تسعى مختلف مراكز الرعاية النفسية والبيداغوجية للأطفال المتخلفين ذهنيا إلى تقديم خدمات نوعية لهذه الفئة من الأطفال المعاقين، لاسيما المتخلفين منهم ذهنيا الذين يشكلون حالات خاصة تتفاوت لديها درجة الاستجابة لمختلف تقنيات التعلم والتلقين. وهو ما يفسر الجهود التي تبذلها وزارة التضامن من أجل تحسين إدماج هذه الفئة تحديدا. يشكل مركز "الأنيس" للرعاية النفسية البيداغوجية بالأطفال المتخلفين ذهنيا، واحدا من المراكز المتخصصة الهادفة إلى تنمية القدرات الفكرية والحَركيّة والاجتماعية والعاطفية وتعزيز الوعي بالذات بالنسبة للطفل المعاق، إلى جانب تنمية تواصله مع الآخرين والعمل على تقليل حدة الاضطرابات المصاحبة للتخلف الذهني لديه. وحسب مختصة أرطوفونية تحدثت إلى "المساء" على هامش زيارة تفقدية لوزيرة التضامن للمركز مؤخرا، فإن المركز مؤسسة تستقبل في النظام الداخلي ونصف الداخلي أطفالا معاقين ذهنيا، منهم أطفال مصابون بالتوحد وآخرون يعانون من فرط الحركة، وتوضح أن الحالة النفسية والعقلية لهؤلاء الأطفال تستدعي علاجا وتقويما وتعليما من نوع خاص. وهو ما يجعل الطاقم الطبي البيداغوجي يعمل وفق برنامج تربوي خاص يقتضي العمل مع الأطفال ضمن ورشات معينة. عن أهم الصعوبات التي تصادف الطاقم البيداغوجي في تعامله مع الأطفال المعاقين ذهنيا، تقول المتحدثة بأنها تكمن تحديدا في صعوبة التواصل مع هذه الفئة التي تفتقد للغة حتى توصل أفكارها أو تطالب باحتياجاتها، ناهيك عن فرط الحركة لدى البعض، مما يجعل المختصين يبذلون أحيانا مجهودات مضاعفة لتحقيق نتائج معينة، كما تؤكد المختصة أن التفاعل الإيجابي للأولياء مع البرامج الخاصة لتعليم أطفالهم المعاقين ذهنيا، لاسيما المصابين منهم بالتوحد، يعتبر العلامة الفارقة في مجال تحقيق نتائج إيجابية. ويقوم البرنامج التربوي على أساس إكساب الأطفال المعاقين ذهنيا اللغة، بتعلم الحروف والنطق الصحيح لها أو إثراء لغة الطفل إن كان فيها اضطرابات بإكسابهم الكلمات الصحيحة وتعليمهم مواضع استعمالها. وأبرزت المختصة أن معدل جلسات التلقين تختلف من طفل إلى آخر، لكنها في الغالب ما تكون في حدود خمس جلسات، بينما تحتاج جلسات تعليم النطق لأكثر من ذلك. من جهة أخرى، تتحدث المختصة عن الورشات المتنوعة بين الأشغال اليدوية والفنون التشكيلية والرسم وغيرها، التي تمثل متنفسا حقيقيا بالنسبة للأطفال المتأخرين ذهنيا، ومن خلالها يتعلم الطفل كيفية التعامل بيديه عن طريق تدريبه على الحركات الصحيحة للأيدي. نشير إلى أن الطاقة الاستيعابية للمركز تصل إلى 80 طفلا يتم التكفل بهم ضمن الفحص النفسي والأرطوفوني في النظام الداخلي، فيما يصل إلى 13 طفلا متكفلا به في النظام الخارجي. نشير إلى أن وزيرة التضامن الوطني وإثر زيارتها للمركز مؤخرا، شددت على أهمية تعليم الأطفال على فترتين صباحية وأخرى مسائية ضمن برنامج سيتم مراسلته قريبا لكل المراكز المتخصصة، حتى لا يتم إرهاق الأطفال كونهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحتى لا تتحول هذه المراكز المتخصصة لمجرد مراقد أو محطات للتسلية وتمضية العطلة.