لا يتوقف المسؤولون المحليون وحتى الوزراء الذين يقصدون الولاية عن التصريح وتأكيد عزم الدولة على جعل ولاية معسكر «كاليفورنيا الجزائر»، وهذا عن طريق دعم الاستثمار في قطاعات الفلاحة والسياحة لكن الواقع غير ذلك، حيث أنّ أغلب المشاريع الاستثمارية منحصرة في قطاعات نقل المسافرين والبضائع والصناعة والبناء. تشير الأرقام التي تحوز عليها «المساء» أنه من مجموع 596 مشروعا استثماريا قيد التجسيد بولاية معسكر، يوجد 193 مشروعا في قطاع النقل (32.44 %) و183 مشروعا في قطاع الصناعة (30.59 %) و160 مشروعا في قطاع البناء (26.89 %)، فيما لا يتعدى مجموع المشاريع الاستثمارية في قطاع الفلاحة 12 مشروعا أي بنسبة 2.02 % من مجموع المشاريع المسجلة و9 مشاريع فقط في قطاع السياحة بنسبة قدرها 1.51%، حتى المشاريع التي تخصّ قطاع الصحة لا يتعدى عددها العشرة (1.68% ). أمام هذا التناقض في تدعيم المشاريع التي لا علاقة لها بطبيعة المنطقة، لا تزال العديد من الأطراف تدعو إلى العمل بتعليمة وزير الداخلية والجماعات المحلية رقم 144 المؤرخة في 13 / 09 / 2015 المتعلقة بإنعاش الاستثمار، حيث يحثّ من خلالها جميع المسؤولين المحليين على العمل بحزم وديناميكية من أجل جلب استثمارات اقتصادية «تتلاءم مع طابع وخصوصيات كلّ منطقة وإلزامية تطوير وتثمين المكوّنات الطبيعية والبشرية والمالية التي تزخر بها الولاية»، ولعلّ الاهتمام بالنشاطات الأخرى كالزراعة والسياحة طبقا لتوجيهات الدولة بولاية معسكر، كفيل بتحقيق وعود الدولة بتحويل معسكر إلى كاليفورنيا الجزائر. من جهتها، رغم كونها من العوامل الأساسية لتشجيع وترقية الاستثمار ودفع عجلة التنمية وتوفير فرص العمل، إلاّ أنّه لا تزال العديد من المناطق الصناعية (معسكر بمساحة قدرها 165 هكتارا، سيق بمساحة قدرها 130 هكتارا والمحمدية بمساحة قدرها 86 هكتارا) ومناطق النشاطات الثلاث عشرة (13) المنتشرة عبر إحدى عشر (11) بلدية بولاية معسكر، لم ترق إلى الطموحات والآفاق المنتظرة منها، حيث لم تعد تواكب التطوّرات الاقتصادية السريعة الراهنة التي تمر بها البلاد. عدد من مناطق النشاطات يشتكي المستثمرون بها من غياب الطاقة كالكهرباء والغاز والتهيئة الحضرية من طرق ناهيك عن انعدام الإنارة بسيق، تيغنيف، عقاز، هاشم، سيدي قادة، سيدي عبد المومن، وادي تاغية ووادي الأبطال وشبكة المياه الصالحة للشرب بسيق وشبكة الصرف الصحي بمنطقتي النشاطات لبلديتي سيق وعقاز. وما يثير الانتباه بالمناطق الصناعية ومناطق النشاطات أنّ العديد من المستفيدين من الأوعية العقارية سواء لم ينجزوا المشاريع التي أعلنوا عليها أو بادروا بكراء أو بيع العقارات بعد الانتهاء من أشغال إنجازها حسب ما أكّدته مصادر رسمية من الولاية فيما لم يتأخر آخرون في تحويل الأوعية العقارية إلى سكنات بدل عقارات استثمارية. مصادر من المجلس الشعبي الولائي لم تتوان في التصريح بخصوص دور مصالح البناء والتعمير في مساعدة المستثمرين في إتمام الترتيبات المرتبطة بالحصول على رخص البناء والرخص الأخرى التي تعد من الوثائق الهامة لاستكمال الملف، أنّ مدة تسليم هذه الوثائق لأصحابها تفوق أحيانا 7 أشهر وهو حسب نفس المصادر ما يتنافى مع التسهيلات والتحفيزات المقدمة لجلب المستثمرين وتذليل كل العراقيل والصعوبات. كما كشفت نفس المصادر عن تساؤل المستثمرين حول مصير المبالغ المالية التي خصصتها الدولة لتهيئة 13 منطقة نشاطات، وهي العمليات التي لم تر النور بعد بالرغم من أنّ بعض المستثمرين قد استفادوا من قطع أراضي في هذه المناطق غير المهيأة وهم ملزمون باحترام آجال الإنجاز. وحول هذه القضية تمت المطالبة في الكثير من المناسبات بضرورة الإسراع في عمليات التهيئة وإعادة التأهيل للمناطق الصناعية ومناطق النشاطات، والشروع في إلغاء قرارات الاستفادة من قطع الأراضي بالنسبة للمستثمرين غير الجادين والتشهير بهم وهذا بعد إنشاء لجنة مشتركة لمتابعة ملف الاستثمار والوقوف على مشاكل المستثمرين ومعالجتها للمساهمة في تشجيع الاستثمار واستقطاب آخرين.