ننشر اليوم الجزء الثاني والأخير من الملف الشامل الذي أنجزه صحافيو ومراسلو «المساء» حول مخلفات الأحوال الجوية من ثلوج وفيضانات، في أكثر من 20 ولاية (من ولايات الوسط والغرب والشرق). الملف الذي نشرنا الجزء الأول منه أمس الأول الخميس، تبرز فيه جريدة «المساء» إلى جانب الخسائر ومخلفات هذه التقلبات الجوية، الهبّة التضامنية الواسعة للجزائريين في عمليات التدخل والإسعافات والتكافل المجتمعي التلقائي الواسع، بشكل يشبه «الملحمة»، وهو العنوان الذي اختارته في نشر هذا الملف. الصحافيون والمراسلون تابعوا ميدانيا تدخلات الجيش والدرك والأمن والحماية المدنية، ومختلف البلديات التي شهدت هذه الظروف المناخية الصعبة إلى جانب المواطنين والجمعيات الخيرية ومختلف المصالح الإدارية للولايات على مختلف المستويات وفي مختلف المناطق، في ظروف صعبة للغاية تكاد تكون أحيانا مستحيلة، وهذا من خلال التكفل وإسعاف المتضررين وإيوائهم وإطعامهم وتطبيبهم، أو من خلال فتح الطرق والمسالك وفك الحصار عن القرى والأرياف التي حاصرتها الثلوج والأودية «الغاضبة»، التي جرفت العديد من الأكواخ والسكنات والحيوانات والمزارع، وأسقطت أقبية وسقوفا، واقتلعت الأشجار والأعمدة الكهربائية. وللأسف، هي الأحوال الجوية التي خلّفت 7 ضحايا، حسبما صرح به وزير الداخلية. ثمة اعتراف شعبي من الرأي العام، بأن تدخلات الحكومة من خلال مختلف أعوانها ومصالحها، قدّمت تضحيات جسيمة وعملا تضامنيا وتكافليا جبارا في مواجهة مخلفات الثلوج والفياضانات، التي تسببت في العديد من النكبات والطوارئ والأزمات. لقد حصل الاعتراف بأن ما قامت به مختلف المصالح والمواطنون، هو عمل غير مسبوق في مثل هذه الظروف المناخية. الشلف ...تعليمات للتكفل وإحصاء العائلات المتضررة وحصر الخسائر أمام الاضطرابات الجوية التي تشهدها مختلف ولايات الوطن، ومنها الشلف، قام والي ولاية الشلف فوزي بن حسين بتفقد المناطق المتضررة جراء سوء الأحوال الجوية في العديد من مناطق وبلديات الولاية، على غرار سنجاس، تلعصة سيدي عكاشة، تنس وأولاد بن عبد القادر والعديد من الأحياء التي غمرتها مياه الأمطار المتهاطلة طيلة الأيام الأخيرة. ❊م.عبدالكريم وحسب مصادرنا، أعطى المسؤول الأول عن الولاية عدة تعليمات من أجل التكفل بالمواطنين المتضررين، مع إحصاء العائلات المتضررة من أجل ترحيلها إلى سكنات لائقة، وحصر الخسائر المسجلة خاصة بالمنشآت الفنية، بتدخل مديرية الأشغال العمومية. وشهدت منطقة كريملة بعاصمة الولاية ارتفاع منسوب مياه وادي الشلف، مما أدى إلى تدخل مصالح الحماية المدنية لنقل 16 عائلة متضررة نحو بيت الشباب بحي الزبوج، ريثما تجد السلطات الولائية حلا من أجل التكفل بها. وبحي شريفي قدور طالب السكان السلطات المحلية بالتدخل قصد التكفل بهم بعد أن غمرت مياه وادي تسيغاوت منازلهم، وعددها 5 عائلات، جراء الأتربة المتراكمة على ضفاف الوادي التي غيرت مجرى مياهه. كما جرفت مياه وادي تسيغاوت الجسر الصغير الذي يربط بين منطقة المساة بحي بوسيار بحي الآمال، حيث حرم أبناء المنطقة من التوجه إلى المدارس، إلى جانب عزل العديد من المناطق والتجمعات السكنية التي غمرتها مياه الأمطار. جهود مضنية وتدخلات لمصالح الحماية المدنية سجلت مصالح الحماية المدنية لولاية الشلف العديد من التدخلات جراء سوء التقلبات الجوية، حيث سخرت كل أعوانها وفرقها من أجل التكفل بالمواطنين والعائلات المتضررة. وفي نفس السياق علمت «المساء» أن نفس المصالح أحصت خلال الساعات الأخيرة الماضية حوالي 92 من الحوادث التي أدت إلى العديد من التدخلات وخلفت بعض الخسائر المادية وإصابة 4 أشخاص بصدمات، ولعل أهم هذه التدخلات سجلت في بلديات الشلف، بوقادير، سيدي عكاشة، بوزغاية، تاوقريت، سنجاس، أولاد بن عبدالقادر، وادي الفضة، تنس، وادي سلي، الزبوجة وعين امران. وتمثلت في امتصاص مياه الأمطار المتهاطلة بالعديد من التجمعات السكنية، انهيار جدار مسكن بمنطقة بوخندق ببلدية سيدي عكاشة، مع إنقاذ شخصين ببلدية بوزغاية، كما سجلت المصالح سقوط صخور بمنطقة بوعسال ببلدية سنجاس، إلى جانب نفوق حوالي 9 آلاف دجاجة بكل من حي بوطيبة بالحمادية بلدية الشلف، بقعة المعامرية ببلدية وادي سلي وبقعة سراج بأولاد بن عبدالقادر. وتم ترحيل 16 عائلة من حي كرميلة إلى بيت الشباب في الولاية، وعائلة أخرى بحي بوحلو بسيدي عكاشة، وأخرى بوادي علالة بنفس البلدية، مع إبعاد 4 عائلات بحي الحمادية في الشلف. تبقى جهود هذه المصالح متواصلة وفي أتم الاستعداد لكل التدخلات جراء التقلبات الجوية التي تشهدها مختلف ولايات الوطن. جهود كبيرة لمصالح الدرك الوطني لتسهيل الحركة سجلت مصالح المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بالشلف، العديد من التدخلات بسبب الأحوال الجوية السائدة في المنطقة سواء على مستوى الطرق الوطنية أو البلدية، حيث علمت «المساء» أنه تم تسجيل ارتفاع قليل لمنسوب مياه الأمطار ببلدية وادي الفضة، وبالضبط في حي البرتقال على مستوى الطريق الوطني رقم 04، حيث شهدت عرقلة قليلة لحركة المرور. وببلدية بني حواء تم تسجيل على مستوى الطريق الرابط بين بريرة ودوار بني عقيل إنجراف للتربة، حيث تمت إزاحة التربة من طرف مصالح البلدية والأشغال العمومية وفتح الطريق الولائي رقم 101. وببقعة بوحمادي ببلدية تاجنة، أغلق الطريق بسبب تهاطل الأمطار، إلى جانب الطريق الترابي ببلدية سنجاس ودوار أولاد سيدي الشيخ الذي شهد انجراف التربة، وتبقى جهود مصالح الدرك الوطني بالشلف متواصلة عبر كل البلديات والمناطق ومجندة لكل التدخلات جراء التقلبات الجوية، من أجل تسهيل حركة المرور وتقديم مساعدات للسائقين. جمعية «ناس الخير» حاضرة قامت جمعية «ناس الخير» بالشلف، في إطار جهودها لمساعدة المواطنين، خاصة في الظروف المناخية الصعبة، بمبادرة خيرية تمثلت في خرجة تضامنية مع العائلات المتضرة، حيث قامت بتقديم أغطية وأفرشة للعائلات التي تم ترحيلها من طرف السلطات المحلية إلى مقر بيت الشباب، بعد أن حاصرتهم مياه وادي الشلف بحي كرميلة، كما قدمت لهم وجبات غذائية. وحسب القائمين على هذه الجمعية، فإنها على أتم الاستعداد من أجل التدخل وتقديم يد المساعدة لكل العائلات المتضررة جراء سوء الأحوال الجوية بمختلف مناطق وبلديات الولاية. ❊م.عبدالكريم عنابة تنجح في التكفل بالمتضررين سخرت السلطات المحلية بعنابة منذ يومين، تجهيزات وعتادا خاصا بامتصاص مياه الأمطار، إلى جانب توفير 20 شاحنة وكاسحات ثلوج لتدعيم مناطق سرايدي وقراها بهذه الآلات تحسبا للتقلبات الجوية القادمة، خاصة أن الثلوج عزلت جبال الإيدوغ وقرى عين بربر والرومانات لأكثر من أسبوع. وهو ما جعل قوات الجيش الوطني الشعبي تتدخل لاحتواء الوضع. من جهتها، نجحت مصالح الأمن وعناصر الجيش في فتح الطرق الجبلية، مع تحويل المؤونة وقارورات غاز البوتان إلى القرى المهجورة والموزعة على مستوى شطايبي التريعات وسرايدي، حيث قدمت الجهات الأمنية يد العون، مع تعزيز المساعدات بالتنسيق مع مصالح الحماية المدنية، حيث التي تمكنت في وقت قصير من إنقاذ عدة عائلات حاصرتها الثلوج، وتم تحويلها على سرايدي مركز مع تقديم الاسعافات الأولية لها. من جهتها، سجلت مصالح الدرك الوطني 100 تدخل خلال الأيام الأخيرة، بعد غرق عنابة في مياه طوفانية، حيث تم تسهيل حركة المرور وفتح 6 طرق ولائية، مع العمل على توسيع نشاطها الذي امتد إلى مخرج بن عزوز بسكيكدة، أين تم فتح الطريق الوطني رقم 44 الرابط بين عنابة، قسنطينة وسكيكدة، مع تقديم المساعدة للسائقين وتخفيف الضغط على المنطقة. وخلال حصيلة قدمتها مصالح الحماية المدنية خلال التقلبات الجوية الأخيرة، تم إنقاذ ما يقارب 22 شخصا من الموت المحقق، فيما توفي شخصان بسبب تسرب ثاني غاز أكسيد الكربون، والرقم في ارتفاع خاصة مع انخفاض درجة الحرارة، وعليه برمجت خرجات ميدانية لتحسيس العائلات بخطورة تسربات غاز المدفئة الذي أسفر عن حصيلة ثقيلة، من خلال تدخلات الحماية المدنية وتقديم الإسعافات للمتضررين والمصابين. وفي سياق آخر، نجحت مؤسسة «نفطال» خلال الأسبوع الماضي، في توفير ما يقارب 800 قارورة غاز في الأسبوع لكل بلدية محرومة من مشروع غاز المدينة، منها العلمة شطايبي وسرايدي. كما تمت محاربة المضاربين من خلال توفير كميات معتبرة من غاز البوتان ب20 نقطة تجمع، إلى جانب 12 محطة بعنابة. على صعيد آخر، برمجت مصالح الأشغال العمومية 12 عملية تخص تهيئة وترميم الطرق المتضررة من الأمطار الأخيرة، بعد تسجيل 22 نقطة سوداء كانت وراء الفيضانات الأخيرة وتسرب مياه الأمطار إلى الطرق وأقبية العمارات، والعملية مستمرة بعد رصد غلاف مالي معتبر قدره 22 مليار سنتيم لتجديد كل المحاور والطرق التي لا يزال بعضها عبارة عن ورشات مفتوحة بسبب طبيعة الأرضية الفيضية. وفي سياق آخر، استقبلت مصلحة الاستعجالات بمستشفى ابن رشد بعنابة، أكثر من 250 مصابا إثر تعرضهم للسقوط وحوادث المرور المختلفة، إلى جانب إصابتهم بحروق طفيفة جراء الحوادث المنزلية التي تكثر خلال فصل الشتاء. وعن التضامن، وسعت عدة جمعيات بالتنسيق مع الهلال الأحمر ومديرية النشاط الاجتماعي من نشاطاتها، حيث دعمت العائلات الفقيرة والمحرومة بالأغطية والأفرشة والمؤونة، مع تقديم المساعدة للمتشردين والأفارقة وإيواؤهم من البرد القارس وتقديم ما يقارب 500 وجبة ساخنة في اليوم. ❊هبة أيوب بالنظر إلى ما قدموه بالمسيلة ... المواطنون وبالإجماع: «ربي يحفظ وليداتنا» عرفت العديد من بلديات ولاية المسيلة، خاصة الشمالية منها، على غرار ونوغة والمعاضيد والدهاهنة، إضافة إلى بلدية جبل أمساعد في الأيام القليلة الماضية، قطع الطرق الوطنية والولائية بسبب التقلّبات الجوية الأخيرة التي عزلت عدّة قرى ومشات، وهي الهبة التضامنية التي قامت بها فرق الدرك الوطني التي برمجت مخطّطا استعجاليا يهدف إلى فكّ العزلة عن العديد من القرى وفتح الطرق، بتسخير كلّ الوسائل والعتاد من كاسحات ثلوج وآليات من شاحنات وجرافات، بالتنسيق مع الجهات الوصية. استعان أفراد الفرقة الإقليمية للدرك الوطني ببلدية ونوغة، خاصة على مستوى الطريق الوطني رقم 60 -الذي عرف تساقطا كثيفا للثلوج أدى إلى انقطاع الطريق بالنظر لمنحدراته الوعرة- بكاسحات الثلوج في أكثر من مرة، وهو العمل الذي مسّ الطريق الرابط بين ولايتي المسيلة وبرج بوعريريج، والذي عرف بدوره تساقطا كثيفا للثلوج، إلاّ أنّ غلقه في وجه المارة لم يدم طويلا بفضل تجنّدهم. ورغم برودة الطقس، إلا أن أفراد الدرك الوطني ظلوا يلازمون الطرق بهدف تحسيس السائقين بواجب أخذ الحيطة والحذر، وهو العمل نفسه الذي قامت به فرق كل من المعاضيد والدهاهنة، حيث عملوا على فكّ العزلة عن عدّة مداشر ومشاتي بلدية الدهاهنة، وتمّ فتح الطريق الوطني رقم 42 الرابط بين البلدية والولاية، في حين تدخّلت وحدات الجيش رفقة الدرك الوطني بالمخرج الشمالي لمدينة سيدي عيسى لفتح الطريق الوطني رقم 08 في وجه المارة، وبالضبط في الحدود بين ولايتي المسيلة والبويرة. وحدات الحماية المدنية بالولاية لم تكن بمنأى عن هذه التدخلات، حيث أحصت -حسب المكلف بالإعلام بمديرية الحماية المدنية بلال نعيجي- 44 تدخلا، بما فيهم حادث مرور خلف جريحا، فضلا عن فتح طريق بلدي على مسافة 02 كلم، يربط قرية الصرايش ببلدية أولاد منصور. في حين قامت عناصر الأمن في الولاية والمدن الكبرى على غرار بوسعادة وسيدي عيسى، ومقرة وحتى حمام الضلعة بخرجات ميدانية، بالتنسيق مع مديرية التضامن والشؤون الاجتماعية، وحضور جمعية التضامن وعناصر الحماية المدنية، إلى عدة نقاط بمدينة المسيلة، بهدف تقديم مساعدات لأشخاص بدون مأوى. لقيت هذه المبادرة الجوارية استحسانا ورضا كبيرين من قبل هؤلاء الأشخاص، معربين عن شكرهم الكبير لجهاز الشرطة على مثل هذا العمل الجواري. كما قامت عدّة جمعيات ذات طابع اجتماعي خيري بتوزيع البطانيات ومواد غذائية مختلفة على العائلات المعوزة، حملت في معظمها شعار «شتاء دافئ «. ولم يجد المواطن المسيلي ما يقول فيما قام به عناصر الدرك الوطني والأمن وكذا مديرية النشاط الاجتماعي خلال موجة الثلج هذه، وعمله على فتح المسالك وفك العزلة عن القرى والمداشر والتكفل الأمثل بالمواطنين الذين علقوا في الطرق، وتوزيع البطانيات من طرف الجمعيات سوى القول «ربي يحفظ وليداتنا». ❊جمال ميزي