اعتبرت منظمة العفو الدولية «أمنيستي» أمس، وضعية المهاجرين غير الشرعيين في الجزائر والمقدر عددهم بحوالي 100 ألف شخص بأنها تبقى أقل صعوبة مقارنة بدول مثل المغرب وتونس ومصر، حيث يواجه المهاجرون صعوبات جمّة بسبب ارتفاع معدلات البطالة والظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها هذه الدول وتعقّد من ظروف إقامة النازحين. أكدت حسينة أوصديق، مديرة منظمة العفو الدولية بالجزائر، في ندوة صحفية عقدتها أمس، بمقر فرع المنظمة بالجزائر العاصمة، بمناسبة نشر «أمنيستي» تقريرا تحت عنوان «التصدي للأزمة العالمية للاجئين: من التملّص من المسؤولية إلى تقاسمها»، تضمّن تقييما شاملا للأزمة العالمية للاجئين، أن الدستور الجزائري يمنع في مادته 69 الطرد التعسفي للاجئين السياسيين، ولكنها انتقدت بالمقابل أنه لا يشير إلى الحق في طلب اللجوء ولا يعترف بحق الفرار من الاضطهاد. وهو ما جعل المنظمة الحقوقية الدولية تطالب السلطات الجزائرية بوضع تشريعات وطنية لتطبيق مضمون معاهدة 1951 المتعلقة بقانون اللجوء والبرتوكول المكمّل لها الصادر عام 1961. ووجهت في هذا السياق جملة من المطالب للسلطات الجزائرية من أجل توفير حماية أكثر للاجئين والمهاجرين الموجودين على أراضيها والمقدر عددهم وفق إحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بحوالي 90 ألف لاجئ صحراوي و7 آلاف لاجئ من بينهم 6768 سوريا إضافة إلى 100 ألف مهاجر غير شرعي غالبيتهم يأتون من منطقة الساحل الإفريقي. وعرفت النّدوة الصحفية عرض شريط مصور تضمّن شهادات بعض المهاجرين القادمين من دول الساحل وحتى من إفريقيا الوسطى، تراوحت بين شهادات لمهاجرين أكدوا أنهم يشعرون بالأمان في الجزائر، وأنهم لا يتعرضون لأية مضايقات وأخرى كشفت عن تعرضها للعنف على يد السكان وأبدت استياءها لعدم تدخل أجهزة الأمن لحمايتها. وهو ما جعل الناشطة الحقوقية والصحفية ليلى براتو، التي تعمل منذ سنتين على وضعية المهاجرين في الجزائر إلى التأكيد على ضرورة تجند الجميع من مجتمع مدني وناشطين من أجل تحسيس وتوعية المواطنين بضرورة مساعدة هؤلاء المهاجرين الذين أرغمتهم ظروف الحياة المزرية على الفرار من بلدانهم سواء حفاظا على أرواحهم أو محاولة منهم للبحث عن حياة أفضل لم تتوفر في مواطنهم الأصلية التي تعاني الفقر والحروب الأهلية والأزمات السياسية وغيرها من المشاكل. أما على المستوى الدولي فقد حمّلت منظمة العفو الدولية في تقييمها الشامل الذي نشرته أمس، حول أزمة اللاجئين الدول الغنية مسؤولية تفاقم هذه الأزمة التي تعد الأسوء من نوعها منذ الحرب العالمية الثانية. وانتقدت بشدة تحمل عشر دول فقط عبء استيعاب 56 ٪ من إجمالي اللاجئين في العالم المقدر عددهم ب21 مليون شخص ويمثلون 0,3 ٪ من سكان العالم رغم آن نصيب هذه الدول من إجمالي الناتج المحلي العالمي لا يتعدى 2,5 ٪ معتبرة أن أنانية الدول الغنية زادت في تفاقم الأزمة بدل احتوائها. وبينما أكدت مسؤولة المنظمة بالجزائر على الحاجة الماسة ل15 مليار دولار لاحتواء الأزمة، قدمت أرقاما مأساوية لخصت معاناة اللاجئين، حيث وصل أكثر من مليون شخص العام الماضي إلى السواحل الأوروبية، 4 آلاف شخص منهم هلكوا غرقا في أعماق البحار، بينما لقي أكثر من 3500 آخرين مصرعهم خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري. هو ما دفع بالمنظمة الحقوقية إلى مطالبة كل دول العالم بقبول بنسبة متوازنة لتقاسم هذا العبء تعتمد على شروط موضوعية تأخذ بعين الاعتبار إمكانيات الدول المستقبلة، ودعت إلى آلية جديدة لإعادة توطين النازحين وآلية جديدة تتعلق بعمليات التحويل في الحالات الحساسة مثل الصراع السوري. وأطلقت حملة تحت اسم «مرحبا» بداية من شهر ديسمبر 2016، تدوم عاما كاملا من أجل تحسيس الحكومات ومختلف المنظمات بإعادة توطين اللاجئين وتوفير أحسن استقبال لهم وتمكينهم من ممارسة حقوقهم الأساسية التي تنص عليها القوانين الدولية، إضافة إلى تقديم مساعدات مالية مستمرة للدول التي تتحمّل العبء الأكبر كالأردن وتركيا ولبنان.