أكد المجلس الدستوري في بيان له أول أمس أن المشروع التمهيدي لمراجعة الدستور لا يمس بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، كما لا يمس بأي كيفية "التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية"، مما يعني طبقا للرأي المعلل لهذه الهيئة بأن المشروع يمكن تمريره عن طريق البرلمان دون الحاجة إلى استفتاء شعبي. وذكر بيان المجلس بأنه بعد مداولته التي استمرت من 20 إلى 28 جانفي الجاري برئاسة رئيسه مراد مدلسي "أصدر المجلس الدستوري رأيه المعلل الذي صرح بموجبه أنه طبقا لأحكام الدستور، لاسيما المادة 176 منه بأن مشروع القانون المتضمن تعديل الدستور الذي بادر به رئيس الجمهورية والذي أخطر بشأنه المجلس الدستوري للإدلاء برأيه المعلل، "لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية". وأضاف البيان بأنه "تم إبلاغ رأي المجلس الدستوري المعلل إلى السيد رئيس الجمهورية، والذي سينشر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية". طبقا للرأي المعلل للمجلس الدستوري، فإنه بإمكان رئيس الجهورية عبد العزيز بوتفليقة عرض مشروع التعديل الدستوري على البرلمان بغرفتيه، دون الحاجة إلى استدعاء استفتاء شعبي حول المشروع، حيث تنص المادة 176 من الدستور على أنه "إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية وعلل رأيه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي، متى أحرز ثلاثة أرباع (3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان. ولفت المجلس الدستوري في رأيه المعلل حول وثيقة مشروع الدستور الجديد إلى أن هذا الأخير، يعزز الوحدة الوطنية حول تاريخنا وهويتنا وقيمنا الروحية والحضارية، ويدعم الحقوق والحريات والواجبات، وكذا استقلالية العدالة، مع تعميق مبدأ الفصل بين السلطات وتحسين العلاقات بين السلطات وتكاملها. كما سجل المجلس بأن مشروع التعديل الذي يمنح المعارضة البرلمانية الوسائل الدستورية التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية، بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري، يعمل على بعث المؤسسات المكلفة بالمراقبة، تجسيدا لمعايير الشفافية في التسيير، وضمانها في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية في الحياة الوطنية، لافتا في نفس السياق تكريس آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات لدعم الديمقراطية التعددية. للتذكير، ترمي الأحكام التي ينطوي عليها مشروع مراجعة الدستور إلى توفير الضمانات السياسية الكفيلة بفتح الممارسة السياسية وتوسيع فضاء الحريات وتعزيز دور الدولة في بُعده الاجتماعي وقدرتها على توطيد التلاحم والوحدة الوطنية، حيث جاء المشروع في خمسة محاور أساسية تخص تعزيز الوحدة الوطنية والديمقراطية ودولة القانون، إلى جانب سلسلة من التحسينات التي أدرجت على مستوى بعض المؤسسات. ويأتي مجموع هذه الأحكام ليترجم مسألة تعزيز الحريات الديمقراطية التي ستتجسد عبر حرية التظاهر السلمي وحرية الصحافة التي لا يمكن أن تخضع لعقوبة الحرمان من الحرية. كما يؤكد النص بشكل واضح على مبدأ التداول على السلطة من خلال العودة إلى تحديد العهدات الرئاسية وإمكانية إعادة انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة فقط، وهو المبدأ الذي أدرج ضمن الثوابت الوطنية بحيث لا يمكن لأي تعديل دستوري أن يمس به مستقبلا.