد على أهمية الإجراءات والتدابير التي جاءا بها في قطاعي المالية والقضاء. وطغت الوضعية المالية للبلاد على تدخّل وزير المالية عبد الرحمان بن خالفة خلال عرضه المحاور الرئيسة لقانون المالية 2015، والذي اعتبر أن الأخير وُضع من أجل مواجهة الوضع الجديد الذي يعيشه الاقتصاد الجزائري المتأثر بتراجع كبير في أسعار المحروقات منذ أكثر من عام ونصف عام. وحضرت الأرقام في عرض الوزير، الذي تحدّث عن تراجع في المداخيل بقرابة 49 بالمائة، وفي الجباية البترولية بأكثر من 30 بالمائة خلال السنة الجارية، التي، ولأول مرة، ستتميز بتفوق الجباية العادية؛ أي غير البترولية على الجباية البترولية؛ إذ توقّع الوزير أن ننهي 2015 بجباية غير بترولية في حدود 3000 مليار دج، فيما لن تتجاوز الجباية البترولية 1600 مليار دج، وهو "مسعى سيتواصل في سنتي 2016 و2017"، كما أشار إلى ذلك في توجه نحو تدعيم الاعتماد على الجباية العادية، التي تموّل حاليا 52 بالمائة من نفقات التسيير، وتسعى الحكومة لرفعها إلى حدود 75 أو 80 بالمائة في 2019. القانون من خلال تدابيره المتعددة يهدف إلى "عقلنة أكبر للنفقات العمومية مع الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين والتحسين التدريجي لنوعية الخدمات العمومية؛ للمحافظة على السياسة الاجتماعية للدولة"، وهو يؤكد كما قال "عزم الحكومة على الحفاظ على الاستثمارات العمومية الضرورية وذات الأولوية، التي تسمح بالمحافظة على النمو". ومن خلال ما تضمّنه القانون التكميلي فإن الحكومة ستعمل على ترشيد النفقات بقيمة 200 مليار دج، والتوفير في نفقات التجهيز ب 104 ملايير دج، إضافة إلى التوفير المحتمل في نفقات التسيير الذي يصل إلى 100 مليار دج لكن "بدون المساس بالأجور والدعم الاجتماعي"، وهو ما سيساهم في تعزيز موارد صندوق ضبط الإيرادات التي ستبلغ 2500 مليار دج في نهاية السنة. وفي تقريرها، ذكرت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية لمجلس الأمة، بأن الحل للوضع الراهن يكمن كما نبهت إليه سابقا في انطلاق قطار التنمية، وبالسرعة المطلوبة في قطاعات الفلاحة والصناعة والبحث العلمي وغيرها، لتجنيب هذا الجيل والأجيال القادمة والوطن، "مفاجآت لعبة تقلبات أسعار المحروقات". وضمن هذا المنظور، أوصت اللجنة بضرورة الإسراع في تأهيل القطاع البنكي، وضمان "عدالة جبائية"، وإيجاد "صيغة جديدة للدعم الذي تقدمه الدولة للمواد الأساسية واسعة الاستهلاك، حتى يذهب الدعم إلى الفئات المحتاجة فقط"، إضافة إلى "النظر في كيفية تسقيف أسعار المواد المستوردة، لاسيما بإلغاء الحدود الدنيا"، و«وضع جباية محلية محفّزة"، و«منح المزيد من التحفيزات الجبائية للمكلفين بالضريبة"، و«تقليص نفقات الوفود الرسمية إلى الخارج"، و«العمل بصرامة على محاربة التهريب والتهرب الضريبي والفساد". كما دعت اللجنة إلى فتح مكاتب صرف للعملة الصعبة، وتسهيل الاستثمار بالجنوب، لاسيما في السياحة، وتوخّي الصرامة في منح الأراضي الموجهة للاستثمار، والسهر على ضمان عدم اللجوء الدائم إلى إعادة تقييم المشاريع وتفعيل عمل البورصة وإعادة النظر في قانون الصفقات العمومية. لوح: قانون الإجراءات الجزائية يكرّس استقلالية القضاء بالنسبة لنص القانون المتضمن الموافقة على الأمر الخاص بقانون الإجراءات الجزائية، فإن وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، جاء في إطار إصلاحات عميقة وشاملة لوضع آليات جديدة، تضمن رد فعل ملائم ومتناسب مع الجرائم قليلة الخطورة التي تمثل 80 بالمائة من مجموع الجرائم التي تعالجها المحاكم سنويا، والتكريس الفعلي لاستقلالية السلطة القضائية والقاضي، وإرجاع الطمأنينة والثقة بينها وبين المواطن. وذكّر بأهم الأحكام التي تضمّنها، لاسيما إدراج نظام الوساطة لأول مرة في المجال الجزائي، كآلية بديلة للمتابعة الجزائية في بعض المخالفات والجنح البسيطة التي لا تمس الأمن العام، وإدراج إجراء جديد يخص الأمر الجزائي ويسمح بالفصل في القضايا بدون مرافعة مسبقة بالنسبة للجنح البسيطة، المعاقَب عليها غالبا بغرامة مالية أو حبس لا يتجاوز العامين، إضافة إلى إحداث نظام المثول الفوري أمام المحكمة، والذي قال إنه "من أهم ما جاء في الأمر الرئاسي"، أنه غير "نظام التلبس"؛ بهدف تكريس استقلالية القضاء وقاضي الحكم، وضمان حريات المواطن. وأوضح أن إجراءات التلبس التي كانت في يد النيابة العامة التي كان لها الحق في إيداع الحبس، لم تعد كذلك بموجب هذا القانون، وقال: "هذه الصلاحية نزعناها عن النيابة وأعطيناها قاضي الحكم"، مشيرا إلى أن ذلك هو "الإصلاح العميق الذي كان ينادي به منذ سنوات". كما يضمن القانون الجديد تعزيز حقوق المشتبه فيهم أو المتهمين، وتكليف وكيل الجمهورية بإعطاء المعلومات للإعلام حول القضايا المثيرة للرأي العام، وتوسيع تخصص المحاكم الجزائرية للنظر في بعض الجرائم المرتكبة خارج الإقليم الوطني. وثمّنت لجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق الإنسان، نص هذا القانون، وقالت في تقريرها إنه يعكس بقوة استراتيجية الدولة في عصرنة قطاع العدالة، لاسيما الأحكام المتعلقة بتفعيل دور النيابة وتعزيز حقوق الشخص المشتبه فيه خلال التوقيف.