تنفيذا لأوامر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في آخر اجتماع لمجلس الوزراء المنعقد في 28 ديسمبر الماضي، المتعلقة بوضع التقسيم الإداري الجديد لولايات الهضاب العليا في 2017، أعلن وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي أول أمس، رسميا عن ترقية مدينة بوسعادة إلى ولاية منتدبة قبل نهاية العام.هذا القرار الذي شكل حدثا بارزا لدى البوسعاديين، سيمكن مدينة الدين والثقافة والفن والتاريخ وبوابة السياحة الجنوبية، من تحسين أداء التسيير المحلي والتكفل بشكل أفضل بشؤون مواطنيها الذين طالما انتظروا هذا الخبر السار. أكد السيد بدوي في كلمته أمام فعاليات المجتمع المدني والحركات الجمعوية لولاية المسلية بمناسبة اليوم الثاني من زيارته الميدانية لهذه الولاية، أنه وتطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، سيتم ترقية مدينة بوسعادة لولاية منتدبة قبل نهاية سنة 2017، معلنا بالتالي عن قرب تجسيد برنامج التقسيم الإداري الخاص بولايات الهضاب العليا، الذي سيتم من خلاله ترقية عدد من الدوائر إلى ولايات منتدبة، طبقا للمخطط الذي سبق أن أعلن عنه الرئيس بوتفليقة في جانفي 2015، عندما ترأس مجلسا وزرايا خصص حصريا للتجنيد من أجل دعم التنمية في مناطق الجنوب والهضاب العليا، حيث أبرز رئيس الجمهورية بالمناسبة تجند الدولة على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي لصالح التنمية بمناطق الجنوب، مؤكدا في نفس السياق مكانة الهضاب العليا التي تعتبر العمود الفقري الذي ترتكز عليه الإستراتيجية الوطنية لتهيئة الإقليم، على حد تعبيره. تبعا لقرارات الرئيس، عملت السلطات العمومية على تجسيد التقسيم الإداري الجديد لولايات الجنوب، والذي ترتب عنه ميلاد 10 ولايات منتدبة، بموجب المرسوم التنفيذي الصادر في جوان 2015، ويتعلق الأمر بكل من تيميمون، برج باجي مختار، إن أمناس، عين صالح، تقرت، جانت، علاوة على المغير والمنيعة وأولاد جلال وبني عباس. في حين تعمل ذات السلطات حاليا على استكمال الروتوشات الأخيرة المتعلقة بالتنظيم الإداري الجديد الذي سيمس ولايات الهضاب العليا، ويهدف بالأساس حسبما أكده الرئيس بوتفليقة في اجتماع مجلس الوزراء الأخير إلى مواصلة مسار تحسين أداء المرفق العمومي وترقية التسيير المحلي من خلال تقريب المرفق العام من المواطنين، لا سيما عبر التخفيف من ثقل المهام والفضاء المتكفل به من قبل الجماعات المحلية والخلايا الإدارية من جهة، واستغلال التقنيات الحديثة والوسائل العصرية في خدمة المواطن من جهة أخرى. هذا المسار الذي سيتعزز في مرحلة قادمة بوضع تقسيم إداري جديد على مستوى مناطق شمال البلاد، وصلت مراحل تطبيقه، حسبما كشفت عنه «المساء» مؤخرا استنادا إلى مصادر مسؤولة بوزارة الداخلية إلى تشخيص نحو 14 ولاية منتدبة بالهضاب العليا، ودراسة المعايير التي تؤهلها إلى هذا المصف وفق مبدأ اقتصادي محض يأخذ بعين الاعتبار القدرة على تحقيق التنمية وتشجيع الاستثمار وخلق مناصب الشغل. كما يندرج ضمن المقاييس المعتمدة من قبل فوج العمل الذي شكلته الداخلية لهذه المهمة، معاينة مدى قدرة وإمكانية الجماعات المحلية المستهدفة على لعب دورها كاملا في الجانب الاقتصادي للولايات المستحدثة. وهو الدور الذي لن تتخلف بوسعادة عن تأديته بالنظر إلى الخصوصيات الحضارية والمؤهلات الاقتصادية التي تزخر بها، لا سيما في مجال السياحة التي تعرف انتعاشا ملحوظا في الفترة الأخيرة مع تدعيم هياكلها السياحية بمرافق جديدة، أبرزها فندقي «القايد» و«كردادة» العريقين. اعتماد هذه المعايير يبرز بأن اختيار الولايات المنتدبة الجديدة لا يتم عشوائيا، بل يراعي مواصفات موضوعية ومؤهلات ينبغي أن تتوفر لدى الدوائر المعنية التي بمقدورها خلق ثروتها بالاعتماد على مواردها واستثماراتها وعلى الاستقلالية المالية التي تسمح لها بتمويل جزء كبير من نفقاتها تكريسا لمبدأ اللامركزية في التسيير الذي تتوخى الدولة تجسيده بشكل فعلي، لا سيما وأن الإستراتيجية التي حددها رئيس الجمهورية للتنظيم الإداري الجديد، ترمي إلى التمهيد لجعل هذه الولايات المنتدبة في مرحلة لاحقة ولايات قائمة بذاتها وذلك بعد تقييم أدائها وتوسيع مهامها وصلاحياتها. مع الإشارة إلى أنه من أبرز المهام الممنوحة لهذه الولايات المنتدبة الجديدة، حسب وزير الداخلية، الإسهام في مرافقة البلديات المتواجدة بها للنهوض بالتنمية وخلق تنافسية وجاذبية إقليمية تعزز قدراتها في مجال خلق الثروة وفقا للنموذج الاقتصادي الجديد. في انتظار الكشف عن الولايات المنتدبة الجديدة الأخرى التي ستلتحق ببوسعادة على مستوى مناطق الهضاب العليا وبالولايات المنتدبة العشر الأخرى التي سبق إحداثها ودعمها بغلاف مالي قدر ب16,6 مليار دينار بمناطق الجنوب، تواصل الدولة تنفيذ مختلف محاور وأهداف تحسين التسيير المحلي، ودعم مخطط تطوير الجباية المحلية، وتجسيد مختلف التوصيات التي توجت اجتماع الحكومة والولاة في نوفمبر الماضي، بغرض الوصول إلى استراتيجية شاملة ومتكاملة، تقوم على تحسين الحكامة على المستوى المحلي من خلال الاعتماد على المقاربة التشاركية التنموية المباشرة، ترتكز على تقريب الإدارة من المواطن وكذا تقريب المستثمر من الإدارة، تكريسا لمبدأ العدل في التنمية بين مختلف أقاليم ومناطق الوطن.«المساء» استطلعت أمس، عديد الأعيان والأوزان الشعبية والمواطنين ببوسعادة عن قرار ترقية دائرتهم إلى ولاية منتدبة، فأجمعوا على أنهم ظلوا ينتظرون هذا القرار منذ نهاية الثمانينات، وأن حكومات متلاحقة ومسؤولين وعدوهم ب«الولاية» لكن كل تلك الوعود لم تتحقق، وعليه فهم يقدمون شكرهم الجزيل للرئيس بوتفليقة لأنه الوحيد الذي التزم بوعده، واعتبروا ذلك «وعدا صادقا». كما عبروا عن امتنانهم لحكومة سلال، وإلى وزير الداخلية الذي كانت زيارته أمس الأول فأل خير عليهم وجاءهم بالبشرى. @ م/ب