كُلّلت زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال إلى ألمانيا باتفاق البلدين على دعم التعاون والشراكة ب30 مشروعا جديدا في عدة قطاعات، سيتم التوقيع على عقودها في الأشهر القادمة. وفيما أبدى رجال أعمال البلدين إرادة صريحة لدعم مشاريع تنمية الجنوب الكبير، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دعم بلادها لمسار الإصلاحات السياسية التي أطلقها الرئيس بوتفليقة في الجزائر، لاسيما منها مشروع مراجعة الدستور. تميزت أشغال منتدى الأعمال الجزائري - الألماني الذي انعقد أول أمس ببرلين في إطار الزيارة التي قام بها الوزير الأول عبد المالك سلال على رأس وفد اقتصادي هام إلى ألمانيا، بالإعلان عن التوقيع على ثلاثين عقدا بين البلدين في الأشهر المقبلة، تخص مختلف قطاعات النشاط، كالفلاحة والبيئة ومعالجة المياه وإنتاج قطع الغيار والري والسياحة والتهيئة العمرانية والطاقات المتجددة والأشغال العمومية واللوجستية والاتصال. كما تم، خلال هذا المنتدى الذي ترأّس أشغاله الوزير الأول عبد المالك سلال بمعية كاتب الدولة لدى وزارة الاقتصاد والطاقة الألمانية السيد أوفي بيكمايرن، الاتفاق على مواعيد أخرى من أجل دفع المفاوضات بين متعاملي البلدين. وفي حين حاز الجنوب الجزائري الكبير حصة الأسد من حيث عقود الشراكة التي توجد قيد الإعداد بين المؤسسات الألمانية والمتعاملين الجزائريين، يُرتقب أن يوقّع البلدان قريبا على عقود شراكة هامة بين مؤسسات جزائرية وألمانية في مجال تصنيع قطع غيار السيارات مع شركة "مرسيدس" الألمانية، وعقود أخرى تخص مجالات الري وتنمية الفلاحة في الجنوب الكبير، فضلا عن مجالات الطاقة وصناعة النسيج والصناعة الغذائية وزراعة المساحات الكبرى، مع إبداء المؤسسات المستقرة في الجزائر والبالغ عددها حاليا 200 مؤسسة، رغبتها في توسيع نشاطاتها لتشمل مناطق الجنوب، لا سيما من خلال الاستثمار في الأشغال الكبرى المتعلقة بالبيئة في ورقلة والوادي. المتعاملون الألمان الذين اعترفوا بتشبّع السوق الأوروبية، أشادوا بطلب الجزائريين، الذي أصبح، حسبهم، دقيقا أكثر بتحديده مجالات الشراكة ومناطق الاستثمار، مبرزين، بالمناسبة، القدرات الهائلة التي تتوفر عليها الجزائر، التي تمتلك القدرات، حسبهم، "لتكون أرضية شمال إفريقيا للتوسع"، بينما أعرب بعض المتعاملين الذين لا يعرفون البلاد جيدا، عن أملهم في زيارة الجزائر للتعرف، عن كثب، على قدرات الاستقبال ومحيط الأعمال. من جانب آخر، سمحت زيارة الوزير الأول إلى ألمانيا بإجراء تقييم شامل للعلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين، حيث دعا السيد سلال، بالمناسبة، المتعاملين الاقتصاديين الألمان إلى اغتنام فرص الاستثمار الضخمة التي توفرها الجزائر، معربا عن أمله في تطوير العلاقات بين البلدين، والرقيّ بها إلى مستوى شراكة قوية. وخلال ندوة صحفية نشّطها مناصفة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أكد الوزير الأول أن الجزائر ستواصل مكافحة انعدام الأمن بكل أشكاله، وذلك في رده على أسئلة الصحفيين بشأن أعمال العنف التي ارتُكبت سهرة رأس السنة بمدينة كولون الألمانية، والتي تورّط فيها العديد من الأجانب الذين يزعمون أن يكون من بينهم جزائريون؛ حيث أوضح سلال أنه لا يتوفر على المعلومات الكافية بشأن هوية المعتدين، وأن مصالح الأمن الجزائرية والألمانية تعمل حاليا على تحديد هوية المشتبه فيهم، "غير أن الأمر الأكيد حسبه أنه في حال تم تأكيد تورط جزائريين في تلك الأعمال، فإنه لا يمكننا تقبّله في أي حال من الأحوال، وهذا الموقف نابع من مبادئ الدولة الجزائرية التي كافحت الإرهاب واستعادت السلم بفضل ميثاق السلم والمصالحة الوطنية". من جهتها، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن دعمها لمسار الإصلاحات السياسية التي باشرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بالجزائر، ولاسيما مشروع مراجعة الدستور. ونفس الموقف عبّر عنه رئيس البرلمان الألماني نوربرت لامرت خلال محادثاته مع الوزير الأول، حيث أشاد هو الآخر بمشروع تعديل الدستور، وأكد الاهتمام الكبير الذي توليه ألمانيا للتعاون مع الجزائر، مبرزا أهمية إقامة شراكة متعددة الأبعاد بين البلدين اللذين يقتسمان إرادة مشتركة وقدرة على تطوير التعاون الثنائي.