تأسف مستشار رئيس الجمهورية، كمال رزاق بارة، أمس، للتأويلات المبالغ فيها والمثارة حول المادة 51 المتعلقة بحصر تولي المسؤوليات العليا في حاملي الجنسية الجزائرية، مضيفا أنه على عكس ذلك، كرس مشروع تعديل الدستور ضمنيا الحق في ازدواج الجنسية للجزائريين، في حين كان قانون الجنسية لسنوات السبعينيات يقتصر حصريا على الجنسية الجزائرية. جاء ذلك خلال استضافة السيد بارة في حصة "ضيف التحرير" للقناة الإذاعية الثالثة، الذي أشار إلى أن المسؤوليات العليا في الدولة التي يتم توليها حصريا من طرف حاملي الجنسية الجزائرية، سيتم تحديدها بنص قانوني، مضيفا في هذا الصدد أن الإجراء معمول به في كل العالم. بارة أوضح أن الأمر يتعلق بعشرة أو حوالي خمسة عشر منصبا، وذكر على سبيل المثال المناصب الخاصة بمحافظ البنك المركزي والمدير العام للأمن الوطني و رئيس المحكمة العلي ، التي لا يمكن توليها من طرف حاملي جنسيتين. كما أوضح أن هذه المادة التي أثارت اللبس بين مفهوم الجنسية والمواطنة والهوية، إضافة إلى وضعيات تتنافى ونية الذين قدموا إسهامات في عملية تعديل الدستور، في حين تأسف لكون التأويلات لم تأخذ بعين الاعتبار التوازنات المتضمنة في التعديل. من باب إبراز سهر الدولة على حماية الجالية الوطنية، تطرق مستشار رئيس الجمهورية إلى المادة 24 من مشروع الوثيقة الذي تنص على أن "الدولة تعمل على حماية مصالح الجزائريين المقيمين في الخارج والحفاظ على هويتهم"، مضيفا أن هؤلاء جزائريون مهما كانت جنسيتهم الثانية، لاسيما خلال المواعيد الانتخابية التي يمارسون فيها حقهم في المواطنة من خلال التعبير عن أصواتهم وآرائهم السياسية. فيما يتعلق بمفهوم الدولة المدنية ومشروع مراجعة الدستور، أوضح بارة أن الإصلاح الذي يتضمنه يتطابق بشكل كبير مع تصوره للجزائر أمام تحدياتها المستقبلية ولدولة عصرية، مشيرا إلى أنه على المؤسسة لعب الدور المنوط بها في إطار احترام التناوبات. كما أوضح في هذا السياق أن الخيار واضح الآن، إذ لا يمكن للمؤسسة العسكرية أن تدعي من الآن فصاعدا بأنها تتمتع بنفس الثقل الذي كانت عليه خلال فترة الحزب الواحد. بارة أوضح أن التوازنات الجديدة ضمن المجتمع والتحديات الجديدة تستدعي أن تتجاوز المؤسسات الجمهورية المدنية ذلك. وبنبرة التمني استطرد يقول "قد يقف غدا وزير مدني للدفاع الوطني لتبرير ميزانية الهيئة العسكرية أمام المجلس الشعبي الوطني"، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة هي التي ستدل حقا على إرادة إقامة دولة مدنية. وحول ما إذا تم تعجيل إجراء الموافقة على مشروع مراجعة الدستور، أكد رزاق بارة أنه تم إطلاع المواطنين بشكل مطول وسليم بمضمونه عبر وسائل الإعلام التي عرضت بالتفصيل مختلف فصوله خلال الشهرين الماضيين. والأمر نفسه ينطبق على المعارضة السياسية التي تمت استشارتها منذ 2011 حول تفاصيل هذا المشروع. كما أكد بارة أن الدستور الجديد يكرس فصل السلطات، من منطلق أنه يتم تسيير كل مؤسسة في إطار خاص وأن الدولة تسير وفق توازنات عامة، ليعرب في المقابل عن استيائه للانتقادات غير العادلة التي تستهدف العدالة الجزائرية ومصداقية آلاف القضاة رغم أن هؤلاء يمتثلون للقانون.