أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة، أمس، أن الدبلوماسية الجزائرية تقدّم مساهمات نوعية فيما يتعلق بالكثير من الأزمات الراهنة، انطلاقا من مصلحة الجزائر في أن يستتبّ الأمن في المحيط الإفريقي والعربي والمتوسطي،وذلك وفق مبدأ خدمة الغير والتضامن من دون استعمال دبلوماسية مكبّر الصوت. وقال لعمامرة في حوار خص به قناة "فرانس 24" على هامش الملتقى الثالث رفيع المستوى من أجل السلم والأمن في إفريقيا المنعقد بوهران، إن الجزائر موجودة على كل الجبهات، وتساهم في أكثر من مكان من دون الحاجة إلى الاحتفاء؛ على أساس أننا قمنا بجهود تجاه دولة ما. وأوضح أن الجزائر تقوم بهذا الدور الإيجابي من منطلق أنه في مصلحتها أن يستتب الأمن في المحيط الإفريقي وفي السياق العربي والمتوسطي، مستدلا، في هذا السياق، بدورها الكبير في تسهيل الحوار الليبي - الليبي، بالإضافة إلى جهودها التي أفضت إلى التوصل إلى اتفاق للسلم والمصالحة في مالي، ومواقفها الداعية إلى تغليب الحوار في كل من سوريا واليمن، إلى جانب ما قامت به من دور كبير في إنجاح مؤتمر باريس للتغيرات المناخية. وبما أن الملف الليبي أضحى يطغى على تطورات الأحداث الدولية، فقد اغتنم الوزير المناسبة للتأكيد على ما قامت به الجزائر من خطوات، لتشجيع الفرقاء الليبيين على تغليب الحكمة والحوار والعقلانية بدل الاستمرار في الاقتتال والمواجهة. ولفت في هذا السياق بالقول: "قلنا آنذاك إننا نثق في عبقرية الشعب الليبي ووطنية الفعاليات الليبية وقدرتها على صنع مستقبلها بأيديها في وقت كان هناك من يصب الزيت على النار من داخل ليبيا (الجماعات الإرهابية) ومن خارجها ممن كان لا يرى أنه في مصلحته استقرار هذا البلد الشقيق واسترجاعه سيادته كاملة غير منقوصة"، في حين أشار إلى أن الجزائر رحّبت، منذ البداية، بجميع الليبيين للحوار والتفاوض "مع أننا نفضل أن يجتمعوا في وطنهم، ويتوصلوا إلى اتفاق في طرابلس". وفي سياق إبراز دعم الجزائر للجهود الأممية، أشار إلى أن الجزائر قدّمت كل الدعم للمبعوث الأممي السابق إلى ليبيا برناردينيو ليون، و«جعلته يستفيد من الاتصالات الثنائية التي كنا نقوم بها مع كافة الفعاليات الليبية بكل مشاربها ومناطقها وقبائلها"، ليستطرد: "وضعنا مصداقيتنا وقدرتنا على بناء الجسور بين الأطراف تحت تصرف الأممالمتحدة، وساهمنا، مثلما ساهم غيرنا، في دفع هذه العملية تحت قيادة الأممالمتحدة في أداء ما نعتقد أنه واجب". كما تطرق الوزير في حديثه للجهود التي تبذلها الجزائر والاتحاد الإفريقي من أجل تحقيق السلم والاستقرار في القارة السمراء بالتعاون مع الأممالمتحدة، مستدلا في هذا الصدد، بالحالة السودانية، حيث تم لأول مرة استحداث آلية جديدة بين الهيئة الأممية والاتحاد الإفريقي، تعمل على الحفاظ على السلم والأمن في إقليم دارفور. وأوضح أنه بعد رفض الخرطوم نشر بعثة أممية في دارفور، تم تنسيق الجهود مع الأممالمتحدة، وخلق بعثة مشتركة إفريقية - أممية للحفاظ على السلم والأمن في الإقليم. أما فيما يتعلق بالأزمة اليمنية فأوضح الوزير أن الجزائر "رافعت بأفكار مبنية على المبادئ التي نؤمن بها"، متمثلة في ضرورة الحل السلمي والحوار والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد، والعمل من أجل التوصل إلى الحل التوافقي وبناء مؤسسات ديمقراطية بإشراك كافة الفعاليات اليمنية. وأكد لعمامرة تأييد الجزائر استمرار المفاوضات بين الفرقاء اليمنيين تحت سقف الأممالمتحدة؛ من أجل مستقبل أفضل للجميع، مؤكدا أن "ما آلت إليه الأوضاع في اليمن ليس طبيعيا، وأنه ليس من المعقول أن يستمر اليمنيون في الاقتتال"، معربا عن أمله في أن يجلس الجميع على طاولة الحوار، ويتم التوصل إلى اتفاق كفيل بوضع حد لهذه الأزمة. نفس الموقف تتبناه الجزائر فيما يتعلق بالأزمة السورية، حيث ترحب وتشجع كل ما من شأنه أن يغلب الحل التفاوضي، يوضح لعمارة، مشيرا إلى أن الجزائر، ومنذ البداية، أكدت على ضرورة تغليب النوايا الحسنة. وأعرب لعمامرة عن أسفه لاستمرار إراقة دماء السوريين وتدمير هذا البلد "الذي نعرف جميعا قيمة ميراثه الثقافي والحضاري"، آملا أن يتمكن السوريون من وضع حد لكل هذا، واسترجاع سوريا مكانتها في العمل العربي ب "أكثر قوة وعزيمة".