تنتعش "تجارة" الإيواء لدى الخواص ببومرداس في كل موسم صيفي، حيث يلجأ الكثير من أصحاب السكنات المتاخمة للشواطئ لكرائها بمعدل يصل إلى مليون سنتيم لليلة الواحدة، وهو ما يجعل هذه التجارة تدرّ على أصحابها ذهبا في موسم العطل إلى درجة اتساعها السنة تلو الأخرى، وهو ما حذا بالسلطات مؤخرا للعمل على تنظيم هذه الصيغة المعروفة تحت تسمية "صيغة الإيواء لدى الساكن"، والتي تأتي كحل مثالي لسد العجز المسجل في هياكل الإيواء السياحية بالولاية. بالرغم من المشاريع السياحية الكثيرة التي تعمل السلطات المحلية لبومرداس على تنفيذها من أجل الرقي بالولاية إلى مصاف الوجهات السياحية الأولى بالوطن، إلا أن العديد من النقائص مازالت تسجل خاصة في ظل ضعف هياكل الاستقبال وانحصار الخيارات الموجودة، ولعل اللجوء إلى صيغة الإيواء لدى الساكن من ضمن أهم الصيغ التي فرضت نفسها في السنوات الأخيرة، خاصة منذ تنصيب البيوت الجاهزة إثر زلزال 2003 التي استغلها أصحابها فيما بعد للاستئجار في المواسم الصيفية، لاسيما منها المنصبّة بالقرب من الشواطئ. بعض سكان الشريط الساحلي لبومرداس في حديثهم مع "المساء"، أكدوا أن أمر استئجار شقة أو مسكن قريب من الشاطئ يبدأ قبيل حلول الموسم الصيفي بكثير، ويتراوح معدل الكراء ما بين 30 ألفا إلى 100 ألف لعشرة أيام فقط تبعا لحجم الشقة ومدى قربها من الشاطئ، فمواطنة تقطن بالقرب من مدرسة محمد باكور بالكرمة، أكدت أنها دأبت على استئجار شقتها من ثلاث غرف لعائلتين اثنتين، إحداهما من الشراقة والأخرى من الحراش بالعاصمة منذ 3 سنوات، ثمن الإيجار لشهر واحد 50 ألف دينار تراه المتحدثة معقولا، بالنظر إلى أثمان أخرى تصل إلى حدود 100 ألف دينار، ملفتة إلى أن المعنيين يتصلون بها خلال الثلاثي الأول من كل سنة لضمان استئجار الشقة. وبحي 800 مسكن بمدينة بومرداس حدثنا مواطن آخر مؤكدا أنه يملك شقة من غرفتين تطل على الواجهة البحرية، قال إنه استأجرها لعائلتين مختلفتين من منتصف جويلية إلى منتصف سبتمبر بثمن 150 ألف دينار للشهر، وعلّق يقول إنه ثمن معقول جدا بالنظر إلى السمسرة القوية بالسكنات القريبة من الشواطئ، مؤكدا أمر مكوثه وأسرته لدى أهله إلى غاية الدخول الاجتماعي. ودخلت الشاليهات على خط المنافسة مع السكنات في السنوات الأخيرة، خاصة تلك المتواجدة بمواقع قريبة جدا من الشواطئ، على غرار موقع الصغيرات، حيث يصل معدل كراء شاليه إلى 30 ألف دينار ولفترة لا تتجاوز 15 يوما، في وقت يؤكد مواطن من موقع الصغيرات بزموري، أن كراء شاليه في الصيف كان الموسم الماضية في حدود 3 آلاف لليلة الواحدة؛ ما يعني 30 ألف دينار ل10 أيام، ليقفز السعر هذا الموسم إلى حدود 5000 دينار، وهو ما يجعل هذه السكنات المؤقتة التي تمّ تنصيبها لإيواء منكوبي زلزال 2003 إلى غاية ترحليهم إلى سكنات جديدة، مشاريع بزنسة تُستعمل في الكراء الصيفي، علما أن غالبية الشاليهات متواجدة على امتداد الشريط الساحلي من قورصو غربا إلى غاية دلس شرقا، مرورا بمواقع الكرمة والصغيرات وزموري، علما أن الكثير من المُستأجرين يلجأون إلى تقديم عربون لصاحب الشاليه في نهاية الاصطياف بغية استئجاره الموسم المقبل وهكذا، وطبعا الموافقة أو الرفض تتم حسب حالة المكان التي يخلفها وراءهم المُستأجِرين ومدى محافظتهم على الشاليه.. وبالرغم من المساعي الكثيرة في مجال الارتقاء بالسياحة الداخلية خاصة على مستوى الشريط الساحلي، إلا أن النقص مايزال مسجلا. في بومرداس تم إحصاء 20 مؤسسة فندقية توفر 2946 سريرا إضافة إلى 7 مخيمات عائلية تتوفر على 4990 سريرا. ورغم ذلك فإن النقص مايزال يسجل في مجال الإيواء، وهو ما حفّز صيغة الإيواء لدى الساكن التي كانت إلى وقت مضى تتم بصفة غير قانونية ومازالت كذلك بالرغم من المساعي التي أطلقتها السلطات في سبيل تنظيم هذه الصيغة. يقول محمد الشريف زلماطي رئيس مكتب دعم التنمية السياحية والإحصاء بمديرية السياحة، ملفتا إلى وجود نموذج للتصريح بتأجير المسكن خلال الموسم الصيفي تبعا للمنشور الوزاري الصادر قبيل سنوات بهدف تنظيم هذه الصيغة، "إلا أننا سجلنا إقبالا محتشما على التعامل بهذه الصيغة من طرف الخواص، إذا لم نسجل موسم 2015 سوى التصريح ب 146 مسكنا بصيغة الإيواء لدى الساكن بالرغم من الحملات التحسيسية التي قمنا بها من قبل". ولفت المتحدث إلى أن إحجام المستأجرين عن الإفصاح على كراء مساكنهم للخواص في فترة الاصطياف، يعود "إلى خوفهم من الضرائب بالرغم من أن هذه الصيغة تخلوا تماما من دفع الضرائب. وهدفنا الوحيد من وراء حث الناس على التصريح باستئجار مساكنهم للخواص في فترة الصيف هو تنظيم هذه الصيغة، وإحصاء قدرات الإيواء بالولاية التي يتزايد عليها الإقبال السنة تلو الأخرى"، يضيف المسؤول، مبرزا إلى أن عملا تحسيسيا كبيرا مازال في انتظارهم من أجل الوصول إلى الهدف المنشود. وبالإضافة إلى الشريط الساحلي الكبير الذي يشكل مقصد العائلات من كل ولايات الجمهورية خلال موسم الاصطياف، فإن ولاية بومرداس تتوفر على عدة أماكن سياحية أخرى بالإمكان استغلالها للرقي بها سياحيا، ومنها المناطق الجبلية على غرار غابة أسواق ببلدية دلس، وكذا ميناء دلس المنتظر بعد إعادة تهيئته أن يكون مركز جذب سياحي، إلى جانب استغلال السدود ومنه سد الحميز والكحلة ببلدية الأربعطاش وسد بني عمران، وكلها مشاريع سياحية مقترحة وبقيت في الانتظار بالرغم من الوعود المقدمة في كل مرة من قبل مديرية السياحية بالولاية للرقي بالجانب السياحي بالولاية!