تحتضن كلية الآداب والعلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية التابعة لجامعة "باجي مختار" بعنابة، ملتقى دوليا حول "أوغسطين هيبون وفكره في بعديه المحلي والعالمي"، وهذا في نوفمبر المقبل، يشرف عليه الأستاذ الدكتور حياهم عمار مدير جامعة باجي مختار، بالتعاون مع عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية الأستاذ الدكتور أ.د بركاوي ميلود. تتناول إشكالية الملتقى مكانة وأثر أوغسطين في مختلف الدراسات والكتابات التاريخية؛ سواء المحلية أو العالمية التي رصدت هذه الشخصية المحلية في الأبحاث الأكاديمية وكتب رحلات لمدينة هيبون، وفي رحلات استكشافية قادها مثقفون غربيون أعادت بناء مسار أوغسطين في كتابات وصفية تؤرخ للمنطقة، وتعكس جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية. ويُعتبر أوغسطين هيبون شخصية محلية ذات بعد إنساني عالمي، وقد جاء بإضافات في الفكر الديني والفلسفي، بحكم أنه لم يكن يرى أي تعارض بين فلسفة أفلاطون والمسيحية، لكنه عارض النظرية الدورية لأفلاطون، كما جاء بفكرة حركية التاريخ، معتبرا أن التاريخ في حركية دائمة من بداية الخلق إلى نهايته. كما كان لأوغسطين هيبون أثر واضح في الفكر الغربي؛ فهو منظر التاريخ المسيحي، ومؤسس الكنيسة اللاتينية ومصدر الثقافة الفلسفية في بداية العصر الوسيط وعصر النهضة، وحدد معايير الفصل بين السلطة الروحية والزمنية، بينما اختلفت الأولويات في دراسة شخصية أوغسطين من بلد إلى أخر، وذلك بسبب تأثير فكره الديني والفلسفي ومواقفه الشخصية حول القضايا الاجتماعية، إلا أن السمة المشتركة بين مجمل البحوث التاريخية وغيرها تكمن في المرجعية الوطنية، لذلك يُعد تنظيم هذا الملتقى فرصة للوقوف على واقع الدراسات المحلية والعالمية، وكيفية معالجة الباحثين هذه الشخصية ذات التأثير الفكري والفلسفي، إضافة إلى أنّ لمسار أوغسطين هيبون في طريق المعرفة أثرا واضحا في الفكر الإنساني من شمال إفريقيا إلى جنوب أوروبا؛ في انعكاس لفكرة التواصل الثقافي والإنساني بين ضفتي المتوسط. أما عن أهداف الملتقى فتتمثل في إبراز الدور العلمي والفكري لأوغسطين هيبون في الفكر الإنساني، والتعرّف على الدراسات الأكاديمية التي عالجت شخصية أوغسطين، وإبراز دور المؤرخين المحليين في التأريخ لأوغسطين وللمنطقة، وإبراز أثر السياحة الدينية إلى هيبون التاريخية، ورصد صورة أوغسطين في الكتابات الأجنبية والدراسات المغاربية. كما يشمل الملتقى عدة محاور، وهي: الأبعاد الإنسانية في فكر أوغسطين، التأثير المحلي لفكر أوغسطين. فكر أوغسطين كمنطلق لحوار الحضارات والتسامح بين الأديان. أوغسطين ومكانته من خلال الآثار التاريخية ودراسات المواقع الأثرية. أوغسطين في كتابات الرحلة الأجنبية، أوغسطين والقضايا الاجتماعية للمجتمع المحلي، السياحة الدينية لمدينة هيبون التاريخية ودورها في التقارب الحضاري والتسامح الديني، أوغسطين والذاكرة، الجانب السيكولوجي في كتابات أوغسطين، وأوغسطين وعالمنا المعاصر. للتذكير، أوريليوس أوغيستينيوس (354م – 430 م) المعروف "بأوغسطين هيبون"، فيلسوف ورجل دين من أصول شمال إفريقية، وُلد بمادور (مداوروش، تاقاست) بسوق أهراس حاليا يوم 13 نوفمبر سنة 354م من أب وثني روماني وأم إفريقية مسيحية سانتا مونيكا، التي تُعتبر أول قديسة إفريقية اعترفت بقداستها الكنيستان الكاثوليكية والأرثودوكسية، وكان لها الفضل في اعتناق ابنها المسيحية. درس أوغسطين بمادور وتاقاست، ثم انتقل في سن السادسة عشر للدراسة في قرطاج. تعمّق في الفلسفة واعتنق المانوية. سافر إلى روما، ثم ميلانو؛ حيث بدأ التحول في فكره بعد تأثره بأسقف المدينة أمبرواز، فكانت بداية رحلته ليعتنق المسيحية سنة 386 م، بعدها عاد إلى إفريقيا وعُيّن أسقفا لكنيسة هيبون سنة 395 م إلى غاية وفاته يوم 28 أوت 430 م عن عمر يناهز 76 سنة أثناء الحصار الوندالي للمدينة.