دعت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان بإزالة التجميد عن عقوبة الإعدام بالجزائر مادامت لاتنفذ واستبدالها بأحكام قضائية تتمثل في السجن لسنوات معينة والعمل على إزالة جناح المحكوم عليهم بالإعدام من السجون حيث يودع حاليا من يصدر في حقهم حكما بالإعدام في أجنحة خاصة بالسجون غير تلك المخصصة لباقي السجناء. طلب السيد رزاق بارة مناضل في اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، السلطات العليا في البلاد لإلغاء حكم الإعدام على السجناء الموجودين حاليا رهن الحبس واستبداله بعقوبات تتراوح ما بين 20 إلى 30 سنة، لأن أحكام الإعدام حاليا لا تنفذ منذ القرار الذي اتخذته الدولة في سنة 1993 إلا أن هؤلاء السجناء المحكوم عليهم بالإعدام والذين لم يعدموا لا يزالون يجهلون مصيرهم. كما أضاف المتحدث في تصريح للصحافة على هامش اليوم الدراسي حول "الأشخاص المحرومون من الحرية" الذي نظمته اللجنة أمس بفندق الجزائر. كما أن بعض القضاة لا يزالوا يصدرون أحكاما بالإعدام في بعض الحالات النادرة رغم أن هذه الأحكام لا تنفذ و لا يعدم أصحابها، مما يتطلب إعادة النظر في هذه العقوبة احتراما لحقوق الإنسان. وفي هذا السياق طلب المتحدث أيضا بإلغاء الأجنحة المخصصة لإيداع المحكوم عليهم بالإعدام في السجون الجزائرية باعتبار أن هؤلاء السجناء يودعون في أجنحة تختلف عن تلك المخصصة لباقي السجناء المحكوم عليهم بالسجن لمدة زمنية معينة. وللتوضيح فإن القانون يحكم بالإعدام على عشر أنواع من المخالفات تتمثل في الجرائم الكبرى. وفيما يخص عدد المساجين المحكوم عليهم بالإعدام والموجودين بالسجون الجزائرية كسجن الشلف، البرواقية، باتنة وغيرهم من دون تنفيذ هذه العقوبة في حقهم يختلف حيث قدره السيد فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان بالمئات في حين أكد السيد مختار فليون المدير العام لإدارة السجون بأن هذا العدد يقل عن 100 سجين محكوم عليه بالإعدام. وفي تصريح للصحافة أقر السيد فاروق قسنطيني، أن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية تمكن من تحقيق السلم الاجتماعي وأخرج البلاد من دائرة العنف التي عاشتها طيلة عشر سنوات، وذلك في رده على "بعض الأطراف التي تحاول أن تشوّه هذا المسعى وتقول أن سياسة المصالحة لم تنجح". كما ذكر الأستاذ قسنطيني أن اللجنة التي يترأسها وجهت عدة دعوات للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة دعتها فيها لزيارة الجزائر والاطلاع على وضعية السجون، إلا أن هذه الهيئة "لم تلب هذه الدعوات ظنا منها أن الديمقراطية غير موجودة ببلادنا". وهو ما استنكره المتحدث الذي اعتبر أن الجزائر تسير بخطوات ايجابية نحو الديمقراطية. من جهة أخرى ألح أعضاء اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان على أهمية تواصل العلاقة بين السجين المحكوم عليه نهائيا ومحاميه، وذلك من خلال السماح لهذا المحامي بزيارة موكله الذي صدر في حقه حكما نهائيا لأن السجين دائما بحاجة لمن يروي له أسراره ولمن يوجهه وأحيانا لا يستطيع البوح بها لأهله، كما تبقى زيارة المحامي للسجين مهمة لتوجيهه من الناحية القانونية وتحضيره لمرحلة ما بعد السجن بعد الإفراج عنه. علما أن القانون الساري المفعول حاليا يمنع المحامي من زيارة موكله بعد الحكم عليه نهائيا إلا في الحالات الاستثنائية وبرخصة من الجهات المعنية. ووجه المتدخلون في اليوم الدراسي من قضاة تطبيق العقوبات وغيرهم نداء لوزير العدل حافظ الأختام للتدخل من أجل حل مشكل شهادة السوابق العدلية التي تشير إلى كل الإدانات المتعلقة بالأشخاص والتي لا تزال تعرقل العديد من الذين لهم سوابق عدلية في الحصول على منصب عمل، رغم أن قانون 1972 ينص في مادتيه 3 و 4 أن صحيفة السوابق القضائية لا تشكل عائقا أمام توظيف الأشخاص الذين أدينوا بعقوبة لارتكابهم مخالفة معينة، غير أن العديد من المؤسسات ترفض توظيف الأشخاص الذين سبق وأن دخلوا السجن، وهو السياق الذي دعا من خلاله المشاركون في اللقاء، وزير العدل بإصدار وثيقة إدارية لا تكتب عليها هذه الإدانات عند طلب شهادة السوابق العدلية لاستعمالها من أجل الحصول على وظيفة فقط ما دامت المؤسسات ترفض توظيف من لهم سوابق عدلية وذلك من أجل السماح للسجين بعد انتهاء عقوبته من الاندماج في المجتمع ومسايرة سياسة الإصلاح التي يعرفها قطاع العدالة بتمكين السجناء من الحصول على عمل بعد تلقيهم تكوين أو حصولهم على شهادات الليسانس والبكالوريا بالسجن لإبعادهم نهائيا عن الرجوع للجريمة من جديد. من جهته أكد السيد مختار فليون المدير العام لإدارة السجون أن مصالحه تقدمت باقتراح للحكومة من أجل إعادة العمل بعقوبة المنفعة العامة والتي يقصد بها تجنيد السجناء المحكوم عليهم للعمل في إطار المنفعة العامة خلال فترة عقوبتهم. وفي هذا الصدد ذكر المتحدث بمشروع إنشاء 25 مؤسسة للبيئة المفتوحة معظمها بمنطقة الهضاب العليا لتشغيل السجناء في ميدان الاستصلاح الزراعي والأشغال التي لها علاقة بقطاع الفلاحة، حيث انطلقت أشغال الانجاز بهذه المؤسسات. وبالرغم من الايجابيات التي جاء بها القانون رقم 05 04 المؤرخ في 6 فيفري 2005 والخاص بالسجون "إلا أن هذا القانون يحتاج إلى مراجعة فيما يخص وضع السجين الموجود رهن الحبس الاحتياطي" والذي لا بد أن يستفيد من كامل حقوقه إلى غاية إثبات تهمته، حسبما أكده السيد زعلاني عضو باللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان لأن هذا السجين يمكن أن يكون بريئا من التهم التي وجهت إليه. ولم يستبعد السيد فليون المدير العام لإدارة السجون وجود مشكل الاكتظاظ بالسجون مشيرا أن البرنامج الجديد المتمثل في إنشاء 81 مؤسسة عقابية جديدة سيحل هذا المشكل نهائيا، حيث أن 63 مؤسسة من هذا البرنامج ستعوض المؤسسات العقابية القديمة التي لم تعد قادرة على استيعاب المساجين كسجن سركاجي وتلمسان وغيرهما والتي لم تعد تستجيب للمقاييس الواجب توفرها مع تخصيص 13 مؤسسة أخرى لمناطق الهضاب العليا والجنوب والتي من المنتظر أن تسلم في نهاية 2009 لتوفير19 ألف مكان جديد حدد المكان الخاص بكل سجين فيها ب 9 أمتار.