أعلن البنك الدولي عن إجراء مباحثات مع الجزائر نهاية الشهر الجاري، ستتمحور حول "آفاق الاقتصاد في ظل تراجع أسعار النفط". وستشمل المباحثات التحليل المتعلق باقتصاد الجزائر الذي نُشر نهاية جويلية الماضي في نشرية فصلية حول الاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي تضمّن تداعيات هبوط أسعار النفط على هذه الدول، لاسيما المصدّرة للنفط. وحسبما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية عن مصدر من البنك الدولي، فإن هذه المباحثات التي ستنظم عبر ندوة عن بعد ويشارك فيها رئيس الخبراء الاقتصاديين بالبنك العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شانتا ديفاراجان، ستجري على الأرجح في 29 أوت الجاري، وهي تندرج في إطار الأعمال التحليلية التي ينجزها البنك العالمي ويشاطرها مع الدول الأعضاء. للتذكير، فإن النشرية الفصلية التي نشرها البنك الدولي في 28 جويلية الماضي وسبق ل "المساء" أن تطرقت لها، أشارت إلى أن الموازنات المالية في البلدان المصدرة للنفط بمنطقة "مينا"، تحوَّلت من فائض قدره 128 مليار دولار عام 2013 إلى عجز قدره 264 مليار دولار عام 2016. وخسرت مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي 157 مليار دولار من العائدات النفطية العام الماضي. ومن المتوقع أن تخسر 100 مليار دولار أخرى هذا العام. وفي عام 2015، استنفدت السعودية 178 مليار دولار من الاحتياطي الأجنبي، تبعتها الجزائر ب 28 مليار دولار، والعراق ب 27 مليار دولار. وقال شانتا ديفاراجان كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي سينشط ندوة الجزائر، إنه "مع استمرار معدل أسعار النفط المنخفضة تقوم حكومات المنطقة بشدّ الحزام، وتطبيق بعض الإجراءات الجريئة التي من المتوقع أن تغيّر العقد الاجتماعي القديم؛ حيث تُقدِّم الدولة الدعم للوقود والمواد الغذائية، وخدمات الرعاية الصحية والتعليم المجانية والإعانات والوظائف في القطاع العام، إلى عقد جديد، تشجع فيه الدولة خلق الوظائف في القطاع الخاص، وتمكين المواطن كي يقوم باختياراته الاستهلاكية". وحسب الأرقام التي نشرها البنك الدولي حول الجزائر، فإن عجز الموازنة ارتفع من 1.4% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2013 إلى 15.7% من هذا الإجمالي في 2016. وهبطت الاحتياطيات الإجمالية من 194 مليار دولار في 2013 إلى ما يُقدَّر بنحو 108 ملايير دولار في 2016، متوقعا أن تهبط أكثر إلى 60 مليار دولار في 2018. وأدَّى تدهور معدلات التبادل التجاري للجزائر إلى انخفاض قيمة الدينار بنسبة 20 % منذ منتصف 2014 وارتفاع معدل التضخم إلى 4.8% في 2015. رغم ذلك فإن الاقتصاد الجزائري تمكن من الصمود إلى غاية الآن، حسب تقديرات خبراء دوليين، ومنهم رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى الجزائر جان فرانسوا دوفين، الذي صرح مؤخرا بأن الجزائر نجحت في امتصاص الصدمة المالية بفضل سياستها الاحترازية واحتياطي الصرف وكذا تراجع مستوى الديون، وهو ما جعله يؤكد أن الجزائر تملك فرصة فريدة من نوعها للانتقال نحو اقتصاد جديد، قائم على النمو المستدام والتقليص من تبعيتها للمحروقات، عبر وضع أسس اقتصاد متنوع، تملك الجزائر الإمكانيات والمؤهلات الطبيعية والبشرية لتحقيقه.