سيقوم وفد من رجال الأعمال الجزائريين وأصحاب المؤسسات المنتجة بزيارة عمل إلى كوت ديفوار، البنين، والطوغو للتعرف على حاجيات أسواق هذه البلدان والتفاوض مع مسؤوليها ورجال أعمالها حول سبل الشراكة الاقتصادية لتجسيد برنامج تصدير المنتوجات الجزائرية خارج المحروقات الذي سطرته الحكومة مؤخرا، والذي سيرافقه البنك العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا بمنح قروض مالية لتمويل عمليات استيراد هذه البلدان الراغبة في اقتناء سلع جزائرية. ويقود الوفد الجزائري الذي سيحل بهذه البلدان الإفريقية الثلاثة في الفترة الممتدة من 17 إلى 25 جويلية المقبل، رئيس الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة العيد بن عمر، حسبما أكدت الغرفة عبر موقعها الإلكتروني، مشيرة إلى أن هذه الزيارة تُعد أول خطوة بعد الاتفاقيات التي وقّعتها بعض المؤسسات الجزائرية مع نظيرتها الإفريقية خلال صالون التصدير "الجزائر – إكسبو" الذي نُظم على هامش معرض الجزائر الدولي بداية شهر جوان الجاري؛ حيث تهدف إلى الاطلاع عن قرب على الأسواق الإفريقية والفرص التي تتيحها للانطلاق في عمليات التصدير؛ حتى تكون لهم صورة واضحة عن كيفية توجيه منتوجاتهم لهذه السوق التي تحصي أكثر من 350 مليون مستهلك. وستعرف الزيارة برمجة منتديات اقتصادية تكون متبوعة بلقاءات ثنائية بين رجال الأعمال الجزائريين ونظرائهم الأفارقة من البنين، الطوغو، وكوت ديفوار، بالإضافة إلى عقد اجتماعات مع الفاعلين في مجال الأعمال والاقتصاد بكل بلد، لمناقشة كل الإجراءات القانونية والإدارية المعمول بها هناك في مجال التجارة الخارجية. وسيبحث أصحاب المؤسسات الجزائرية الناشطة في مجال الصناعات الغذائية، إمكانية استغلال بعض الإمكانيات الطبيعية الموجودة بهذه البلدان؛ من مواد أولوية واستغلالها في الصناعات الغذائية، خاصة بكوت ديفوار التي تُعد من أكبر منتجي الكاكاو في العالم؛ حيث تسيطر على حصة 40 بالمائة من الإنتاج العالمي بالإضافة إلى جوز الكاجو، الموز، ومختلف الخضر والفواكه. وتُعد هذه الزيارة ترجمة للقرارات التي اتخذتها الجزائر في الآونة الأخيرة لاستغلال علاقاتها السياسية الجيدة مع إفريقيا؛ بغية ترقية العلاقات الاقتصادية والتجارية، علما أن الوزير الأول عبد المالك سلال كان قد دعا المتعاملين الاقتصاديين إلى الانطلاق في التصدير ابتداء من سنة 2017، للإقلاع بهذا المجال بعدما التزمت الحكومة بتوفير كل التسهيلات الإدارية والجمركية والمالية للمصدّرين، لتنويع الصادرات الجزائرية خارج المحروقات، والبحث عن اقتصاد بديل بعد تراجع أسعار النفط، مشيرا إلى أن إفريقيا توفر إمكانيات لا بأس بها يمكن للجزائر استغلالها لرفع حصصها في مجال التصدير ومنافسة كبرى الدول المصدرة بحكم موقعها الجغرافي، كونها بوابة إفريقيا، مما يساعدها على ولوج هذه الأسواق بسهولة بحكم قرب المسافة مقارنة بباقي الدول الأوروبية والآسيوية، علما أن قرب هذه المسافة يحفّز البلدان الإفريقية على استيراد سلعها التي ستكون أسعارها في متناولهم بحكم انخفاض تكاليف النقل مقارنة بباقي الدول المصدّرة البعيدة. وسيشرع البنك العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا في تمويل عمليات استيراد الدول الإفريقية للمنتوجات الجزائرية، مباشرة بعد توقيع هذه الدول على اتفاقيات مع المؤسسات الجزائرية الراغبة في تصدير منتوجاتها. وتجدر الإشارة إلى أن هذا البنك موّل منذ نشأته سنة 1973 إلى غاية سنة 2015، أكثر من 600 مشروع في إفريقيا بمبلغ إجمالي يقدر ب 7ر4 مليار دولار خاصة بتمويل التصدير والمشاريع التنموية. وقد تم مؤخرا التوقيع على عشرين عقدا بين مؤسسات جزائرية خاصة وشركات إفريقية، عدد كبير منها من كوت ديفوار، مثلت قيمة هذه العقود 5ر145 مليون دولار لبعث عمليات الاستيراد والتصدير، إلى جانب توقيع عقود أخرى بين مؤسسات جزائرية والغرفة الجزائرية الإيفوارية للتجارة، والتي تمثل منصة لتصدير المنتوجات الجزائرية نحو كوت ديفوار، علما أن هذه العقود تخص مجالات الأدوية، الإلكترونيك، آلات التعليب والفلاحة. ولا تهدف الجزائر من خلال توجيه نظرتها إلى الأسواق الإفريقية لإيجاد مجال لتصدير منتوجاتها فقط، بل تسعى لبناء تعاون متين في مجال الاستثمار المنتج تدريجيا، حيث عبّرت عن إرادتها في خلق منطقة تبادل حر قارية لدعم التبادل التجاري والاقتصادي مع البلدان الإفريقية بعد رفع كل العراقيل التي تعيق التصدير، حسبما أكدت الحكومة في مناسبات سابقة. ومن المنتظر أن يتم تنظيم لقاء جزائري - إفريقي في نوفمبر القادم بالجزائر العاصمة، سيجمع أكثر من 2000 رجل أعمال من مختلف بلدان القارة، والذي سيكون فرصة لنسج علاقات شراكة جديدة لتشجيع التصدير جنوب - جنوب؛ لرفع حصة الجزائر في السوق الإفريقية، والتي لا تتجاوز حاليا نسبة 25ر0 بالمائة؛ حيث لا يتعدى حجم المبادلات التجارية بين الجزائر وباقي دول إفريقيا 184 مليون دولار.