أكدت الحرفية زوينة تلمون، من قرية آث خير، ببلدية آيت خليلي في ولاية تيزي وزو، في حديثها ل«المساء»، على ضرورة العمل من أجل الحفاظ وحماية الحرف التقليدية من الزوال، من خلال تشجيع صناعها عبر الإكثار من فضاءات عرض منتجاتهم من جهة، وخلق أماكن لتسويق المنتوج، مؤكدة على أن الكثير من الحرف أهملت، مما يستوجب إعادة بعثها من جديد، مما يتطلب مرافقة أصحابها ودعمهم للحفاظ عليها كونها إرثا وجزءا هاما من الهوية والثقافة الجزائرية. وأضافت الحرفية أنها تعلمت صناعة الفخار في العشرين من عمرها، على يد والدة زوجها، ومنذ ذلك الحين وهي حريصة على أن تطور هذه الحرفة من خلال إبداع أغراض جديدة، مع الإبقاء على الطريقة التقليدية في الصنع وكذا التزيين حتى تبقي الصفة أو ميزة فخار آث خير، عن باقي الفخار المصنوع ببلديات الولاية، مشيرة إلى أنها اكتسبت مهارة تحويل الطين إلى إبداعات فنية جميلة على مر السنين، لتكون لديها خبرة عمرها 30 سنة، جعلت منها ليس فقط صانعة الفخار لكن أيضا معلمة لفتيات من القرية اللواتي يرغبن في تعلم الحرفة وكيفية التعامل مع الطين، حتى يمكن تحويله من كتلة ترابية إلى أغراض تستعمل يوميا. ذكرت الحرفية أن صناعة الفخار حرفة صعبة، تتطلب صبرا كبيرا وحب المهنة، منوهة إلى أن سكان آث خير يمتازون بهذه الصفات على اعتبار أنهم ولدوا وتربوا في بيئة معروفة بصناعة الفخار التقليدي، وهو ما كان وراء تميزهم عن باقي صانعي الفخار الذين حرصوا حرصا شديدا على حماية والحفاظ على هذه الصناعة التي تعتبر من جهة أثر وكنز الأجداد، ومن جهة أخرى تعد جزءا من الحياة اليومية ومصدر رزق العديد من العائلات، منوهة بأن بفضل هذه الحرفة استطاعت أن تؤمن حياة كريمة لعائلتها، حيث استجابت لطلباتهم بفضل ما تذره من مال جراء بيع ما تصنع من أواني الطبخ والزينة التي تبدعها بفضل ممارستها لصناعة الفخار. وأضافت الحرفية أنه وعلى خلاف مناطق أخرى من الولاية التي تعرف بصناعة الفخار، فإن آث خير تمتاز بفخارها التقليدي الجميل الذي يستطيع أي عارف في المجال التمييز بينه وبين فخار آخر، يبرز من حيث الشكل وطريقة صناعته التي تتطلب عناية واهتماما كبيرين، يبدأ في المرحلة الأولى بالبحث عن المادة الأولية الصالحة التي يتولى الرجال من أبناء قرية آث خير البحث عنها في أماكن معروفة. وتواصل الحرفية قائلة: «بعد الحصول على المادة الأولية التي تكون على شكل كتل ترابية صلبة، يتم تفتيتها بواسطة قطعة خشبية إلى أن تتحول إلى فتات، ليضاف إليه القليل من التراب، ثم يغربل حتى يتم بعدها الحصول على الطين المطلوب، ليضاف إليه الماء، ثم يعجن ويحول إلى أغراض مختلفة وأوان، ثم تأتي طهي الفخار بوضع كومة من أغصان الأشجار، ومختلف الأغراض والأواني الفخارية حتى تزداد متانة وصلابة، وبعدها كومة أخرى من الأغصان، ليتم بعدها إضرام النار، وبعدما يصبح لونه أحمر يتم إبعاد الرماد، مع تسهيل دخول الهواء حتى تنطفئ النار، وفي حال وجود أغراض ذات لون أسود، فهذا يدل على أنها بحاجة أكثر للحرق، ليتم إعادتها مرة أخرى إلى النار. وبعدها تشرع الحرفية في عملية التزيين التي ترتكز على ألوان مستوحاة من الطبيعة، تجعل فخار آث خير يبقي على نمطه التقليدي، حيث يتم الاستعانة بالصنصال وبوسبو، وهي أحجار تطلق لونا عندما توضع في الماء، ليتم بواسطة قطعة قماش وضع تلك الألوان على الأواني وأشكال مختلفة. وقالت الحرفية في هذا الصدد بأن الأشكال والرموز التي توضع تكون بمثابة رسائل توجهها الزوجة لزوجها أو البنت لأمها، حيث كان في الماضي من العيب أن ترد البنت على أبيها إن وبخها أو صرخ في وجهها أو الزوجة على زوجها، وكانت صناعة الفخار الطريقة المناسبة للتعبير عما يختلج صدرهما بالتصريح عن أحاسيس ومشاعر بالرسوم التي توضع على الفخار، كما يتم الاستعانة بنباتات من الطبيعة، ليتم وبعد عصرها الحصول على لون مثلا «راقاغ» و«ارثاي»، إلى جانب الاستعانة بتراب لونه أسود أو أحمر يتم حله في الماء ليستعمل بعدها في الزينة، مؤكدة على أن فخار آث خير يعتبر طبيعيا 100 بالمائة من بداية عملية صناعته إلى غاية جاهزيته، مما جعله أكثر طلبا وحفز السكان على تنظم أول عيد لفخار آث خير، لأنه مصدر رزق العائلات بهذه المنطقة. وأضافت السيدة تلمون قائلة: «تميل النساء إلى صناعة الفخار لأن أوانيه مطلوبة بكثرة، مثل «تسيلت» التي يتم وضع الماء بها، (تسيلت وهو القدر)، «تشبيليث» التي يحفظ بها زيت الزيتون، «تاسقومت» التي يحفظ بها الماء، الجفنة، الطجين وغيرها من الأواني التي تصنعها أنامل نساء آث خير.