صادق أعضاء مجلس الأمة أمس، في جلسة علنية ترأسها السيد عبد القادر بن صالح، رئيس المجلس بالإجماع على النص التشريعي المتعلق بمعالجة ظاهرة انتقال الأشخاص إلى ساحات القتال بغرض ارتكاب أعمال إجرامية وإرهابية على غرار ما يقع اليوم مع تنامي ظاهرة الالتحاق بتنظيم "داعش" بسوريا والعراق، كما صادقوا على مشروعي القانونين المنظمين لاستغلال البصمة الوراثية ومجال التقييس. أعضاء مجلس الأمة الذين ثمّنوا المشاريع الثلاثة التي تأتي لإثراء الترسانة القانونية الوطنية، وتعزّز مجال حماية حقوق الجزائريين وحرياتهم الأساسية، وافقوا جلّهم على هذه النّصوص، داعين على تفعليها على أرض الواقع عبر إتمامها بالنصوص التطبيقية المرافقة لها، لا سيما بالنسبة لقانون التقييس الذي أكد بشأنه وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، بأنه جاء ليعزّز قدرات المؤسسات الوطنية وزيادة تنافسيتها، فضلا عن ضمان حماية المستهلك والحفاظ على البيئة، وذلك من منطلق ضبطه لقواعد إنتاج تحكمها معايير الجودة والنوعية العالية. بوشوارب أشار بالمناسبة إلى أن إلغاء المادة 22 من القانون القديم يهدف إلى فتح مجال الإشهاد بالمطابقة أمام الهيئات والمؤسسات الرسمية كل في اختصاصها حتى تحرر طاقات المعهد الوطني للتقييس تمنح الفرصة للمخابر والجامعات للمشاركة وتقديم أجوبة للمشاكل الاقتصادية المطروحة، وتلبية الطلب على الإشهاد بالنوعية، وذلك تحت إشراف الهيئة الجزائرية للاعتماد (ألجيراك). كما سيسهم دخول المخبر الوطني لمراقبة المنتجات، حيز الخدمة في تعزيز مراقبة المنتجات المحلية، وذلك إلى جانب الشبكة الوطنية من المخابر التي سيتم استحداثها بموجب القانون. التصدي لظاهرة الالتحاق بالجماعات الإرهابية بالخارج في تعقيبه على مصادقة أعضاء مجلس الأمة على نص القانون المتمّم للأمر 66-156 المتضمن قانون العقوبات، أوضح وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، أن هذا النص جاء ليدعم الترسانة القانونية في اتجاه واضح بالنسبة للجزائر، يتعلق بالتزامها الواضح في محاربة الإرهاب من خلال معالجة ظاهرة انتقال المقاتلين إلى دول أخرى بغرض ارتكاب جرائم إرهابية أو التدريب والتحريض عليها، معترفا بوجود فراغ قانوني في السابق لمعالجة هذه الظاهرة "تم تداركه بإقرار هذا النّص". كما ينص هذا القانون حسب الوزير على معاقبة تمويل عمليات الالتحاق بالجماعات الإرهابية في الخارج، ويجرّم استعمال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال لأغراض مرتبطة بهذه الأفعال مع تحميل مقدمي خدمات الأنترنت مسؤولياتهم كاملة في هذا المجال، طبقا لما هو منصوص عليه في المادة الثانية من القانون الصادر في سنة 2009، والمتعلق بمحاربة الجرائم المتعلقة بالتكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال والوقاية منها. توحيد القاعدة الوطنية للبصمة الوراثية وتنظيم استغلالها لأول مرة في تاريخ التشريع الجزائري، تتعزز ترسانة القوانين المنظمة لمجال القضاء بقانون ينظّم استعمال البصمة الوراثية تمت المصادقة عليه بالإجماع من قبل أعضاء الغرفة البرلمانية العليا. هذا النص الجديد الذي يندرج حسب وزير العدل حافظ الأختام في إطار برنامج رئيس الجمهورية "في شق هام جدا يتعلق بحماية حقوق الأشخاص وحياتهم من الممارسات غير المشروعة"، يضع قواعد وضوابط استعمال البصمة الوراثية، وكيفيات اللجوء إليها واستعمالها وكذا تأطير طرق أخذ العينات من الإنسان للقيام بالتحاليل التي تخص هذه البصمة الوراثية. كما يحدد النص القانوني الهيئات والأطراف التي يحق لها الأمر بإجراء هذه الخبرة واللجوء إلى آلية البصمة الوراثية، حيث يحصر هذه الأطراف في السلطة القضائية الممثلة بقاضي التحقيق ووكيل الجمهورية وقضاة الحكم وهيئات الحكم، وفي هذا السياق أشار السيد لوح، إلى أنه "ليس من هبّ ودب يمكنه إجراء البصمة الوراثية دون مراقبة من القضاء". فضلا عن تحديده للفئات التي يمكن أن تؤخذ منها العينات لإجراء البصمة الوراثية ومنهم المشتبه فيهم في القضايا الإجرامية والمفقودون وغيرهم، ينص القانون على استحداث قاعدة وطنية للبصمة الوراثية يشرف عليها قاض، مع الإشارة إلى أن المعمول به في السابق هو اعتماد هيئة الدرك الوطني على قاعدتها الخاصة للبصمة الوراثية، فيما يعتمد جهاز الأمن الوطني على قاعدة أخرى حسب السيد لوح الذي شدّد على أن هذا العمل العشوائي سينتهي مع وضع القاعدة الوطنية الموحدة. من جانب آخر يحدد النص القانوني الجديد المدة التي يستغرقها حفظ البصمة الوراثية "حيث لا يمكن أن تبقى البصمة محفوظة على الدوام"، حسب الوزير الذي أشار إلى أن ضبط مدة الاحتفاظ بالبصمة الوراثية يندرج في إطار حماية حقوق الأشخاص. بالمناسبة أوضح الوزير بأن هذا المجال هو الشق الهام الذي يتضمّنه برنامج رئيس الجمهورية، والذي سيتعزّز في اجتماع مجلس الوزراء القادم (المرتقب اليوم)، بقانون يرتبط بمطابقة التشريع مع التعديل الدستوري الأخير ويتعلق بإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وفقا للمعايير الدولية والمبادئ التي صادقت عليها الجزائر والمجموعة الدولية. وأكد الوزير في سياق متصل بأن أغلب القوانين المرتبطة بالدستور جاهزة. عدد الجزائريين الملتحقين بالجماعات الإرهابية في الخارج ضئيل جدا جدّد وزير العدل حافظ الأختام، التأكيد على أن عدد الجزائريين الذين التحقوا أو حاولوا الالتحاق بالجماعات الإرهابية في الخارج ضئيل جدا مقارنة بدول أخرى بما فيها الدول الأوروبية، وأشار إلى أن هناك من هؤلاء من صدر ضدهم أوامر بالقبض وتم التعرّف عليهم وتحديد هوياتهم، مبرزا أهمية القانون الجديد الذي تمت المصادقة عليه أمس، في تعزيز الترسانة القانونية لمحاربة ظاهرة انتقال المقاتلين إلى الدول التي تعرف توترات وتنامي ظاهرة الإرهاب. السيد لوح الذي ذكر بأن اعتماد هذا القانون الجديد يبرز الرؤية الواضحة بالنسبة للجزائر فيما يخص محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، كشف عن اقتراح تقدمت به الجزائر في اجتماع مجلس وزراء العدل العرب الأخير ويتعلق بتعديل اتفاقيتين عربيتين تشمل الأولى الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب التي تعود لسنة 1998، بينما تتعلق الاتفاقية الثانية بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب والتي تعود لسنة 2010.