وقّعت الجزائر والصين اتفاقا إطارا يقضي بتعزيز القدرات الانتاجية للمشاريع المشتركة، وهو ماسيسمح برفع مستوى الاستثمارات الصينية المباشرة بالجزائر، التي تقدر حاليا ب2.5 مليار دولار. ويتفاوض البلدان على إمكانية تمويل المبادلات والاستثمارات بينهما بالعملة الصينية اليوان بدل الدولار، لاسيما بعد أن انضم اليوان إلى سلة العملات لصندوق النقد الدولي. وتم توقيع الاتفاق أمس بمقر وزارة الصناعة والمناجم بين الوزير عبد السلام بوشوارب ونائب وزير التجارة الصيني كيان كيمينغ، حيث أكد الجانبان على أهمية هذه الخطوة في مسار تعميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، لاسيما بعد التطور النوعي الذي شهدته في السنوات الأخيرة. وشدد السيد بوشوارب في كلمة ألقاها بالمناسبة على أن الاتفاق الموقع سيمكن من الانتقال من المبادلات التجارية إلى "ديناميكية الاستثمار"، لذا اعتبره "حدثا هاما" في مسار هيكلة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ولأنه يضع الاطار التنفيذي للشراكة في مجالات مختلفة ويسمح بإنشاء "شركات قوية تخدم مصلحة البلدين وتضفي إلى تجسيد استثمارات مشتركة في مجالات واعدة". وأوضح أن الاتفاق سيعمل على "تحفيز التنفيذ المشترك لعصرنة القدرات الانتاجية وترقيتها وتمكين المؤسسات من الحصول على التكنولوجيات" وكذا من أجل تحسين قدرات المؤسسات لاسيما تلك الموجهة لتجسيد المصالح المتبادلة. وحسب وزير الصناعة والمناجم، فإن المجالات المعنية بهذا الاتفاق هي: الصناعات التحويلية والصناعة الميكانيكية والسكك الحديدية والحديد والصلب والبنى التحتية والطاقات المتجددة والبتروكيمياء والهندسة وتحويل المواد المنجمية وكذا الصناعات الكهرومنزلية والبناء، دون إغفال مجال البترول والغاز. ويتم هذا التعاون عبر "الاستثمار وتجارة المعدات والتعاون التقني". ولم يستبعد الوزير في رده على أسئلة الصحفيين اللجوء إلى تمويل بعض هذه المشاريع من طرف الصينيين، مشيرا إلى أن الأمور ستتوضح بعد تحديد المشاريع المعنية بالاتفاق، وهي العملية التي ستتكفل بها لجنة مشتركة سيتم تشكيلها لهذا الغرض، لكنه أوضح أن الأمر لايتعلق ب«استدانة خارجية" وإنما "تمويل مسبق" على أساس مردودية المشاريع المقترحة. من جانبه، أكد الوزير الصيني المنتدب للتجارة، أن إجمالي الاستثمارات المباشرة لبلده في الجزائر بلغت 2.5 مليار دولار، وأن الاتفاق الموقع بالأمس سيؤدي إلى رفع حجمها مستقبلا. وإذ تحدث عن ضغوط تعيشها بلدان العالم في الوقت الراهن بسبب الأوضاع الاقتصادية، فإنه أكد على التكامل بين اقتصادي الجزائر والصين، الأولى لأنها تسعى لتحقيق التنمية الاقتصادية وتطوير الصناعة والثانية لأنها تريد تحويل هيكلتها الاقتصادية التي كانت تعتمد أكثر على التصدير وتطوير الاستثمارات الخارجية. وبخصوص التشاور حول تمويل المبادلات بين البلدين باليوان، قال المسؤول الصيني خلال الندوة الصحفية التي أعقبت حفل توقيع الاتفاق، أن مندوبا من مؤسسات مالية صينية يوجد ضمن الوفد الذي يرأسه، وأنه هو شخصيا سيتباحث مع وزير المالية حاجي بابا عمي بخصوص هذه المسألة التي مازالت في طور المفاوضات. واعتبر أن الجانب الصيني يثق في الجزائر بما يسمح بالذهاب نحو هذا الإجراء، لاسيما بالنظر إلى إداراتها لاحتياطها من العملة الصعبة الذي وصفه ب«الأفضل" مقارنة بعدد من البلدان الإفريقية التي زارها. وقال في هذا الصدد "الجزائر تجيد إدارة عملاتها الأجنبية وهي أفضل الدول الإفريقية التي زرتها في هذا المجال، كما أن احتياطها يبلغ 130 مليار دولار، لذا يمكننا التشاور حول تبادل العملات الوطنية دون الاعتماد على الدولار، وسألتقي مساء بوزير المالية لنطرح هذه المسألة". في هذا السياق، ذكر السيد بوشوارب أن الجزائر لم تنتظر انضمام اليوان إلى سلة عملات صندوق النقد الدولي، وإنها اتخذت قرارا بالتعامل مع المؤسسات الصينية باليوان مباشرة بعد زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال للصين في أفريل 2015، لاسيما ما تعلق بالاستثمارات الاقتصادية الكبرى. كما كشف السيد بوشوارب عن وجود مشروعين صينيين في مجال الصناعة الميكانيكية قيد الانجاز بغرب البلاد، الأول يخص تركيب شاحنات خفيفة، والثاني تركيب شاحنات وحافلات، مذكرا أن 10 مشاريع في الصناعات الميكانيكية بالشراكة مع عدة دول سيتم الشروع في إنجازها من هنا إلى نهاية السنة.