أكد وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، عبد القادر مساهل، أمس بتونس موقف الجزائر الداعم لوحدة الشعب الليبي ورفضها لأي تسوية قائمة على التدخل الأجنبي، مشددا على أنه "لا بديل عن الحل السياسي الذي يدعمه المجتمع الدولي برمته لاحتواء تداعيات الأزمة الليبية. ودعا إلى الاسراع في مباشرة الحكومة المقترحة من المجلس الرئاسي لمهامها انطلاقا من طرابلس، معتبرا ذلك السبيل الأوحد في تحقيق وثبة وطنية متجددة في ليبيا. وأوضح السيد مساهل في كلمته خلال الاجتماع الثامن لدول الجوار الليبي، أن الجزائر التي ما انفكت تبذل قصارى جهدها في مساعدة الأشقاء الليبيين في التقارب والتفاهم، "عازمة اليوم وغدا على الوقوف إلى جانبها بمرافقة حكومة الوحدة الوطنية حين تنصيبها ومساعدتها على تخطي صعاب بناء وتشييد المؤسسات الليبية الجديدة والتصدي لكل المعوقات، وفي مقدمتها مكافحة الارهاب الذي أصبح يهدد كيان البلد الشقيق وأمن واستقرار دول الجوار". وذكر بالمناسبة بأن الجزائر "أكدت مرارا رفضها للتدخل العسكري لحل الأزمة في ليبيا لاعتقادها الراسخ أن هذه الوسيلة لا تمكن من تسوية الأزمات، "بل بالعكس تؤدي إلى تعقيدها"، مشيرا إلى أن التجارب أثبتت بما لا يدع مجالا للشك هذه الحقيقة. كما أعرب الوزير عن قناعته بأن الليبيين لهم القدرة والحكمة الكافية والتصميم الأكيد على تجاوز خلافاتهم دون تدخل خارجي في شؤونهم عبر الحل السياسي الذي توصلوا إليه، مبرزا دور المجموعة الدولية في تشجيع ومرافقة الأطراف الليبية على هذا الدرب الذي يحفظ ليبيا ووحدتها الترابية والوطنية ويقوي لحمة شعبها. وإذ أوضح بأن ما جاء به الاتفاق السياسي الذي حاز على مباركة الأسرة الدولية عبر قرار مجلس الأمن رقم 2259 المؤرخ في 23 ديسمبر 2015 "هو توافق أساسي للمجموعة الوطنية الليبية ويرسم معالم الطريق الذي يستوجب اتباعه لوضع حد للأزمة التي توسع أفقها والسعي لمجابهة الإرهاب"، عبر الوزير عن أمله في أن تسهم مشاورات دول الجوار الليبي في مساعدة الليبيين على تجاوز أزمتهم التي تعمّقت وأصبحت تهدد مباشرة أمن واستقرار بلدهم والمنطقة ككل، مؤكدا في نفس الوقت أن التوافق السياسي بين الليبيين "يحمل الكثير من الأمل في بناء مستقبل أفضل يؤسس للمصالحة والأمن والاستقرار ولدولة المؤسسات التي تتحمل أعباء البناء والتنمية ومواجهة الإرهاب". وذكر مساهل بأن الجزائر كانت سبّاقة في الدعوة لإقامة حكومة وحدة وطنية توكل لها مهام تسيير الفترة الانتقالية وتمثل الجهة الرسمية التي تتعامل معها مكونات الأسرة الدولية إلى جانب دعوتها الليبيين إلى التكاتف وتطبيق ما جاء في الاتفاق السياسي، وفي مقدمته إقامة الحكومة في العاصمة طرابلس لما لذلك من دلالة على وحدة الشعب الليبي. وعلى هامش أشغال الاجتماع، تحادث وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية الذي استقبل إلى جانب ممثلي الدول المشاركة في الاجتماع من قبل الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، مع رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، حيث بلغه بالمناسبة رسالة شفوية من قبل الوزير الأول عبد المالك سلال تتعلق بالأوضاع الراهنة التي تمر بها المنطقة والتطورات التي تشهدها الساحة الليبية. كما تم التطرق خلال اللقاء إلى مستوى التنسيق العالي الذي وصل إليه التعاون بين البلدين في المجال الأمني وتبادل المعلومات بشأن مواجهة المخاطر التي تحدث في المنطقة. واستقبل السيد مساهل من جهة أخرى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، مارتن كوبلر، حيث تطرق الطرفان إلى الأوضاع السائدة في ليبيا وكذا سبل العمل من أجل الاسراع في تمكين حكومة الوحدة الوطنية في مباشرة مهامها من العاصمة طرابلس. والتقى الوزير على هامش الاجتماع أيضا، نائب رئيس مجلس النواب ورئيس فريق المفاوضين عن المجلس في الحوار الليبي، محمد شعيب، وتناول معه تطورات المسار السياسي في ليبيا والسبل الكفيلة بالإسراع لتنقل المجلس الرئاسي إلى العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى التطرق للمراحل المقبلة لاستكمال تنفيذ الاتفاق السياسي المبرم من قبل الأطراف الليبية يوم 17 ديسمبر 2015. وثمن السيد شعيب بالمناسبة التجربة الجزائرية في مجال المصالحة الوطنية، مؤكدا على الدروس المستقاة من هذه التجربة في إطار تحقيق البناء والمصالحة بين جميع الأطراف الليبية. كما تحادث وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، مع وزير العلاقات الخارجية والاندماج الافريقي والتعاون الدولي التشادي، موسى فاكي محمد، حول الأوضاع الحالية بليبيا وكذا الأوضاع التي تعيشها المنطقة بصفة عامة. للإشارة، تشارك الجزائر في الاجتماع الثامن لدول الجوار الليبي الذي انعقدت أشغاله بالعاصمة التونسية إلى جانب كل من تونس، مصر، السودان، التشاد، النيجر وليبيا، بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا وممثلو الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي.