مثل باقي التلاميذ، يفرح الأطفال المعاقون حركيا بالدخول المدرسي والعودة إلى الأقسام، ولا يحس أغلبهم بالفرق مع فرحة الملابس والأدوات الجديدة والعودة إلى القسم مجددا بعد طول راحة.. إلا أن بعض الصعوبات تطرح فيما يخص تمدرس هذه الفئة، خاصة بالنسبة للأهل كونهم مجبرين على نقل أطفالهم من وإلى المدرسة يوميا وطول العام الدراسي. أصبح الجميع يدرك أن للأطفال المعاقين أيضا الحق في التعليم والمشاركة الفاعلة في الحياة بغض النظر عن عمرهم وقدراتهم، ودمجهم في المدارس مع الأطفال غير المعاقين يعتبر الخطوة الأولى لدمجهم في الحياة الاجتماعية، فذلك يعمل على تقوية إدراكهم وتخفيف معاناتهم ونظرة الانتقاص لديهم من جهة، ويوفر لهم بيئة تربوية طبيعية من جهة أخرى. من بين هؤلاء الأطفال حمزة قريشي ذي 6 سنوات، معاق حركيا، ألحق هذه السنة بمدرسة فاعوصي بمدينة الرغاية (شرق العاصمة)، تحدثنا أمه عنه فتقول أن إبنها انتظر الدخول المدرسي بشغف كبير حتى يرى نفسه بالمئزر والمحفظة مثل أقرانه وحتى يخرج قليلا من الدائرة المغلقة التي يعيش فيها بالمنزل، حيث يتيح له التنقل من وإلى المدرسة، وكذا التواجد بالقسم وبمحيط المدرسة بشكل عام، يتيح له تكوين صداقات ويعزز انتماءه إلى المجتمع وهو الأمر الذي سيؤدي إلى تحفيزه وتنمية قدراته من ناحية وتقليص إحساسه بالاختلاف عن أقرانه من جهة أخرى. وبفرح كبير حدثنا الطفل قائلا: "أحب المدرسة بزاّف"، جملة اختصرت شغف الطفل باكتشاف عالم الدراسة الذي يسمع عنه من أسرته، التي تبدأ في تهيئة المتمدرس في سنته الأولى بشراء مستلزمات الدراسة، بالرغم من ضيق حال أسرة حمزة، الذي جعلها تعجز عن توفير كل تلك المستلزمات. من جهتها، تقول أم حمزة أنها مجبرة على تحمل مشاق الطريق من وإلى المدرسة لإيصال طفلها المعاق إلى قسمه طوال العام الدراسي ومجبرة أيضا على الدخول إلى المدرسة وقت الاستراحة لإطعام طفلها المقعد أو أخذه إلى المرحاض بعد أن اتفقت مسبقا مع مدير الابتدائية على خصوصية وضع ابنها. وبمقر جمعية الأمل للمعاقين حركيا بمدينة الرغاية، التقينا بالطفل محمد (11 سنة) معاق حركيا رفقة والدته، التي قالت أن إبنها في السنة الأولى بإكمالية الرغاية التي تبعد بمسافة طويلة عن مقر سكن الأسرة، الأمر الذي جعل أسرة محمد تتفق مسبقا على تقسيم الوقت وفق الجدول الزمني لدراسة محمد، وذلك لإيصاله إلى المدرسة وإحضاره إلى المنزل على الأقل في الأسابيع الأولى للدراسة، وبعدها يتمكن الطفل من مساعدة نفسه بتحريك كرسيه أو الاستعانة بأحد أصدقائه من المتمدرسين معه في ذات القسم أو ذات المدرسة. أما عن دراسته في الابتدائية، فإن الأم كانت تتحمل لوحدها مشقة إيصال ابنها إلى المدرسة، وتقول أنها مستعدة لتحمل المزيد شريطة أن يستفيد ابنها من الدراسة وحتى لا يحس بالنقص "يكفيه أنه محروم من نعمة الحركة والمشي فكيف لنا أن نحرمه من حقه في الدراسة والعلم"، تعلق أم محمد. مضيفة أنه طوال السنة الدراسية يزيد اهتمامها بمحمد على وجه الخصوص، بحيث تتفرغ له في الفترة الصباحية قبل قصده للمدرسة، فتساعده في الدخول إلى المرحاض والغسل وارتداء ملابسه ثم تحضير وجبة إفطاره، وأكثر من ذلك، تتفقد محفظته وتحرص على أن تكون الأدوات والكتب الكراسي متوافقة مع المادة التي سيدرسها محمد في ذلك اليوم سواء في فترة الصباح أو المساء.