طالبت مجموعة من رجال الأعمال والمنتجين الجزائريين السلطات الجزائرية بتوقيع اتفاقية للتبادل التجاري الحر مع الدول الإفريقية لتسهيل عمليات التصدير. المصدرون اشتكوا ثقل الإجراءات وارتفاع التكاليف والرسوم الجمركية الملزمة للمصدرين والتي تصل نسبتها إلى 50 بالمائة. مؤكدين أن مرافقة المصدرين بمراجعة بعض القوانين وإزالة العراقيل الإدارية والبنكية سيمكّن الجزائر من الحصول على حصص كبيرة في الأسواق الإفريقية التي لا تزال سوقا عذراء. العديد من رؤساء المؤسسات الوطنية المصدرة الذين التقتهم "المساء" أمس، بصالون "الجزائر للتصدير" الذي يقام على هامش معرض الجزائر الدولي بقصر المعارض بالصنوبر البحري، أكدوا استعدادهم واهتمامهم بتصدير مختلف منتوجاتهم نحو الدول الإفريقية بعدما ظلت صادراتهم تقتصر على بعض الدول الأمريكية كالولايات المتحدةالأمريكية، كندا، وأستراليا. ودعت هذه المؤسسات الوطنية التي تشتغل في مجال مواد البناء، التمور، الخروب، المواد الصيدلانية وشبه الصيدلانية، وغيرها من المنتوجات الغذائية، السلطات العليا في البلاد لإبرام اتفاقية تبادل حر بين الجزائر وإفريقيا لتسهيل المبادلات التجارية وإلغاء الرسوم الجمركية لتشجيع المؤسسات الجزائرية على تصدير منتوجاتها لإفريقيا مثلما قامت به العديد من الدول الأوروبية، والدول المجاورة كتونس والمغرب الذين يصدرون منتوجاتهم للقارة السمراء، حسبما أكده ل«المساء" السيد مالطي أمين، مدير شركة "سوفكونترا" لإنتاج وتصدير الرخام ومواد البناء، الذي أوضح أن جعل هذه البلدان الإفريقية منطقة للتبادل الحر سيمكّن من إزاحة الرسوم الجمركية التي تفرض على عمليات التصدير والتي تصل حاليا نسبتها إلى 50 بالمائة، الأمر الذي سيفتح شهية المصدرين ويشجعهم على التصدير. كما وجّه بعض المصدرين نداء لوزارة المالية لإعادة النظر في بعض القوانين التي تحكم وتضبط التجارة الخارجية في شقها المتعلق بالتصدير، لتسهيل هذا النشاط خاصة ما تعلق بعمليات تسديد السلع بعد تصديرها، حيث يمنح بنك الجزائر حاليا مدة لا تتجاوز 180 يوما لكل مصدر قام بتصدير سلعة ما للحصول على عائداتها وإلا سيتابع قضائيا بتهمة تهريب الأموال للخارج. وفي هذا السياق أشار السيد نواد محمد أمقران، مستشار في مجال التصدير ل«المساء" إلى وجود مفاوضات بين المصدرين والسلطات العمومية لتمديد هذه الآجال إلى سنة حتى لا يجد المصدر نفسه متابعا قضائيا في حال عدم تمكّنه من تسويق السلع التي صدّرها أو لم يتلق مستحقاتها من الطرف المستورد في آجال 180 يوما. كما اقترح المصدرون إعادة النظر في القانون رقم 07 – 01 الخاص ب«الاستيراد المؤقت لغرض التصدير" والذي ينص على وجوب إحضار رخصة من بنك الجزائر قبل الدفع للمستورد الذي يقتني من عنده المصدر الجزائري المادة الأولية التي تدخل في صناعة المنتوج الذي يصدره فيما بعد حسبما أكده السيد شكيب بوبلنزة، مساعد مسير مجمّع وطني متعدد المنتوجات ينشط في مجال التصدير. ومن جهة أخرى أضاف المتحدث أن الإجراءات الأخيرة التي أقرها وزير التجارة لتسهيل عمليات التصدير والذي تمكن من إزاحة العديد من العراقيل البيروقراطية، مكّنت من الدفع بعمليات التصدير خارج مجال المحروقات نحو الأمام خلال الأربعة أشهر الأخيرة. مؤكدا أن استمرار العمل بهذه الوتيرة سيدفع بعجلة التصدير التي لا تتجاوز حاليا 2 بالمائة بمبلغ 2 مليار دولار خارج المحروقات لتصل إلى 10 بالمائة أي ما يعادل 35 مليار دولار في سنة 2017 . وكانت للمصدرين الجزائريين أمس، لقاءات أعمال خاصة مع 80 رجل أعمال إفريقي حضروا للجزائر بمناسبة المعرض الدولي. وعّبر الأفارقة عن اهتمامهم بالمنتوجات الوطنية خاصة ما تعلّق بالصناعات الغذائية، النسيج، والتجهيزات الكهرومنزلية. اللقاءات التي فاقت 1200 لقاء استمرت إلى ساعات متأخرة لبحث سبل الشراكة والاستيراد، وإمكانية فتح فروع لبعض الشركات الجزائرية ببعض الدول الإفريقية خاصة تلك الناشطة في مجال الصناعات الغذائية، والتي يمكن أن تفتح مصانع ببعض الدول الإفريقية التي تتوفر على المواد الأولية الخامة التي تدخل في هذه الصناعات كالزيت، القهوة، الكاكاو، السكر، الفانيلا، واللحوم. ويرى خبراء في مجال التجارة الخارجية أن الجزائر بإمكانها الاستحواذ على حصص كبيرة في السوق الإفريقية ومنافسة العديد من الدول التي تصدر منتوجاتها لهذه السوق كون أن المنتوج الجزائري بات مطابقا للمقاييس المطلوبة من حيث الجودة والنوعية، كما أن سعره يبقى منخفضا مقارنة بالمنتوجات الأوروبية ويتماشى مع القدرة الشرائية للمواطن الإفريقي. كما أن قرب المسافة بين الجزائر والبلدان الإفريقية يسهل لها عمليات التصدير عن طريق النقل البري في مدة زمنية قصيرة. وتعرف السوق الإفريقية التي تحصي حاليا 370 مليون نسمة نسبة نمو فاقت 17 بالمائة ساعدت على إنعاش الاستهلاك مقارنة بالسنوات السابقة، إذ زاد الطلب على كل المنتوجات خاصة المواد الغذائية والتجهيزات المنزلية مما يوفر فرصة للمصدرين لا يجب تضييعها، خاصة وأن هذه السوق لا تفرض شروطا صارمة على نوع المنتوجات وخصائصها مقارنة بالأسواق الأوروبية التي لا تسمح بدخول أي منتوجات لترابها إلا إذا كان مطابقا للشروط التي تحددها.