التقت «المساء» الدكتورة جوهر مودر رئيسة الملتقى الدولي حول «التعليم عن بعد، بين النظرية والتطبيق، التجربة الجزائرية نموذجا»، الذي جرت فعالياته مؤخرا بجامعة تيزي وزو، وأجرت معها هذه الدردشة. ❊ ترأستِ الملتقى الدولي حول «التعليم عن بعد، بين النظرية والتطبيق، التجربة الجزائرية أنموذجا»، هل تُعد أول تجربة لك؟ ❊❊ لا، كنت ضمن اللجنة العلمية لأوّل ملتقى نظّمه مخبر الممارسات اللغوية بالجزائر. كما ترأست ملتقى آخر للمخبر حول «المستندات التربوية وتطبيق الكفاءات»، علاوة على تنظيمي أياما دراسية مع الطلبة، وعددها أربعة. ❊ بحكم تخصصكِ في علوم اللغة وبالضبط في المعاجم التعليمية، كيف تقيّمين واقع المعاجم في الجزائر؟ ❊❊ الحديث عن المعالم التعليمية في الجزائر حديث ذو شجون، ليس فقط في الجزائر وإنّما حتى في الدول العربية، لأنّه لم يحظ بالاهتمام الكافي رغم أهميته التعليمية بالنسبة للأطفال، وخاصة غير المتعلّمين باللغة العربية كحال أولادنا في ولاية تيزي وزو. ❊ هل توافقين الرأي القائل بضرورة تأليف معجم خاص بكلّ منطقة، أم أنّك مع إنشاء معجم عام؟ ❊❊ أقول إنّ الشقّ المتعلّق بالمعجم الخاص بالمتعلّم، يجب أن يساير الكتاب المدرسي، لأنّه حينما يلتحق الطفل بالمدرسة يحتاج إلى رصيد لغوي كاف، ليعبّر عن احتياجاته، لأنّ الكتاب المدرسي لا يستطيع أن يلبي كلّ احتياجات الطفل، ولهذا فهو بحاجة إلى وسيلة مساعدة، وهكذا لا بدّ أن يُرفق الكتاب المدرسي بمعجم مثلما هو معمول به في الدول الغربية، أعطي لك مثلا، كلّنا التحقنا بالمدرسة، وكلّنا نلبس «تريكو» و«حذاء»، ولكننا نستعمل لفظة واحدة لنعبّر عن أشياء أو عن مجموعة من اللباس رغم اختلافه، وهو دليل على نقص في المفردات، بيد أنّ هذه الأخيرة بحاجة إلى أن تدخل في معجم الطفل لكي يثري رصيده اللغوي. ❊ ألن يكون ذلك على حساب اللغة العربية؟ ❊❊ لا بدّ أن يكون ذلك باللغة العربية، أنا أتكلّم عن المعاجم التي تواكب الكتاب المدرسي أو تكمل نقائصه، أعطيت مثلا عن «تريكو»، لأنّه ليست هناك كلمة تدلّ عنه في المعجم. وقد بحثت عن الكلمة التي ترادفه في اللغة العربية، وهي سريدة ولم أجدها، أي أنّ هذه الكلمة لم تدخل في المعاجم، مما أعتبره نقصا؛ لأنّه في الأصل حينما يجد الطفل شيئا جديدا في واقعه، يعود إلى المعاجم ليبحث عن اسمه، ولكن في حال عدم تعرّفه على الاسم في المعجم يخلق فراغا، ويضطر هذا الطفل للتعبير عن هذه الكلمة باستعمال لغة أخرى، إذن عدم وجود معاجم تكمّل الرصيد اللغوي للكتاب المدرسي يؤثّر على اللغة العربية، ويجعلها فقيرة على لسان الطفل، مما يدفعه إلى التعبير عنها بكلمة أجنبية أو محلية. ❊ لكن الكثير من الأشياء من صنع أجنبي، وبالتالي تفتقد إلى تسميات عربية، كيف نعالج الأمر؟ ❊❊ مشكلة المصطلح مشكلة مطروحة، ولكن ليس على واضع المعاجم أن يقوم بها، بل تتكفّل بها جهة معيّنة، وهو عمل مشترك يقوم به مكتب تنسيق التعريب، والذي يقوم بالتنسيق على مستوى الكثير من المؤسّسات التي تشتغل على المصطلح، مثل مجمع اللغة العربية في القاهرة، ومجمع اللغة العربية في الجزائر وكذا مجامع أخرى في دمشقوالقاهرة، ومن ثم تقترح مصطلحا موحّدا، لكن نحن كأفراد وكمؤسسة جامعية، بإمكاننا أن نضع معاجم، ولدينا هذا المشروع ولكن نظرا لقلة الإمكانيات توقف ولم نستطع إنجازه. ❊ بماذا يهتم مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر الكائن بجامعة تيزي وزو؟ ❊❊ مخبر الممارسات اللغوية في تيزي وزو، مثلما تدلّ تسميته، يهتم بالتعدّد اللغوي في الجزائر، اللغة العربية، اللغة الأمازيغية، اللغة الفرنسية وأيضا الإنجليزية، ويحاول أن يهتم بلسان كلّ المتكلّمين، لكن لا يكون هذا على حساب اللغة العربية، بل خدمة لها. ❊ ألا تعتقدين أنّ اختيار رئيس المخبر الدكتور صالح بلعيد، رئيسا للمجلس الأعلى للغة العربية، دليل على مكانة اللغة العربية المميّزة بتيزي وزو؟ ❊❊ نعم لها مكانتها، فهي، بالطبع، اللغة الرسمية، لكنّني أريد أن أوضّح أنّنا في تيزي وزو نتعلّم اللغة العربية في المدرسة وليس في المحيط، وحينما التحقت بالمدرسة لم أكن أعرف شيئا عن اللغة العربية اللهم إلا بعض الكلمات الدخيلة على اللغة الأمازيغية، مثل «صفاح الخير»، وبالتالي نكتسب الفصاحة من المدرسة، ويقال إنني أتقنها. ❊ ماذا عن مؤلّفات الدكتورة جوهر مودر؟ ❊❊ لدينا مؤلّفات جماعية في إطار المشاريع التي أنجزناها على مستوى مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر، أولها حول الاستعمال اللغوي المعاصر في المجتمع الجزائري، وثانيها يتمثّل في بحث حول تقييم المستندات التربوية في مختلف الأطوار التعليمية، وآخرها محاولة حول الإثراء اللغوي للمعجم التاريخي.