أفرج بنك الجزائر عن القانون المرخص لفتح مكاتب الصرف، ما يسمح بتمكين مكاتب معتمدة، من مزاولة النشاط وتضييق الخناق على السوق السوداء التي فرضت قواعدها على هذا النشاط منذ عدة سنوات، وإذ يسمح النظام الجديد لمكاتب الصرف بشراء العملة الأجنبية مقابل الدينار من الأشخاص المقيمين وغير المقيمين فإنه يحصر عملية بيعها للأشخاص غير المقيمين فقط. التعديلات التي أدرجت على النظام المتعلق بالقواعد المطبقة على المعاملات الجارية مع الخارج والحسابات بالعملة الصعبة، تسمح بإجراء عمليات الصرف بين الدينار الجزائري والعملات الأجنبية القابلة للتحويل بصفة حرة لدى الوسطاء المعتمدين أو لدى بنك الجزائر، حيث يمكن لهذا الأخير طبقا للمادة 2 من النظام الجديد المؤرخ في 6 مارس 2016 أن يرخص لمكاتب الصرف بالقيام بهذه العمليات. نشاط هذه المكاتب حددتها الفقرة الثانية من المادة 21 من نفس النظام، في مهمتين رئيستين تشمل الأولى، شراء مقابل العملة الوطنية للأوراق النقدية وللشيكات السياحية المحررة بالعملات الأجنبية القابلة للتحويل بصفة حرة، لدى أشخاص طبيعية مقيمين وغير مقيمين، فيما تخص المهام الثانية لهذه المكاتب بيع مقابل العملة الوطنية للأوراق النقدية المحررة بالعملات الأجنبية القابلة للتحويل بصفة حرة لأشخاص طبيعية غير مقيمين في حدود ما تبقى في حوزتهم من دنانير في نهاية إقامتهم في الجزائر متأتية من تحويل سابق للعملة الأجنبية". فيما يرتقب أن يحدد بنك الجزائر شروط إنشاء وسير مكاتب الصرف بموجب تعليمة يصدرها في هذا الشأن، يعرف النظام الجديد هذه المكاتب بكونها "كل كيان أنشأه شخص طبيعي أو شخص معنوي مقيم وفقا للأشكال المنصوص عليها في القانون التجاري ومرخص به من طرف بنك الجزائر للقيام بالعمليات المذكورة في الفقرة 2 من المادة 21 أعلاه". الترخيص لمكاتب الصرف الذي تأخر كثيرا وجلب لمحافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي متاعب وانتقادات حادة من قبل نواب الشعب، بلغت حد مطالبة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني بضرورة تنحيته من منصبه، ينتظر إرفاقه قريبا بنص قانوني آخر يحدد القيمة الجديدة لمنحة السفر التي تشكل هي الأخرى من بين أبرز المطالب التي شكلت محور انتقادات نواب البرلمان لمحافظ بنك الجزائر. هذا الأخير أعلن في وقفته الأخيرة أمام ممثلي الشعب بقصر زيغود يوسف قبل أسبوعين، بأن مصالحه انتهت من إعداد النص التنظيمي الذي سيسمح بفتح مكاتب صرف، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة سيتم ضبط شروط عمليها بموجب تعليمة يصدرها بنك الجزائر قريبا. كما ذكر، بالمناسبة، بأن هيئته تلقت 46 طلب اعتماد لإنشاء مكاتب صرف، 06 منها تحصلت على الاعتماد، فيما تم سحب 13 ملفا بطلب من أصحابها ورفض بنك الجزائر 27 ملفا لعدم مطابقتها للمعايير والشروط المعول بها دوليا في هذا النشاط، مشيرا إلى أن النظام الذي سيعتمده بنك الجزائر في هذا المجال سيضمن هوامش ربح محفزة للراغبين في خوض هذا النشاط مع توسيع قاعدة زبائنهم لتشمل المواطنين المقيمين وغير المقيمين والأجانب وكذا المؤسسات الوطنية والأجنبية. لكن اللافت فيما تضمنته النص الجديد الصادر أمس في الجريدة الرسمية، في انتظار إرفاقه بتعليمة بنك الجزائر وبنصوص أخرى تنظم مجال الصرف، يولي للمكاتب المرخص لها مهام مشابهة لتلك التي تقوم بها البنوك لحد الآن، حيث تسمح للجزائريين المقيمين بيع العملة الأجنبية مقابل الدينار، في المقابل لا يمكن لهؤلاء شراء العملة الأجنبية خارج المنح التي تمنح في إطار القانون والمتمثلة في منحة العلاج والدراسة والمنحة السنوية للسفر التي لا زالت قيمتها هزيلة جدا، تنتظر تثمينها قريبا وفقا للوعود التي قدمها مسؤولوا القطاع. يبقى أن اعتماد مكاتب الصرف من قبل بنك الجزائر سيعمل في المقابل على وضع الضوابط الأولى للنشاط من خلال تقليص التعاملات في السوق السوداء، وتمكين السياح الأجانب وكذا الجزائريين المقيمين في الخارج من تبديل الأموال عبر قنوات رسمية معتمدة، تعمل بمعدلات صرف أحسن من تلك المعمول بها في السوق السوداء.