اهتزت مدينة طرابلس في شمال لبنان، أمس، على وقع انفجار عنيف استهدف حافلة كانت تقل عناصر للجيش اللبناني مما أسفر عن مصرع خمسة من بينهم وإصابة 24 شخصا بين مدنيين وعسكريين. وقال متحدث باسم الجيش اللبناني إن قنبلة وضعت أسفل سيارة كانت مركونة على حافة الطريق انفجرت لحظة مرور حافلة للجيش بالمدخل الجنوبي لمدينة طرابلس كان على متنها 24 جنديا كانوا في طريقهم الى العاصمة بيروت في وقت كانت فيه حركة السير في ذروتها. وفور وقوع الانفجار سارعت قوات الأمن والجيش اللبنانيين إلى فرض طوق أمني حول مكان الحادث وباشرت التحقيقات اللازمة والتي أشارت في أولى نتائجها إلى أن القنبلة تم تفجيرها بتقنية التحكم عن بعد. وليست هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها المؤسسة العسكرية في مدينة طرابلس التي شكلت في الشهور الأخيرة مسرحا لمواجهات دامية بين حيي باب التبانة وجبل محسن أوقعت العشرات من الضحايا بين قتلى وجرحى رغم اتفاقات وقف إطلاق النار واتفاق المصالحة. وكان 14 شخصا من بينهم تسعة جنود لقوا مصرعهم في تفجير مماثل في ال 13 أوت الماضي. وقالت قيادة الجيش اللبناني إن يد الغدر امتدت مجددا لتطال المؤسسة العسكرية في استهداف واضح لمسيرة الأمن والاستقرار في البلاد وخطوات التقارب والمصالحة بين أطراف المجتمع الواحد من خلال عمل إرهابي جديد هز المدخل الجنوبي لمدينة طرابلس صباح أمس. والواضح أن هذه العملية جاءت لخلط الأوراق في وقت شرع فيه الفرقاء اللبنانيون في حوار وطني لتسوية كل النقاط الخلافية ووضع حد للأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد لقرابة السنتين. وكان مختلف القوى السياسية اللبنانية شرعت منذ قرابة الأسبوعين في حوار وطني من أجل وضع حد لموجة العنف التي شهدتها لبنان في الشهور الأخيرة وتسببت في انزلاق أمني خطير شهر ماي الماضي سقط خلاله 67 قتيلا كاد يقود البلاد مجددا إلى متاهة الحرب الأهلية. ولكن مسؤولين لبنانيين اعتبروا أن الانفجار جاء بهدف زعزعة جهود الجيش اللبناني في فرض الأمن في مدينة طرابلس بعد الاشتباكات المتقطعة التي شهدتها شهري ماي وجويلية الماضيين وخلفت مصرع 20 شخصا. وقال النائب مصطفى علوش أن الهجوم هدفه إحباط عزيمة الجيش ويسعى إلى زعزعة العلاقة بين عناصره وسكان المدينة بعد انتشار وحداته بشكل مكثف بغرض مراقبة الوضعية الأمنية في طرابلس كبرى مدن الشمال اللبناني. وأثار الانفجار ردود فعل لبنانية وأجنبية مستنكرة للعملية التي تعتبر الأعنف من نوعها ضد المؤسسة العسكرية منذ أحداث مخيم النهر البارد العام الماضي والتي خلفت أزيد من 400 قتيل من بينهم 168 جندي. وندّد نبيه بري رئيس البرلمان وأحد أهم وجوه المعارضة بشدة عملية التفجير وقال إنها تهدف أساسا بالمساس بجهود المصالحة وجلسات الحوار الوطني التي شرع فيها من أجل وضع حد للأزمة في البلاد. من جهتها، ندّدت سوريا بالعملية التفجيرية وقالت وكالة الأنباء السورية إن دمشق تستنكر بشدة العملية الإرهابية والإجرامية التي استهدفت جنودا ومدنيين لبنانيين في مدينة طرابلس وتعبر عن كامل تضامنها مع لبنان في مواجهة الجهات التي تسعى إلى ضرب أمنه واستقراره. وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي أدان بشدة بشدة حادث الانفجار ووصفه بالجبان. وأكد الرئيس ساركوزى في بيان صدر عن قصر الإليزيه من جديد على دعم فرنسا الكامل للبنان ولسلطاتها ولمؤسساتها الأمنية في جهودها من أجل محاربة الإرهاب. كما جدّد التزامه الصارم بإحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.